الإثنين 20 مايو 2024

الحكمة والجاهزية لكافة السيناريوهات..مصر صوت العقل والقوة لحماية الحق الفلسطيني

علم مصر

تحقيقات8-5-2024 | 17:43

أماني محمد

مع تصاعد الأحداث في قطاع  غزة خلال الـ72 ساعة الماضية، وإعلان الاحتلال الإسرائيلي بدء عمليات عسكرية في رفح الفلسطينية ومطالبة السكان بالنزوح إلى منطقة المواصي والاستيلاء علي الجانب الفلسطيني من معبر رفح، يتواصل دور الدولة المصرية من أجل احتواء التصعيد ومنع التداعيات الكارثية إذا أقدم الاحتلال الإسرائيلي علي اجتياح رفح.

و اليوم  في القاهرة تستكمل جولة المفاوضات بمشاركة كافة أطراف التفاوض من قطر والولايات المتحدة وإسرائيل وحماس بهدف التوصل الى هدنة شاملة في قطاع غزة.

تحذيرات بشأن رفح

ومع إعلان الاحتلال عزمه اجتياح رفح، أعلنت الخارجية المصرية تحذيرها من مخاطر العملية العسكرية الإسرائيلية ، والكارثة الإنسانية التي تُهدد أكثر من مليون فلسطيني، وطالبت بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب المزيد من التصعيد في هذا التوقيت بالغ الحساسية في مسار مفاوضات وقف إطلاق النار، مؤكدة أنها تواصل اتصالاتها على مدار الساعة مع كافة الأطراف من أجل الحيلولة دون تفاقم الوضع أو خروجه عن السيطرة.

وأدانت مصر أمس، العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية وسيطرتها على الجانب  الفلسطينى لمعبر رفح، باعتباره شريان الحياة الرئيسى لقطاع غزة، والمنفذ الآمن لخروج الجرحى والمرضى لتلقى العلاج، ولدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الأشقاء الفلسطينيين فى غزة.

وطالبت مصر جميع الأطراف الدولية المؤثرة بالتدخل وممارسة الضغوط اللازمة لنزع فتيل الأزمة الراهنة، وإتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية لتحقق نتائجها المرجوة.

هذا وأكد مصدر مصري رفيع المستوى أن مصر أبلغت إسرائيل بخطورة التصعيد، بعد سيطرتها على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، وأنها جاهزة للتعامل مع كافة السيناريوهات، موضحا أن الوفد الأمني المصري حذر نظرائه في إسرائيل من عواقب اقتحام معبر رفح من الجانب الفلسطيني، مطالبا بوقف هذا التحرك على الفور.

وعقب موافقة حماس على المقترح المصري لوقف إطلاق النار، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه يتابع عن كثب التطورات الإيجابية التي تمر بها المفاوضات الحالية للتوصل إلى هدنة شاملة في قطاع غزة، داعيا كل الأطراف لبذل المزيد من الجهد للوصول إلى اتفاق يؤدي إلى إنهاء المأساة الإنسانية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني وإتمام استبدال الرهائن والسجناء.

وقف معاناة الشعب الفلسطيني أولا

ومن جانبه، قال الدكتور" محمد مرعي"، كبير الباحثين في المركز المصري للفكر والدراسات، إن الدور المصري في مفاوضات الوساطة لم يتوقف حتى الآن، رغم التصعيد الإسرائيلي الحادث مؤخرا من خلال بعض الأنشطة العسكرية المحدودة في مدينة رفح والسيطرة على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، واستهداف بعض الأبنية الموجودة في المعبر وحتى غلق معبر كرم أبو سالم، مشيرا إلى أنه نتيجة لمطالب مصرية وضغوط أمريكية تم اليوم فتح معبر كرم أبو سالم بشكل محدود لإدخال شاحنات المساعدات الإنسانية من مصر إلى داخل القطاع.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن القاهرة اليوم تستضيف كافة أفراد التفاوض، والمفاوضات ما زالت مستمرة ، وتسابق مصر الزمن سعيا وراء إنجاز هذا الاتفاق، مضيفا أن الورقة التي قدمتها القاهرة والتي تم الحديث فيها مع الجانبين الإسرائيلي والأمريكي  تم عرضها على حماس، وتطورت الأحداث حتى وافقت حماس على المقترح، مُشيرا إلى أن الكرة الآن في ملعب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأشار إلى أن  اليمين المتطرف في إسرائيل قد يسعى إلى إعاقة الوصول بشكل سريع لاتفاق هدنة شامل  ، كما يجري مدير المخابرات المركزية الأمريكية" ويليام بيرنز" زيارة لتل أبيب لحث الجانب الإسرائيلي على ضرورة التجاوب بشكل أفضل مع المقترح المصري، وهناك تحليلات مستمرة تقول أن إسرائيل تستخدم الأنشطة العسكرية  كورقة ضغط لمحاولة فرض بنود وشروط جديدة لتحقيق مكاسب أكبر على الأرض في رفح.

وشدد على أن العملية العسكرية التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي في رفح لا تزال محدودة، ولاقت إدانة كبيرة من مصر والدول العربية والأمم المتحدة وقادة العالم، لكن الآمال معقودة الآن على مفاوضات القاهرة والجميع يدفع في اتجاه الوصول إلى إنجاح هذه المفاوضات والوساطة لمنع التصعيد، لأن هناك تداعيات خطيرة في حال عدم التوصل لاتفاق أو عدم إنجاح هذه الجولة من المفاوضات، فقد يحدث تداعيات إنسانية خطيرة في قطاع غزة، وخاصة أن المؤشرات تفيد بأن إسرائيل قد تعود مرة أخرى لسياسة التجويع بحق الشعب الفلسطيني في غزة وتسعى لتصعيد  الأحداث بشكل أكبر وهو ما سيؤدي إلى أضرار بحالة الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأكد أن مصرتسعى ، لوقف نزيف الدم الفلسطيني من خلال الوصول إلى اتفاق هدنة شامل، وكل مساعيها في الوساطة والتواصل والمباحثات لا تنظر سوى لمصلحة الشعب الفلسطيني وإنهاء هذه المعاناة الإنسانية التي يعيش فيها أكثر من 2 مليون فلسطيني في قطاع غزة، وهو دور مستمر وستبذل مصر قصارى جهدها لمنع تفاقم الأوضاع.

الاستعداد لكل الاحتمالات والسيناريوهات

والطرح السابق اتفق معه الدكتور" طارق البرديسي"، خبير العلاقات الدولية، حيث أكد أن الدور المصري لم يتوقف منذ بدء العدوان وهذا الدور لن يتوقف والدولة تمسك بجمر الثبات على المبادئ وتتشبث بالقواعد الدولية والاتفاقات التعاهدية، موضحا أن مصر الدولة والجيش والمؤسسات والشعب الكل على أرضية واحدة وراء القيادة السياسية في كل خطواتها مدافعةً عن سلامة التراب الوطني ومتصديةً لتصفية القضية الفلسطينية.

وأضاف البرديسي في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن سياسة مصر الخارجية لا تجد فيها إلا صلاح الأحوال وحسن المآل، والإصرار على الاستقرار والعمل على حفظ السلام كخيار الدولة الإستراتيجي، مضيفا أنه مصر تريد التوازن والاحترام المتبادل والالتزامات المتقابلة والكل رابح لا عوجاً ولا أمتا.

وقال إن مصر كتابها المبين ينضح بالسلام ويطالب بالمساواة والندية والاستقرار والولوج دوماً للحلول السلمية والوسائل الدبلوماسية غير العسكرية ، ونبذ القوة في فض المنازعات الدولية مع الاستعداد لكلّ الاحتمالات والسيناريوهات.

ويقول الدكتور" عبد المهدى مطاوع"  المحلل السياسي الفلسطيني، إن المفاوضات في القاهرة تستهدف إعادة أو إيقاف إسرائيل عن خططها بشأن اجتياح رفح وعدم استكمالها عمليتها العسكرية تحاول تقريب وجهات النظر، وخاصة أن حماس أعلنت بشكل رسمي أنها وافقت على المقترح المصري، لذلك من المهم المرونة من جانب حماس بعد موافقتها على الخطوط العامة، وخاصة أن الوضع أصبح لا يحتمل، فلا يمكن لأي صفقة من الصفقات أن تعيد الأمور إلى الوراء مرة أخرى، فكل يوم هناك خسارة كبيرة يتكبدها الشعب الفلسطيني.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن مصر تقوم بدو حيوي ورئيسي حيث أنها تسعى  منذ أشهر لإتمام هذه الصفقة لإدراكها أن الخسائر الفادحة للشعب الفلسطيني ستؤثر على مستقبله، مضيفا أن مصر قدمت مستوى عال وواع ،بالإضافة إلى رؤيتها الواضحة تجاه  الهدف الإسرائيلي  والذي يسعى من خلاله لتصفية القضية الفلسطينية، وعلى حماس أن تتجاوب مع الجهود المصرية لوضع نتنياهو في الزاوية وتحميله المسئولية وزيادة الضغط عليه وعدم إنقاذه.

وأكد أن إسرائيل  حتى الآن تعمل ببطء في رفح وسيطرت على المعبر من الجانب الفلسطيني في المنطقة الحدودية والأجزاء الشرقية من رفح، وتقدم نموذجا للإدارة الأمريكية عن كيفية إخلاء السكان والتقليل بقدر كبير من الضحايا الفلسطينيين، وأيضا ليتم الضغط على حماس في هذه المفاوضات خاصة أن اجتياح شرق رفح حقق ثلاثة أهداف لإسرائيل، الهدف الأول هو السيطرة على معبر رفح والمنطقة الحدودية باعتبارها أحد أهم الأهداف لهذه الحرب، والهدف الثاني هو إرضاء اليمين في الحكومة الإسرائيلية.

وأضاف أن الهدف الثالث هو الضغط على حماس في المفاوضات لأنه سيحسن الشروط ،ف بالرغم من قبول حماس الورقة المصرية إلا أنها أضافت تعديلات لن يوافق عليها نتنياهو، لذلك ف"هو يستخدم الضغط العسكري.

تحذير مصري سابق

ومن جانبه، قال الدكتور" أيمن الرقب" ، أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، إن مصر ترعى مفاوضات الوسطاء الثلاثة بمشاركة قطر والولايات المتحدة الأمريكية لمنع التصعيد، فالحديث يدور حول إنجاح الهدنة بشكل كامل، موضحا أن مصر تحاول أن تقنع كل الاطراف أن الحرب هي خسارة للجميع وتريد أولا وقف الاعتداء على الشعب الفلسطيني ووقف التهجير، وحقن الدماء، وتدرك أن ما يجري الآن هو اعتداءات من قبل الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني وليست حرب لأن المقاومة محدودة الإمكانيات وهذا ما وضح خلال السبعة أشهر منذ بدء العدوان.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن مصر تحاول بذل كل الجهود بشكل كبير لوقف التصعيد، وأوضح أن العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح واجتياحها من الجهة الشرقية قد يكون أمر قابلا للاتساع في الفترة المقبلة، حيث أنه سيتسع بشكل بطئ  مثل "بقعة الزيت في الماء " ، وهذا يُشير إلى أن التواجد الإسرائيلي في رفح سيتسع بشكل متدرج وبطيء.