الناس والرئيس فى الولاية الجديدة
الكاتب الصحفي عبد القادر شهيب
الناس يريدون من الرئيس الكثير فى الولاية أو الفترة الرئاسية الجديدة.. إنهم. يريدون حزمة من المطالَب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ويتطلعون تحقيقها خلال السنوات الست المقبلة التى بدأت أمس..
اقتصاديا. أهم ما يريده الناس من الرئيس هو القضاء على الغلاء الذى عانوا منه بشدة. خلال آخر سنتين ومازالوا يعانى منه عامنا الحالى لارتفاع معدل التضخم رغم بعض التراجع الذى شهده إلى نحو ٣٥ فى المائة، وهو معدل كبير إذا قورن بالعديد من الدول صاحبة الاقتصادات الآخذة فى النمو والتى لا يتجاوز معدل التضخم فيها رقما أحاديا، أى أقل من عشرة فى المائة.
وحتى يتحقق ذلك فإنه يقتضى إنجاز إصلاح اقتصادي شامل لا تنخفض فيه قيمة الجنيه ويزيد فيه الإنتاج الوطنى، وبالتالى تزيد الاستثمارات والصادرات وتنخفض الواردات. وعندما دعا الرئيس إلى استمرار الحوار الوطنى مع تركيزه على الأمور والجوانب الاقتصادية فهو كان يستجيب مبكرا لأهم مطلب شعبى فى البلاد الآن.. فإن الإصلاح الاقتصادى الناجع والشامل يحتاج كما أعلن رئيس الحكومة إلى إصلاح المسار الاقتصادى وإخضاع كل السياسات. الاقتصادية للمراجعة لاختيار سياسات تحقق لنا ما نصبو إليه من تجاوز الأزمة الاقتصادية التى عانينا منها، وأربكت أحوالنا الاقتصادية، وأصابتنا بغلاء شديد عانى منه الأغلب الأعم من المصريين..
إن توقعات صندوق النقد الدولى للتضخم فى البلاد تشير إلى انخفاضه إلى 23 فى المائة مع نهاية العام المالى الحالى، أى نهاية شهر يونيو المقبل، واستمرار انخفاضه إلى قرابة النصف (15) فى المائة مع نهاية العام المالى المقبل أى فى نهاية يونيو 2025.. وتحقيق هذه التوقعات مرهون بزيادة معدل النمو الاقتصادى وعدم انخفاض. قيمة الجنيه التى كانت السبب فى انفلات التضخم العام الماضى. وتحقيق ذلك يقتضى أن نتفق خلال الحوار الوطنى على أفضل السياسات الناجعة فى هذا الصدد، وأن نخوض عملية الإصلاح الاقتصادى جبهة واحدة متوافقة، وهذا يجعل الحوار الوطنى الاقتصادى مهماً وضرورياً ومنفتحاً وليس حوارا لتبرير سياسات سابقة وقرارات اقتصادية اتخذها القائمون على إدارة اقتصادنا وخلت من التوفيق أو كان يسبقها فى الأولوية قرارات أخرى.
ومع الإصلاح الاقتصادى يتطلع الناس أن نمضى بخطى أوسع فى طريق الإصلاح السياسى لإعداد البلاد سياسيا لمواجهة الاستحقاق السياسى الانتخابى الرئاسى فى عام 2030 والذى نحتاج لاجتيازه بسلام أن تكون لدينا كيانات سياسية مدنية قوية تقدر على مواجهة أي محاولات من قبل الإخوان ومن على شاكلتهم للعودة للتواجد سياسيا فى البلاد واستعادة الحكم مجددا، خاصة أنهم رغم تصفية وجودهم التنظيمى داخل البلاد مازال لهم وجودهم الإعلامى خارج البلاد، وما برح لديهم ما يفيض من الأموال الذى يمكنهم استخدامه فى تمويل محاولات عودتهم إلى الساحة السياسية المصرية بعد ست سنوات. وهناك بين توصيات الجولة الأولى من الحوار الوطنى عدد من التوصيات المهمة والضرورية لانجاز الإصلاح السياسى يتصدرها إجراء تعديل تشريعى لإعادة الحبس الاحتياطى إلى كونه مجرد إجراء احترازى وليس إجراء عقابيا. وبما أننا مقبلون على جولة ثانية من الحوار الوطنى تتركز على الإصلاح الاقتصادى فإن المشاركين فيه يتطلعون إلى تنفيذ كل توصيات الجولة الأولى فى المجال السياسى مع بداية الولاية الجديدة للرئيس التى ينتطر كثير من المصريين أن تكون مختلفة عنا سبقه من مراحل سياسية كنّا فيها مهتمين بمواجهة الإرهاب وممارسة العنف واستعادة الاستقرار السياسى وتحريك الاقتصاد الذى تعرض لتباطؤ النمو.
أما اجتماعيا فإن الناس يريدون الكثير أيضا من الرئيس فى الولاية الجديدة لعل أهمها إعطاء دفعة جديدة وقوية لمشروع حياة كريمة الذى تباطأت خطى تنفيذه ولم نفرغ من إنجاز مرحلته الأولى بسبب الأزمة الاقتصادية التى تعرضنا لها.. فإن الإصلاح الاقتصادى الذى شرعت فى تنفيذه الحكومة له آثاره الجانبية السلبية على أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة، ومن شأنه زيادة من يعيشون تحت خط الفقر، وهذا ما حدث عام 2016، ولذلك نحتاج أن يقترن الإصلاح الاقتصادى بخطى حثيثة ومؤثرة لانتشال أكبر عدد ممن يعيشون تحت خط الفقر أو المهددين بالوقوع تحته، وهنا تبرز أهمية مشروع حياة كريمة.. أن تنشيطه وتحريكه وتفعيله سيحمى كثيرين من الوقوع تحت خط الفقر وسوف يساعد فى انتشال عدد من الفقراء من الفقر الذى يعيشون فيه..
وهكذا إن الناس يطالبون الرئيس بالكثير فى فترته الرئاسية الجديدة، وكلهم أمل أن يحققها، فهم لا ينسون له ما فعله وقام به فى يونيو عام 2013، حينما انحاز الجيش الذى يقوده إلى الشعب وتمكنا أن نتخلص من حكم الإخوان الفاشى المستبد.. وكل ما يريدونه من الرئيس من شأنه أن يقوى من مناعتنا الوطنية ضد محاولات الإخوان للعودة إلى الساحة السياسية المصرية عام 2030، ولذلك كلهم أمل أن يحققه الرئيس لهم وللبلاد.