الإثنين 3 مارس 2025

ثقافة

حكايات على ألسنة الحيوانات «كليلة ودمنة».. قصة «الغراب والثعبان» (3-30)

  • 3-3-2025 | 11:12

كليلة ودمنة

طباعة
  • فاطمة الزهراء حمدي

يُعَدُّ كتاب «كليلة ودمنة» من أشهر الكتب العالمية التي تحمل بين طياتها عالماً واسعًا من الحكايات والحكم، و يضم الكتاب مجموعة متنوعة من القصص التي ترجمها عبد الله بن المقفع من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية في العصر العباسي، وتحديدًا في القرن الثاني الهجري، مضيفًا إليها أسلوبه الأدبي المميز، ويُجمِع العديد من الباحثين على أن أصل الكتاب يعود إلى التراث الهندي، حيث تُرجم في البداية إلى الفارسية، ثم نقله ابن المقفع إلى العربية بأسلوبٍ راقٍ ومبدع.

يُروى أن سبب تأليف «كليلة ودمنة» يعود إلى رغبة ملك هندي يُدعى دبشليم في تعلم الحكمة بأسلوب مشوّق ومسلٍ، فطلب من حكيمه بيدبا أن يضع له هذا الكتاب، فجاءت الحكايات في قالبٍ أدبي رائع استخدم فيه بيدبا أسلوب الحكايات على لسان الحيوانات، لتقديم دروسٍ أخلاقية وحِكَمٍ إنسانية خالدة.

أصبحت النسخة العربية من «كليلة ودمنة» محطةً هامةً في تاريخ الأدب، حيث أسهمت بشكل كبير في انتشار الكتاب وترجمته إلى العديد من لغات العالم. ويصنّفه النقاد العرب القدامى ضمن الطبقة الأولى من كتب الأدب العربي، ويعدونه واحدًا من أبرز أربعة كتب مميزة. يتألف الكتاب من خمسة فصول تحتوي على خمسة عشر بابًا رئيسيًا، تتناول قصصًا تراثية تعكس تجارب البشر من خلال حواراتٍ شيقة على ألسنة الحيوانات.

تُقدّم بوابة «دار الهلال» لقرائها طوال شهر رمضان المبارك لعام 1446 هـ حكاياتٍ يومية من كتاب «كليلة ودمنة»، في إطار سلسلةٍ مميزة تستعيد من خلالها عبق التراث الأدبي. وتُقدَّم اليوم قصة بعنوان «الغراب والثعبان»، لتستمر الرحلة الممتعة مع عالم الحكايات والحكمة.

جاء في القصة: زعموا أن غرابًا كان يعيش في عش فوق شجرة على جبل عال، وكان قريب من عشه جحر ثعبان أسود كبير، فكان الثعبان يأكل صغار الغراب، فشعر الغراب بالحزن وقرر أن ينتقم من الثعبان الشرير وينقر عينيه حتى لا يرى الصغار، ذهب الغراب إلى صديقه ابن آوى، وقال الغراب لصديقه بحزن، أريد استشارتك في أمر هام يا صديقي سوف افعله، قال ابن آوى  بحذر: ما هو يا صديقي اخبرني؟

قال الغراب بحزن: لقد تعبت يا صديقي وقررت أن  أذهب إلى الثعبان  وانقر عينيه وهو نائم، فلا يرى صغاري ويأكلهم ما رأيك يا صديقي.

رد ابن آوى قائلا: يا صديقي ماذا ستفعل، وماذا إن قتلك الثعبان قبل أن تخرم عينيه وتثقبها، وتكون مثل العلجوم الذي أراد قتل السرطان فقتله السرطان.

قال الغراب: وكيف حدث ذلك ؟

قال ابن آوى: كان هناك  بحيرة فيها الكثير من السمك، عاش فيها طائر العلجوم، وعندما كبر لم يستطع الصيد، فأصابه الجوع والجهد والمرض، فجلس حزينا يفكر في أمره، و مر سرطان فرأى حزنه سأله قائلا: ماذا حدث أيها الطائر لماذا أنت حزينا كئيبا هكذا ؟

رد العلجوم بحزن قائلا: وكيف لا أحزن وأنا هنا أعيش بالبحيرة واصطاد السمك، وأتى اليوم صيادين مروا من هنا، وقالوا إن البحيرة مليئة بالسمك  وسوف يصطادون كل الأسماك بعد الانتهاء من البحيرة الأخرى، فانطلق السرطان بسرعة إلى السمك، فأخبرهم بذلك الأمر والكلام، فأقبلن على طائر  العلجوم، وطلبوا منه المساعدة.

قال العلجوم  لهم: أعرف مكان ماء قريب من هنا فيه سمك ومياة عظيمة وقصب، قالوا له أن يحملهن إلى هناك، كان  كل يوم يحمل سمكتين يأكلهما إلى اليوم الثاني، جاء السرطان فقال له: إذهب بي يا صديقي إلى الماء لأعيش هناك، حمله العلجوم وطار به حتى اقترب من التل الذي يأكل فيه السمك، نظر السرطان فرأى عظام السمك في مجموعة هناك كثيرة، فعرف أن العلجوم يريد به شرا، فقال لنفسه: لابد من قتل العلجوم قبل أن يقتله، وأهوى بكليته على عنق العلجوم حتى مات، وتخلص السرطان منه وعاد إلى جماعة السمك وأخبرهم بالأمر وقال لقد أخبرتك القصة حتى لا تهلك نفسك إن عرف الثعبان حيلتك سوف يقتلك، قال الغراب: وماذا أفعل؟

قال ابن آوى: طر بسرعة واظفر بشيء من حلي النساء، فتخطفه فلا تزال طائر بحيث تراك العيون، حتى تذهب إلى جحر الثعبان فترمي بالحلى عنده، فإذا رأى الناس ذلك أخذوا حليهم قتلوا الثعبان، فانطلق الغراب وفعل ما قال له صديقه، وقتل الناس الثعبان وارتاح الغراب من أذية الثعبان وشكر ابن آوى على حيلته، ونصيحته الذكية للتخلص من الثعبان للأبد دون أن يؤذي نفسه.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة