الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

عرب وعالم

تقرير: وكالات الأمم المتحدة تضع استراتيجيات لإعادة إعمار غزة بعد الحرب

  • 7-4-2024 | 15:23

قطاع غزة

طباعة
  • أ ش أ

خلفت ستة أشهر من الحرب في غزة دمارا هائلا مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، بعد الهجوم الذي قامت به حركة حماس في إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، ووفقا لبيانات البنك الدولي، قُتل أكثر من 33,000 فلسطيني، وفقد أكثر من مليون منازلهم، وتعرض ما يقرب من 90% من المرافق الصحية للأضرار أو للتدمير، ودُمرت المدارس أو تحولت إلى ملاجئ للنازحين الجدد.

ولم يتضح بعد حجم الدمار والموت الذي ستتحمله غزة قبل أن يحل السلام في القطاع المضطرب، ولا طبيعة المجتمع الذي سيخرج من رحم الصراع. ولكن بعد ستة أشهر من بدء الأعمال العدائية، بدأت وكالات الأمم المتحدة بالفعل وضع استراتيجيات للمستقبل، رغم عدم اليقين.

وأكدت "آيا جعفر"، الخبيرة في اقتصاد العمل في منظمة العمل الدولية، أنه وفقا لتقديرات منظمة العمل الدولية، فُقِدت أكثر من 200 ألف وظيفة في غزة، وهذا نتيجة فقدان حوالي 90% من الوظائف في القطاع الخاص، و15% من الوظائف في القطاع العام، فضلا عن خسارة وظائف جميع العمال من غزة الذين كانوا يعملون في الاقتصاد الإسرائيلي.

وقدرت المنظمة كذلك أن خسائر الدخل هناك وصلت إلى 4.1 مليون دولار يوميا، وهو ما يعادل انخفاضا بنسبة 80% في الناتج المحلي الإجمالي للقطاع. 

وأفادت "جعفر" بأن أكثر القطاعات تأثرا بفقدان الوظائف في غزة هو قطاع البناء حيث سجل التراجع الأكبر بنسبة حوالي 96% في الربع الرابع من عام 2023 مقارنة بنفس الفترة من عام 2022، يليه قطاع الزراعة بنسبة حوالي 93%، والقطاع الصناعي بنسبة 92%، وقطاع الخدمات بحوالي 77% في الربع الأخير من 2023. وتظل هناك بعض القطاعات الحيوية التي اضطرت للاستمرار في العمل خلال الحرب، بما فيها القطاع الصحي وبعض المخابز والمحال التي تبيع مواد أولية يحتاجها الناس وبعض الصيدليات، كما قالت لنا الخبيرة في اقتصاد العمل.

وتشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن 25% من الأشخاص الذين قتلوا في غزة كانوا من الرجال في سن العمل. وقالت "آيا جعفر" إن فقدان هؤلاء "المعيلين" سيعني أن الأسر ستواجه الكثير من الصعوبات الاقتصادية بعد انتهاء الحرب.

وأضافت "هنا تصبح مشكلة انتشار ظاهرة عمل الأطفال مقلقة لأن هؤلاء الأطفال بدلا من أن يدرسوا، سيدخلون إلى سوق العمل". وشددت على أنه بعد الحرب مباشرة، ستكون بعض برامج التوظيف الطارئة "حاسمة لتوفير الدخل للعمال الذين فقدوا وظائفهم" ومساعدتهم على إعالة أنفسهم وعائلاتهم.

ومن المتوقع أن تحتاج المؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر إلى منح طارئة ودعم للأجور كجزء من عملية استعادة النشاط وتسهيل التعافي الاقتصادي المحلي. وستكون هناك حاجة أيضا إلى تنمية واسعة النطاق للمهارات والتدريب المهني.

وقالت "جعفر" إنه يتعين على جميع الجهات أن تعمل معا من أجل وضع استراتيجيات اقتصادية تهدف ليس فقط إلى دعم النمو الاقتصادي في فلسطين، وإنما أيضا إلى خلق وظائف كريمة توفر أجورا لائقة للعمال في بيئة عمل لائقة. 

وبحسب "عبد الحكيم الواعر"، الممثل الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) للشرق الأدنى وشمال أفريقيا فإن الكثيرين في شمال غزة يواجهون حالة خطيرة من سوء التغذية والمجاعة، مع تصنيف بعض السكان على أنهم يعانون من المجاعة.

وأكد الواعر أنه قبل الصراع، كانت غزة تصدر الأسماك والدواجن وكثيرا من المنتجات التي تنتج داخل القطاع، كما كانت تتمتع باكتفاء ذاتي جزئي على صعيد إنتاج الخضروات والفواكه. 

لكن الآن انهار قطاع الزراعة إلى حد كبير بسبب القصف المستمر، حيث تم تدمير ما يقرب من 50% من الأراضي الزراعية، بحسب ما أفاد به الواعر. وقال إن القطاع الخاص كان يزود غزة باحتياجاتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، من المستلزمات اليومية. 

وأكد المسؤول في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة أن سكان غزة مستعدون لإعادة تنشيط الإنتاج المحلي، لكنهم بحاجة إلى البذور والأسمدة والمبيدات الحشرية. أوضح كذلك أن هناك العديد من الاستعدادات من جانب المنظمة حيث يتم حصر كل الفلاحين وصغار مربي الحيوانات في أماكنهم وعدد الحيوانات والأراضي الموجودة لديهم، بشكل أسبوعي تقريبا، "وبالتالي نرصد أيضا كم احتياجاتهم بحيث نكون مستعدين لإدخال ما تتطلبه هذه الفئات".

وأوضح أنه في حين أن الزراعة على نطاق صغير قد تكون سهلة نسبيا كبداية، فإن إعادة تنشيط القطاع الزراعي التجاري إلى مستواه قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر سيكون أكثر صعوبة.

وأكد المسؤول في منظمة الفاو، أن إعادة الإعمار وبناء قطاع الزراعة ستتطلبان مجهودا كبيرا جدا، يبدأ من عودة القدرة البشرية القادرة على إعادة القطاع الزراعي، وإمداد هذه القدرة بالمدخلات الضرورية، فضلا عن وجود حاجة كبيرة إلى تأهيل ما تم تدميره وفقدانه من البنية التحتية التي تخدم قطاع الزراعة بشكل مباشر. وأعرب عن الاعتقاد بأن التعافي سيكون بقيادة إنسانية لمدة عامين على الأقل حتى يكون هناك مستوى معين من الاستقرار والثقة الذي يسمح للناس بالعودة وإحياء أعمالهم.

ووفقاً للخبير الاقتصادي في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، "رامي العزة"، أنه من السابق لأوانه تحديد تكلفة إعادة بناء غزة، وإن لأمر سيستغرق عقودا من الزمن، وإرادة من قِبل المجتمع الدولي لتمويل عشرات المليارات من الدولارات من الاستثمارات لإعادة إعمار غزة.

وقدر البنك الدولي الرقم المطلوب بنحو 18.5 مليار دولار، لكن هذا لا يمثل سوى الأضرار حتى نهاية يناير/كانون الثاني 2024. وسيكون قطاع الإسكان هو الأكثر كلفة في عملية إعادة البناء بنسبة 72% من التكاليف الإجمالية، تليه البنية التحتية للخدمات العامة مثل المياه والصحة والتعليم بنسبة 19%.

وذكر مسؤول الأونكتاد، أن هذا الرقم لا يشمل تكاليف إبقاء الناس على قيد الحياة من خلال المساعدات الإنسانية على مدى السنوات القليلة المقبلة. وسيتعين أيضا إزالة القنابل القاتلة غير المنفجرة في جميع أنحاء غزة، الأمر الذي "سيستغرق سنوات"، وفقا لدائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام. وليس من الواضح على الفور ما إذا كانت الأموال اللازمة لإعادة الإعمار ستأتي قريبا، وهناك بعض التساؤلات الكثيرة الأخرى بهذا الشأن.

وقال الخبير الاقتصادي في الأونكتاد إنه إذا بدأت عملية إعادة الإعمار فور انتهاء الأعمال العدائية، وإذا انتهى الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ 18 عاما، ومع نمو مستمر بمقدار 10%، سيستغرق القطاع حتى عام 2035 للعودة للمستويات التي كان عليها في 2006 أي قبل الحصار الاسرائيلي للقطاع. وأنه "إذا حدث ذلك فإن عودة الاقتصاد أو الناتج المحلي لمستوياته التي كان عليها عام 2022، يحتاج فترة من الزمن تمتد حتى عام 2092".

وقال الخبير في أونكتاد إن دائرة الدمار وإعادة الإعمار غير الكافية ليست خيارا لسكان غزة، مضيفا "نحن بحاجة إلى استعادة الأمل لدى الناس في المستقبل، وأعتقد أن ذلك لن يأتي إلا عبر خطة سياسية شاملة تتضمن حل الدولتين.