تعد الفلسفة الإسلامية من أرقى أنواع العلوم الإنسانية، حيث تعتبر بوابة لفهم حقائق غير ظاهرة في مختلف الميادين العلمية.

ويعتبرالفلاسفة المسلمون «الفلسفة» هي العلم الذي تميز به الأنبياء للوصول إلى مرحلة اليقين في المعرفة الإلهية وقام علماء الفلسفة المسلمين بتوظيف قوانين الفلسفة في استكشاف حقائق الأمور في جميع ميادين المعرفة. 

ونقدم خلال 30 يومًا من شهر رمضان 1445 هجرية،  إسهامات هؤلاء الفلاسفة في ميدان الفلسفة وكيفية ربطها بالعلوم الأخرى، في رحلةمع أبرز علماء الفلسفة في تاريخ الحضارة الإسلامية. 

 

يعد أحد أهم أئمة الإسلام، ومؤسس فرقة الأشاعرة، هو  أبو الحسن بن إسماعيل بن إسحاق بن داوود الأشعري البصري، الشهير بالإمام .. أبو الحسن الأشعري .

 

أنشأ مدرسة كلامية وفلسفية مازالت إلى الآن تخدم علماء المسلمين في تقصي حقائق الأمور العقائدية والفقهية. 

 

عرف بجمعه بين الأدلة العقلية والنقلية في تفسير العقائد، إذ فضل البحث  الأمور الدينية بكلا الطريقتين ليضمن بذلك الوصول إلى عميق  الدين والفهم، ترتيب علي ذلك تميز مذهبه بالوسطية والاعتدال خاصة مع أصحاب الديانات الأخرى. 

 

دافع "الأشعري" عن الدين الإسلامي ضد الهجمات الفكرية الخارجية، وساهم في نشر عقيدة أهل السنة والجماعة في جميع أنحاء العالم الإسلامي، لذلك اعتمدت الدولة العباسية مذهبه كمذهب رسمي للدولة.

 

ومن ضمن نظرياته الفلسفية واللاهوتية، هي الألفاظ والكلمات، التي عبر فيها أن الكلمات ما هي إلا لوصف شيء والدلالة عليه، فقوة الكلمة تكمن في قدرتها على تمثيل ووصف الفكرة، وانعكس ذلك على النظام الديني بأن الله يظهر بالغ حكمته في الألفاظ التي يستخدمها. 

 

وقدم الأشعري تفسيرات عن تأثير مختلف الألفاظ في العقول البشرية. 

 

تحدث أبو الحسن عن جوهر الأشياء والعرض، بأنه أصل تكوين الكائنات في الكون، وهو أصل تشكيل الموجودات بأنواعها المختلفة، فلايتأثر  الجوهر بالظاهر أو المتغيرات الحادثة في الخارج، أما العرض فهو أشارة إلى الشيء الخارجي والظاهر من الكائن الذي يتغير بمرورالوقت.

 

تكلم الأشعري عن العلاقة بين الإله والوجود، كما يفهم في اللاهوت الإسلامي، فالوجود هو شامل جميع الكون بما فيه من كائنات حية وغيرحية والوجود يعتمد علي موجود حي قبل خلقه وهو أصله ومركزه، ويفهم مضمون كلمة إله عند أبو الحسن الأشعري، أنه الواقع المطلق الذي لا يحد حدود وهو مصدر لجميع المستويات في الكون. 

 

يعتقد الأشعري أن نظرية العدالة الإلهية هي أن يتضمن كل شيء حقه ووضعه في مكانه المناسب انعكاسا للآية القرانية " أن كل شيءخلقناه بقدر" وكلا على قدر استعداده، ولا يظلم ربك أحد. 

 

وفسر الأشعري مفهوم القدر بأنه كل شيء محدد منذ البداية لجميع المخلوقات وفي ذات الوقت منح الله الإنسان الحرية الكاملة لكي يختار ما يشاء في حياته. 

 

 

واعتقد الأشعري مثل غيره من الفلاسفة والأئمة في العصور الوسطي، أن الإنسان قادر على الوصول إلى كافة المعلومات والمعارف فيالكون، بشرط أن يبدأ في ترك الأشياء الدنيوية، وعندها يعطيه الله هبه استخدام العقل في تقصي الأمور والمفاهيم التي كانت تصعب عليه في البداية، و قدم مفاتيح للوصول إلى المعارف منها العقل والمنطق الاستدلالي.

 

يعتبر الأشعري أن الحقيقة النهائية والأسمى هي الحقيقة الإلهية والتي تتمثل في معرفة الأسرار الإلهية  وقدرة الخالق وبذلك يصل الإنسانإلى المعارف التي تجذب له السعادة الحقيقة عكس السعادة الوهمية والمؤقتة التي يحصل عليها عند حصوله على المعارف الدنيوية الزائلة. 

 

 

توفي  الإمام أبو الحسن الأشعري عام 324 هجريا في بغداد ، بعد أن ترك العديد من المؤلفات التي مازالت تدرس إلى اليوم في مراكزالأبحاث الدينية في العالم الإسلامي.