السبت 4 مايو 2024

42 عاما على تحرير سيناء.. مذكرات الجمسي تكشف الأسس المصرية لمواجهة هزيمة 1967

عيد تحرير سيناء

تحقيقات25-4-2024 | 09:48

محمود غانم

يصادف اليوم 25 أبريل من كل عام، ذكرى تحرير أرض سيناء، حيث يجسد هذا اليوم ملحمة أبناء قواتنا المسلحة في حرب الـ 6 أكتوبر عام 1973 وما أثمرت عنه من نتائج.

إحتلال سيناء

مع توقف نيران حرب يونيو عام 1967، كانت إسرائيل قد حققت مكاسب كبيرة، في المجالات السياسية والعسكرية والمعنوية، بينما خسر العرب خسائر جسيمة في كل المجالات.

أعطت نتائج تلك الحرب، لإسرائيل الوضع العسكري الإستراتيجي الأقوى، وشعرت بتوفقها على الدول العربية، الأمر الذي يتيح لها استمرار فرض الأمر الواقع، حتى يتحقق هدفها السياسي من الحرب، بحسب ما يذكره المشير عبد الغني الجمسي في مذكراته، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة أثناء حرب أكتوبر.

وأفاد الجمسي، بأن وضع إسرائيل قواتها على الخطوط الجديدة، تعطيها ميزات عسكرية كبيرة؛ لتنفيذ استراتيجية دفاعية قوية، بأقل القوات، في حين تضع صعوبات كبيرة أما أي هجوم عربي لاسترداد الأرض.

في الوقت نفسه، فإن أوضاع القوات الإسرائيلية على الخطوط الجديدة، يعطيها فرصة الهجوم على الدول العربية المجاورة من مواضع أفضل.

وجراء ما حققته إسرائيل من نتائج، اطمأنت إلى قوتها العسكرية، وآمنت أن جيشها هو الجيش الذي لايمكن هزيمته، وتملك قادتها الثقة بالنفس إلى حد الغرور.

أما في الجانب العربي، فقد حلت بهم كارثة بعد أن فقدوا مزيداً من الأرض، وأصبح هناك إقتناع أن الأرض التي أخذتها إسرائيل بالقوة، لايمكن استردادها بغير القوة، ويدلل على ذلك قرارت مؤتمر القمة العربية، الذي جاء في أعقاب حرب 1967، حيث أكد على أنه لاصلح - لا مفاوضات - لا إعتراف بإسرائيل.

 

 الطريق إلى النصر

أصبح لزاماً على مصر، بعد النكثة أن تواجه الموقف، وتضع المبادئ الأسس والمبادئ السياسية والعسكرية، التي تقود مسيرتها الشاقة في المرحلة القادمة، حيث بات من الواضح، أن إسرائيل إحتلت الأراضي في حرب 67 لتبقى فيها زمناً طويلاً.

لذلك عملت القيادة المصرية بعد الهزيمة، على إعادة بناء القوات المسلحة، بعد أن فقدت الجزء الأكبر من أسلحتها ومعداتها، وتحطمت الروح المعنوية لرجالها، وكانت أول خطوة في هذا الصدد هي إعفاء المشير عبد الحكيم عامر من منصبه، وتعيين الفريق أول محمد فوزي قائداً عاماً للقوات المسلحة.

في حين كانت الخطوة الثانية لإعادة البناء هي إصدار قانون جديد يحدد أسلوب القيادة والسيطرة على شئون الدفاع عن الدولة والقوات المسلحة، فقد كانت من أسباب هزيمة 67 هو عدم تحديد سلطة حقيقية لرئيس الجمهورية على القوات المسلحة، إذ كانت الأمور متروكة لنائب الأعلى للقوات المسلحة.

 

وبعد دراسة وتحليل قدرات العدو وقدراتنا فى ذلك الوقت والمستقبل المنظور ، تقرر إنشاء قوة جديدة هى "قوات الدفاع الجوى"؛ لمواجهة قوات العدو الجوية المتفوقة، والتي كان ينتظر أن تظل متفوقة لسنوات قادمة، وفقاً للجمسي.

وتابع الجمسي:"هذا يعنى أن تتفرغ قيادة القوات الجوية لإعادة بناء هذه القوات تنظيماً وتسليحاً وتدريباً وإعداداً للقتال وإنشاء وتجهيز المطارات"، وبذلك أصبح لدينا قوتان تعملان ضد السلاح الجوى الإسرائيلي.

 

ويؤكد على أنه كان من الضرورى، إعادة قواتنا من اليمن بعد حرب استمرت خمسة أعوام، حيث ظهرت الحاجة إلى هذه القوات من جهة، كما أن وجودها هناك أصبح لا يتفق مع السياسة الجديدة التى يجب أن تنتهجها مصر؛ للتعاون مع الدول العربية، وبصفة خاصة المملكة العربية السعودية؛ ونتيجة لذلك تمت تسوية مشكلة اليمن بصفة نهائية، وبالتالي زال التوتر الذي كان قائماً في العلاقات المصرية السعودية.

علاوة على ذلك، شرعت القيادة المصرية في إبعاد القوات المسلحة عن كل عمل مدني سبق التكليف به، فقد أعيد الضباط الذين يعملون في قطاعات مدنية إلى وظائفهم العسكرية، أو تم نقلهم نهائياً إلى وظائف مدنية، وتم إلغاء وحدات غير مقاتلة كانت مكلفة بأعمال مدنية من اختصاص وزارات أخرى، وبذلك إحترفت القوات المسلحة عملها العسكري فقط.

 

بعد ذلك، عملت مصر على تسليح الجيش، وكان الاتحاد السوفيتي هو المصدر الرئيسي لإمداد مصر بالسلاح، وخلال المباحثات مع السوفييت طالب الرئيس جمال عبدالناصر بتحقيق التوازن العسكري بين مصر وإسرائيل، إذ كانت طائرات "الميج" المعتمد عليها حينها مداها قصير، مقارنة بطائرات "الميراج" و"المستير" التي تملكها إسرائيل والتي يمكنها أن تصل إلى العمق المصري.

بينما طائراتنا لاتستطيع الوصول إلى عمق إسرائيل؛ لذلك طلب عبد ناصر نوعاً جديداً من الطائرات القاذفة المقاتلة بعيدة المدى حتى لاتبقى إسرائيل متفوقة وقادرة على ضربنا بينما نحن لانستطيع الرد عليها، كما طالب عبدالناصر أيضاً تزويد مصر وبصفة عاجلة وبطريق الجو بعدد من طائرات الميج 21 لكي تشترك في الدفاع الجوي، حيث كان يوجد حينها طيارون بدون طيارات، كما عملت مصر على تعميق العلاقة مع الجانب السوفيتي الذي سيساعدها في إزالة آثار العدوان عنها، بحسب الجمسي.

 

 حرب أكتوبر 1973

دخلت مصر، حرب الـ 6 أكتوبر عام 1973؛ لتحقيق ثلاثة أهداف أصدرها الرئيس الراحل أنور السادات، هي:

- كسر وقف إطلاق النار اعتباراً من الـ 6 أكتوبر.

- تكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة.

- العمل على تحرير الأرض المحتلة على مراحل متتالية، حسب نمو وتطور إمكانيات القوات المسلحة.

ويؤكد رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة أثناء حرب أكتوبر، أن الهدف الإستراتيجي لمصر من حرب أكتوبر قد تحقق، مشيراً إلى سقوط "نظرية الأمن" التي اعتنقتها إسرائيل، وثبت أن فكرتها عن الحدود الآمنة خاطئة.

وفي مطلع عام 1974، جرى توقيع الاتفاق الأول لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل، والذي حدد الخط الذي ستنسحب إليه القوات الإسرائيلية على مساحة 30 كيلومتراً شرق القناة.

وفي العام التالي، تم التوقيع على الإتفاق الثاني الذي بموجبه تقدمت مصر إلى خطوط جديدة مستردة حوالي 4500 كيلو متر من أرض سيناء، ومن أهم ما تضمنه الاتفاق أن النزاع في الشرق الأوسط لن يحسم بالقوة العسكرية ولكن بالوسائل السلمية.

وفي عام 1978، وافقت مصر وإسرائيل على الاقتراح الأمريكي بعقد مؤتمر ثلاثي في كامب ديفيد بالولايات المتحدة الأمريكية، وهناك جرى التوقيع على وثيقة كامب ديفيد في البيت الأبيض.

في غضون ذلك، وقعت مصر وإسرائيل على معاهدة السلام، عام 1979، والتي نصت على إنهاء الحرب بين الطرفين وإقامة السلام بينهما وسحب إسرائيل كافة قواتها من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين.

وفي الـ25 أبريل 1982، رفع العلم المصري على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوب سيناء، بعد احتلال إسرائيلي دام 15 عاما، وأعلن هذا اليوم عيداً قومياً مصرياً، يحتفل به كل عام.

Dr.Randa
Dr.Radwa