الخميس 23 مايو 2024

ديوان العرب| أَسَأَلتَ رَسمَ الدارِ أَم لَم تَسأَلِ.. قصيدة حسان بن ثابت

حسان بن ثابت

ثقافة11-5-2024 | 11:17

فاطمة الزهراء حمدي

تعد قصيدة «أَسَأَلتَ رَسمَ الدارِ أَم لَم تَسأَلِ» لشاعر الرسول "حسان بن ثابت"، إحدى أهم القصائد التي عرفها تاريخ الشعر العربي، والتي حفظها العرب، وتناقلوها فيما بينهم.

ويعرف "حسان بن ثابت" بأنه أحد أبرز الشعراء في العصر الجاهلي الذين كتبوا قصائد تميزت بالوصف والمدح وقوة التشبيه، وعلى رأسها قصيدة « أَسَأَلتَ رَسمَ الدارِ أَم لَم تَسأَلِ».

تعتبر قصيدة «أَسَأَلتَ رَسمَ الدارِ أَم لَم تَسأَلِ»، من أجمل ما قيل في الشعر العربي، ومن أشهر القصائد، وتحتوي على 33 بيتًا، كتب حسان بن ثابت تلك القصيدة قبل الإسلام وازداد بمدحه لـ «آل جفنة» ملوك الشام.

وإليكم القصيدة..

أَسَأَلتَ رَسمَ الدارِ أَم لَم تَسأَلِ

بَينَ الجَوابي فَالبُضَيعِ فَحَومَلِ

فَالمَرجِ مَرجِ الصُفَّرَينِ فَجاسِمٍ

فَدِيارِ سَلمى دُرَّساً لَم تُحلَلِ

أَقوى وَعُطِّلَ مِنهُمُ فَكَأَنَّهُ

بَعدَ البِلى آيُ الكِتابِ المُجمَلِ

دَمِنٌ تَعاقَبَها الرِياحُ دَوارِسٌ

وَالمُدجِناتُ مِنَ السِماكِ الأَعزَلِ

فَالعَينُ عانِيَةٌ تَفيضُ دُموعُها

لِمَنازِلٍ دَرَسَت كَأَن لَم تُؤهَلِ

دارٌ لِقَومٍ قَد أَراهُم مَرَّةً

فَوقَ الأَعِزَّةِ عِزُّهُم لَم يُنقَلِ

لِلَّهِ دَرُّ عِصابَةٍ نادَمتُهُم

يَوماً بِجِلَّقَ في الزَمانِ الأَوَّلِ

يَمشونَ في الحُلَلِ المُضاعَفِ نَسجُها

مَشيَ الجِمالِ إِلى الجِمالِ البُزَّلِ

الضارِبونَ الكَبشَ يَبرُقُ بَيضُهُ

ضَرباً يَطيحُ لَهُ بَنانُ المَفصِلِ

وَالخالِطونَ فَقيرَهُم بِغَنِيِّهِم

وَالمُنعِمونَ عَلى الضَعيفِ المُرمِلِ

أَولادُ جَفنَةَ حَولَ قَبرِ أبيهِمُ

قَبرِ اِبنِ مارِيَةَ الكَريمِ المُفضِلِ

يُغشَونَ حَتّى ما تَهِرُّ كِلابُهُم

لا يَسأَلونَ عَنِ السَوادِ المُقبِلِ

يَسقونَ مَن وَرَدَ البَريصَ عَلَيهِمُ

بَرَدى يُصَفِّقُ بِالرَحيقِ السَلسَلِ

يُسقَونَ دِرياقَ الرَحيقِ وَلَم تَكُن

تُدعى وَلائِدُهُم لِنَقفِ الحَنظَلِ

بيضُ الوُجوهِ كَريمَةٌ أَحسابُهُم

شُمُّ الأُنوفِ مِنَ الطِرازِ الأَوَّلِ

فَعَلَوتُ مِن أَرضِ البَريصِ إِلَيهِمُ

حَتّى اِتَّكَأتُ بِمَنزِلٍ لَم يوغَلِ

نَغدو بِناجودٍ وَمُسمِعَةٍ لَنا

بَينَ الكُرومِ وَبَينَ جَزعِ القَسطَلِ

فَلَبِثتُ أَزماناً طِوالاً فيهِمُ

ثُمَّ اِدَّكَرتُ كَأَنَّني لَم أَفعَلِ

إِما تَرَي رَأسي تَغَيَّرَ لَونُهُ

شَمَطاً فَأَصبَحَ كَالثَغامِ المُحِولِ

فَلَقَد يَراني موعِدِيَّ كَأَنَّني

في قَصرِ دومَةَ أَو سَواءِ الهَيكَلِ

وَلَقَد شَرِبتُ الخَمرَ في حانوتِها

صَهباءَ صافِيَةً كَطَعمِ الفُلفُلِ

يَسعى عَلَيَّ بِكَأسِها مُتَنَطِّفٌ

فَيَعُلُّني مِنها وَلَو لَم أَنهَلِ

إِنَّ الَّتي ناوَلتَني فَرَدَدتُها

قُتِلَت قُتِلتَ فَهاتِها لَم تُقتَلِ

كِلتاهُما  حَلَبُ العَصيرِ فَعاطِني

بِزُجاجَةٍ أَرخاهُما لِلمَفصِلِ

بِزُجاجَةٍ رَقَصَت بِما في قَعرِها

رَقَصَ القَلوصِ بِراكِبٍ مُستَعجِلِ

نَسَبي أَصيلٌ في الكِرامِ وَمِذوَدي

تَكوي مَواسِمُهُ جُنوبَ المُصطَلي

وَلَقَد تُقَلِّدُنا العَشيرَةُ أَمرَها

وَنَسودُ يَومَ النائِباتِ وَنَعتَلي

وَيَسودُ سَيِّدُنا جَحاجِحَ سادَةً

وَيُصيبُ قائِلُنا سَواءَ المَفصِلِ

وَنُحاوِلُ الأَمرَ المُهِمَّ خِطابُهُ

فيهِم وَنَفصِلُ كُلَّ أَمرٍ مُعضِلِ

وَتَزورُ أَبوابَ المُلوكِ رِكابُنا

وَمَتى نُحَكَّم في البَرِيَّةِ نَعدِلِ

وَفَتىً يُحِبُّ الحَمدَ يَجعَلُ مالَهُ

مِن دونِ والِدِهِ وَإِن لَم يُسأَلِ

يُعطي العَشيرَةَ حَقَّها وَيَزيدُها

وَيَحوطُها في النائِباتِ المُعضِلِ

باكَرتُ لَذَّتَهُ وَما ماطَلتُها

بِزُجاجَةٍ مِن خَيرِ كَرمٍ أَهدَلِ