تميز العصر الإسلامي بغزارة عمائره الدينية، والتي أساسها بيوت الله المساجد، والجوامع، وسُمّيت المساجد بهذا الاسم : باعتبارها مكان للسجود، والمكان الذي أعد للصلاة فيه على الدوام، ويطلق على المسجد هذه التسمية إذا كان صغير الحجم، وهو مكان مهيئ للصلوات الخمس، أمّا إذا كان كبير الحجم فيُسمى جامعًا ، لأنه علامة لاجتماع عدد كبير من الناس للصلاة فيه وكذلك لإقامة صلاة الجمعة فيه أيضا، ويُقال لكل جامع مسجد، وليس كل مسجد جامع.
ونستعرض معكم عبر بوابة «دار الهلال» خلال شهر رمضان الكريم، يوميًا، مساجد وجوامع تاريخية، وسنلقي الضوء على الجوامع التاريخية في مصر بشكل عام ومدينة القاهرة التي عرفت بمدينة الألف مأذنة بشكل خاص، ونستكمل في اليوم الثامن عشر من رمضان 1445 هـ، في جولة مع مسجد السيدة نفيسة .
يعد مسجد السيدة نفيسة من أحد أهم الجوامع التاريخية الأثرية في القاهرة، والذي يقع في حي يحمل نفس اسم المسجد، وهو يقع ضمن مقابر تاريخية مشهورة تعرف "بالقرافة"، أنشأ المسجد لإحياء اسم السيدة نفيسة وهي من آل بيت رسول الله محمد وقد بني المسجد على ضريحها.
أشار المقريزي في مصادره أن أول من بنى على قبر السيدة نفيسة، هو عبيد الله بن السري والي مصر من قبل الدولة العباسية، ثم أعيد بناء الضريح في عهد الدولة الفاطمية حيث أضيفت له قبة، وتم تسجيل تاريخ العمارة على لوح من الرخام وضع على باب الضريح ويحمل اسم الخليفة الفاطمي المستنصر بالله وألقابه.
وأعيد ترميم القبة في عهد الخليفة الحافظ لدين الله بعد أن حدثت فيها بعض التصدعات والشروخ، وتم كساء المحراب بالرخام سنة 532هـ.
قصة دفن السيدة نفيسة في مصر
بعد وفاة السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أراد زوجها أن يحملها إلى المدينة المنورة ليتم دفنها بالبقيع، ولكن عدما علم المصريون هرعوا إلى الوالي عبد الله بن السري بن الحكم الذي كان أميرًا لمصر من سنة 206 إلى سنة 211 هـ، واستغاثو به عند زوجها ليرده ولكنه لم يستجيب، فجمعوا له مالا كثيرا وأعادو الطلب بأن يدفنها عندهم فرفض أيضا، فشعرو بالألم ونامو وهم يشعرون بالحزن الكبير، لكنهم عند الصباح في اليوم التالي وجدوه مستجيبا لرغبتهم، وعندما سألوه عن السبب قال: رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول لي رد عليهم أموالهم وادفنها عندهم.