الحكمة صناعة لطالما ظلت تحتكرها مصر.. صناعةٌ لطالما ظلت تبتكرها مصر .. ومن أول صفحة وحتى آخر صفحة وفي مستهل كل صفحة من صفحات التاريخ .. شعبٌ لا يندثر في أرض لا تموت.. نورها قد يخفت قليلاً لكنه أبداً لا ينطفئ.. وفي كل زمان يأتي الزمان بإبنٍ من أبنائها حافظٌ للعهد وقاطعٌ للوعد.. يحافظ عليها من أعدائها مثلما حافظ عليها أجداده من قبله.. ويقسم على ذلك اليمين.
ابنٌ من أبنائها يملك حكمة البصيرة قبل البصر فيتخذ بها ومعها قرارات صائبة تكسر بها ومعها مصر فى أصعب اللحظات حواجز يراها أصدقاؤها قبل أعدائها عصيةً على الاجتياز.. يرى مجدها فى نهاية الطريق فيضع أقدامه على الطريق ويمضى بصبرٍ وثقة وثبات حتى يكمل مع الشعب الطريق.
وفى ١٨ ديسمبر الماضي أُعلِن اختيار شعب مصر مجدداً للرئيس عبد الفتاح السيسى نسراً فى قلب علَمِها .. واليوم 2 أبريل ٢٠٢٤ أدى الرئيس السيسى اليمين الدستورية رئيساً لجمهورية مصر العربية.. أداه من قلب عاصمتها الجديدة.. ورفع رايتها خفاقةً إيذاناً ببزوغ شمس جمهوريتها الجديدة.. ومن برلمانها وصرح شعبها الشامخ ألقى خطاب أداء اليمين.
وعندما أدى السيسي اليمين، تلا عباراته بلسانه وعقله.. وبقلبه وروحه كان يدعو الله تعالى فيستلهم من آيات القرآن الكريم ما يعينه كى يظل "عوداً لظهر مصر لا ينكسر" .
ألقى السيسى خطابه رئيساً لكل المصريين.. والمصريون أول من علموا البشرية أن البيوت أسرار.. ومثلما قال أحد أبرز حكامها قبل آلاف السنوات "مصر البيت العتيق.. أسرارها محفورة على الجدران .. ولا أحد غير الأبناء يعرف الأسرار".
ومن قلب العاصمة الجديدة لمصر العتيقة جاءت رسائل الرئيس السيسى للمصريين اليوم كاشفة عن عزيمته الصادقة بتحقيق آمال وتطلعات المصريين وحلمهم في أن تتبوأ الأمة المصرية المكانة العظيمة التى تستحقها بين الأمم .. خاطبهم بعهدٍ ووعد بأن يظل أميناً على حلمهم وحافظاً لمصالحهم ومكانة أمتهم.
وبين ثنايا سطور خطابه من العاصمة الجديدة بلغت مسامع الشعب رسائل القائد مفعمة بالثقة والأمل وروح الانتصار.. وفي كل سطر من سطورها كان جوهر الرسالة للمصريين أن يعتصموا بحبل الله جميعاً ولا يتفرقوا.. وبكلمات واضحة جلية أكد السيسي أن وحدة شعبنا هي الضمانة الأولى للعبور بهذا الوطن إلى المكانة التي يستحقها مثلما كان تحرك المصريين وقائدهم كرجل واحد الفيصل منذ اليوم الأول لإنقاذ الوطن من براثن التطرف والدمار والانهيار.
واستهل السيسي خطابه التاريخي بتوجيه الشكر والتقدير لشعب مصر "رمز الأصالة والعزة والصمود" تأكيداً وتوكيداً على كونه صاحب الكلمة والقرار فى تجديد الثقة لقيادته الوطن لفترة رئاسية جديدة .. نعم لم يكن السيسي في شكره لشعبه بعيداً عن عمق ما يكمن وراء قرار شعبه باختياره من رمزية لأصالة معدن الشعب وصموده في مواجهة التحديات لبلوغ هدف العزة والمجد الذي ينشده كل مصري.
وفي خطابه، جدد السيسي عهده ووعده بإنفاذ إرادة شعبه لاستكمال مسيرة بناء الوطن وتحقيق تطلعات الأمة المصرية العظيمة.. في بناء دولة حديثة ديمقراطية متقدمة في العلوم والصناعة والعمران والزراعة والآداب والفنون.
وفي ثنايا رسائل السيسي اليوم من العاصمة جسد قناعته بأن مصرنا لا تملك رفاهية الانتظار لتحقيق أحلام شعبها وبلوغ مكانتها .. وأننا فى سباق مع الزمن وطريقنا ليس مفروشاً بالورود منوهاً بأن مصر بمعدن شعبها النادر - الذي تزيده جسامة التحديات قوة - قطعت شوطاً كبيراً فى فترة زمنية وجيزة على طريق بلوغ هذا الهدف والتحديات.
وفى رسائله من العاصمة اليوم حدد الرئيس للشعب ملامح وأهداف العمل الوطني في الداخل والخارج خلال فترته الرئاسية الجديدة وفى مقدمتها أولوية حماية وصون أمن مصر القومي.. وعلى الصعيد السياسي تعهد باستكمال وتعميق الحوار الوطني خلال المرحلة المقبلة.. وتنفيذ التوصيات التي يتم التوافق عليها.. على مختلف الأصعدة .
وعلى الصعيد الاقتصادى، عكست رؤية الرئيس السيسي في خطابه التاريخي تصميمه على تبنى إستراتيجيات تعظم من قدرات وموارد مصر الاقتصادية وتعزيز دور القطاع الخاص كشريك أساسي في قيادة التنمية.
وتعهد السيسي في مستهل ولايته الجديدة بتبني إصلاح مؤسسي شامل يهدف إلى ضمان الانضباط المالي وتحقيق الحوكمة السليمة من خلال ترشيد الإنفاق العام وتعزيز الإيرادات العامة والتحرك باتجاه مسارات أكثر استدامة للدين العام .
وشدد الرئيس في الوقت نفسه على اعتزامه تعظيم الاستفادة من ثروات مصر البشرية من خلال زيادة جودة التعليم لأبنائنا.. وكذا مواصلة تفعيل البرامج والـمبادرات، الرامية إلى الارتقاء بالصحة العامة للمواطنين.. واستكمال مراحل مشروع التأمين الصحي الشامل.
وتعهد كذلك بدعم شبكات الأمان الاجتماعي وزيادة نسبة الإنفاق على الحماية الاجتماعية واستكمال إنجاز مراحل مبادرة "حياة كريمة" والاستمرار في تنفيذ المخطط الاستراتيجي للتنمية العمرانية واستكمال إنشاء المدن الجديدة من الجيل الرابع.
رسائل شاملة واضحة جسدت رؤية متكاملة لفترة رئاسية جديدة في منعطف مصيري للأمة المصرية .. رؤية طموحة لجمهورية جديدة يتحول معها حلم مصر الكامن فى وجدان شعبها لواقع ملموس.
وفي أزمنة ملاحم الأمم، تحتاج أمة بقدر مصر وقامتها .. بقدر حكمتها .. بعمق تحضر شعبها وحضارتها .. تحتاج الأمة المصرية دوماً مسافات زمنية حتى تتحول وقائع حاضرها الى كتابات ثم إلى تاريخ.
وفي ملحمة ميلاد مصر الجديد بجمهوريتها الجديدة الآن ذابت المسافات بين الأزمان .. ومن يملك البصيرة سيدرك كيف اجتازت مصر الآن كل المسافات الزمنية بين الحدث .. وكتابة الحدث .. وتأريخ الحدث .. نعم تاريخٌ جديد تكتبه مصر اليوم فى حاضرها لحاضرها.. ومن يملك البصيرة لا يستغرب أن يسمع ويقرأ اليوم رسائل تاريخ جديد من حاضرتها أو بالأحرى من عاصمتها الجديدة .. وسيدرك قبل ذلك أن فى هذه الرسائل الخير والحق والسلام ولو كره الحاقدون.