الجمعة 10 مايو 2024

الهند واليابان تدخلان المنافسة الصين تقود سباق التسلح فى آسيا

صورة أرشيفية

1-4-2024 | 01:23

تقرير: أمانى عاطف
شبح يطارد آسيا - من الجيوش المدججة بالأسلحة والبنادق المحشوة التى تبحث عن عمل استفزازى متعمد أو مجرد سوء تقدير بسيط للانغماس فى حرب شاملة، تتجه منطقة آسيا والمحيط الهادئ نحو لحظة قلقة ومسلحة بشكل جيد مع أصداء صراعات قديمة ومخاطر فورية، وبسبب الهزات الناجمة عن التعزيز العسكرى الصينى والتهديدات الإقليمية - إلى جانب الحرب فى أوكرانيا تعمل الدول فى جميع أنحاء المنطقة على تعزيز ميزانيات الدفاع والتدريب المشترك وتصنيع الأسلحة والبنية التحتية الجاهزة للقتال. من تركيا فى أقصى الغرب والدول العربية فى المنتصف إلى الهند والصين وكوريا الجنوبية واليابان إلى كوريا الشمالية التى لا يمكن التنبؤ بتصرفتها على نطاق واسع، نسدل الستار على سباق التسلح من الأسلحة وأجهزة الاستشعار مع ارتفاع الإنفاق الدفاعى إلى مستويات غير مسبوقة. شهدت أوربا ارتفاعًا كبيرًا فى واردات الأسلحة، مع زيادة بنسبة 94 فى المائة فى الفترة من 2014-2018 إلى 2019-2023، وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن معهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلامSIPRI. على الرغم من هذه الطفرة الأوربية، فإن الكميات الأكبر من الأسلحة كانت تتجه إلى آسيا وأوقيانوسيا والشرق الأوسط، وهى المناطق التى تستضيف تسعة من أكبر عشرة مستوردين للأسلحة على مستوى العالم. بلغ الإنفاق الدفاعى فى الاتحاد الأوربى رقمًا قياسياً نحو 240 مليار يورو، حيث زاد الإنفاق الدفاعى الأوربى لعام 2022 بنسبة 6 فى المائة عن العام السابق، بينما بلغ الإنفاق الدفاعى فى آسيا رقما قياسيا قدره 510 مليارات دولار فى عام 2023، وارتفع الإنفاق العسكرى العالمى بنسبة 9 فى المائة على أساس سنوى فى العام الماضى ليصل إلى مستوى قياسى بقيمة 2.2 تريليون دولار، حيث أدت الصراعات إلى تفاقم انعدام الأمن العالمى، ومن المتوقع أن يرتفع الإنفاق هذا العام مع الحرب الإسرائيلية فى غزة وتصاعد التوترات فى منطقة المحيطين الهندى والهادى. القوة الدافعة وراء واردات آسيا من الأسلحة هو الخوف بشأن طموحات الصين الإقليمية، ولكنه ليس العامل الوحيد. إن سباق التسلح الآسيوى يحركه تفاعل معقد من العوامل، بما فى ذلك ديناميكيات القوة الإقليمية والأسلحة العدوانية التى تصنعها الصين، والنزاعات الإقليمية مثل تلك الموجودة فى جبال الهيمالايا المرتفعة بين الصين والهند والتقدم التكنولوجى مثل الصواريخ التى تفوق سرعتها سرعة الصوت. فى حين شهدت عمليات نقل الأسلحة العالمية انخفاضًا طفيفًا، ظلت واردات آسيا وأوقيانوسيا من الأسلحة كبيرة. يلقى تقرير معهد ستوكهولم الدولى لبحوث السلام الضوء على الكيفية التى تعيد بها تصرفات الصين تشكيل المشهد الأمنى فى آسيا، مما يدفع الدول إلى تعزيز دفاعاتها ردا على التهديدات المتصورة. وأضاف تقرير المعهد أن «واردات الأسلحة زادت من جانب اثنتين من جيران الصين فى شرق آسيا، اليابان بنسبة 155 فى المائة وكوريا الجنوبية بنسبة 6.5 فى المائة» وليس تقرير المعهد وحده يلقى باللوم على الصين، ولكن تقرير المخابرات الأمريكية أيضا . فقد ارتفعت واردات الأسلحة فى آسيا، حيث قادت اليابان وأستراليا والهند عمليات الاستحواذ. ويتزايد سباق تسلح الغواصات مع شروع الصين فى إنتاج جيل جديد من الغواصات المسلحة نوويًا والتى من المتوقع أن تشكل لأول مرة تحديًا للجهود المتزايدة للولايات المتحدة وحلفائها لتعقبها. تظل الهند أكبر مستورد للأسلحة فى العالم، مع زيادة طفيفة فى واردات الأسلحة التى تعزى إلى تنويع الموردين خارج روسيا. بين عامى 2014-2018 و2019-2023، شهدت الهند زيادة بنسبة 4.7 فى المائة فى وارداتها من الأسلحة. فى حين استمرت روسيا فى كونها المورد الرئيسي، حيث ساهمت بنسبة 36 فى المائة من إجمالى واردات الهند من الأسلحة. وتشهد اليابانأكبر زيادة فى ميزانيتها الدفاعية، البالغة 48 مليار دولار، فى إطار سعيها إلى التخلص من أغلال النزعة السلمية المفروضة. ويشكل الوجود العسكرى المتنامى للصين فى بحر الصين الشرقي، وخاصة أنشطتها بالقرب من جزر سينكاكو المتنازع عليها، المحرك الرئيسى لإعادة تسليح اليابان. كما تستلزم اختبارات الصواريخ البالستية التى تجريها كوريا الشمالية وطموحاتها النووية اتخاذ موقف دفاعى قوي. وكوريا الجنوبية ليست بعيدة عن الركب بمبلغ 54 مليار دولار فى عام 2024 والتى كانت ميزانية دفاعية قياسية. شهدت الصين فى ميزانيتها الدفاعية الرسمية وفقًا لتقدير معهد ستوكهولم البحثى زيادة هائلة بنسبة 7 فى المائة فى السنة المالية 2024 بقيمة 230 مليار دولار، مما يجعلها ثانى أكبر منفق فى العالم على الدفاع. كما أسقطت الإشارة إلى التوحيد السلمى لتايوان فى أحدث إجراءاتها، مما يشير إلى تصاعد التوترات. ويشكل هذا الإنفاق العسكرى الضخم من جانب الصين محركًا رئيسيًا لسباق التسلح فى آسيا. منذ عام 2020، أنفقت الصين أموالًا أكثر من أى دولة آسيوية تهدف إلى تحويل جيش التحرير الشعبى إلى قوة قتالية من الطراز العالمي. وهذا يشمل استثمارات كبيرة فى القوة البحرية وحاملة طائرات جديدة محلية الصنع،ومدمرات متقدمة مثل النوع 055، بينما شمل تحديث القوات الجوية J-20،وهى طائرة مقاتلة شبحية من الجيل الخامس مصممة لمنافسة طائرات F-22 وF-35 الأمريكية. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الصين تعتزم زيادة إنتاجها من الأسلحة النووية. وارتفع مخزون الصين من الرؤوس الحربية النووية بنسبة 17 فى المائة فى عام 2022 ليصل إلى 410 رءوس نووية. فى السنوات القليلة الماضية، تعاقدت الفلبينالتى دخلت فى خلاف مع الصين بشأن مطالبات بحرية وإقليمية فى بحر الصين الجنوبي، على شراء أربع سفن حربية من شركة هيونداى للصناعات الثقيلة فى كوريا الجنوبية مقابل أقل قليلا من مليار دولار. بالإضافة إلى ذلك، توقيع عقود على صفقة شراء صواريخ براهموس من الهند بقيمة 375 مليون دولار. كما تعمل إندونيسيا على تحديث قواتها البحرية، حيث اشترت ثلاث غواصات والعديد من السفن الحربية الجديدة فى السنوات الأخيرة. وإذا نظرنا إلى هذا من خلال عدسة جيواستراتيجية، فيمكن تفسيره على أنه دليل على تراكم الأسلحة فى دول جنوب شرق آسيا التى تتطلع إلى كبح جماح الصين وطموحها المتزايد. تعد الولايات المتحدة هى أكبر مصدر للأسلحة وساعدت الزيادة فى الإنفاق من قبل حلفائها على توسيع ريادتها كأكبر مصدر للأسلحة، حيث وصلت نسبتها إلى 42 فى المائة من السوق العالمية، ارتفاعًا من 34 فى المائة فى الفترة 2013-2018. وانخفضت حصة روسيا بشكل كبير منذ ذلك الحين. يرى المحللون أن النقطة الحتمية التى ينبغى أن نلاحظها فى عملية إعادة التسلح الضخمة التى تقوم بها بلدان آسيا ـ وخاصة الهند والصين، هى أنها تهدف إلى تحقيق الهدف المزدوج المتمثل فى الأمن والمكانة. وظهور القرن الآسيوى يدفع هذه الدول أيضًا إلى تسليح نفسها لتتناسب مع مكانتها كاقتصادات ضخمة ذات ذكريات استعمارية لا تزال حية. وتُظهِر عملية إعادة التسلح مدى عجز الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات عن السيطرة على بؤر التوتر وإدخال القواعد الدبلوماسية الدولية فى مجال الحد من التسلح، حيث أن الحد من الأسلحة كخيار دبلوماسى قد مات. ومع افتقار الدبلوماسية فإن معالجة الأسباب الكامنة وراء التوترات الإقليمية وتعزيز الحلول السلمية ليس خيارا واردا، لا توجد خريطة طريق واضحة لآسيا المستقرة والآمنة. من المحتمل أن يكون الضوء الموجود فى نهاية النفق الآسيوى صادرًا عن قطعة مدفعية مدوية.