"ويكأن الجيش الإسرائيلي لم يمر من هنا".. باتت تلك المقولة أفضل ما يعبر عن المعارك الضارية، التي تخوضها قوات الاحتلال ضد فصائل المقاومة الفلسطينية، شمالي قطاع غزة، لا سيما في جباليا، محور احتدام المعارك على مدى الأيام الماضية، رغم زعم إسرائيل في وقت سابق القضاء عليها، حيث أصبح المشهد الحالي يبرهن على أن إسرائيل بعيدة كل البعد عن تحقيق أهدافها.
وتؤكد صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أنه وبعد 7 أشهر من الحرب لم تهزم حركة حماس، ما يثير المخاوف في "تل أبيب" من أن الأمر قد يتطور لحرب إلى الأبد.
وأضافت الصحيفة في تقرير، أن حماس تستخدم تكتيكات "الكر والفر" وخلايا أصغر للقتال، لإظهار قدرتها على الاستمرار في الحرب لأشهر، إن لم يكن لسنوات.
وأوضحت، أن حماس لا تستخدم شبكة الأنفاق، ليس للبقاء على قيد الحياة فقط، بل في معاركها ضد القوات الإسرائيلية.
ونقلت عن جندي احتياط إسرائيلي من فرقة "الكوماندوز 98" التي تقاتل في الوقت الحالي بجباليا، القول إن حماس تهاجم بقوة أكبر، وتطلق المزيد من الأسلحة المضادة للدبابات على الجنود الإسرائيليين الذين يحتمون بالمنازل وعلى المركبات العسكرية الإسرائيلية يوميًا.
وقالت الصحيفة الأمريكية: "حتى إذا شنت إسرائيل هجوم واسع النطاق على رفح، فمن المرجح أن تبقى حماس"، بحسب مسؤولين عسكريين إسرائيليين حاليين وسابقين، وتقديرات استخباراتية أميركية.
وتطرقت إلى أن شبكة الأنفاق أثبتت أنها أوسع من المتوقع، وشكلت تحديًا خاصًا للجيش الإسرائيلي الذي حاول القضاء عليها باستخدام المتفجرات، بعد أن حاول في وقت سابق إغراقها بمياه البحر.
عاجز عن الحسم
وفي هذا الإطار، قال الدكتور محمد فوزي، الباحث بالمركز المصري للفكر، إن التطورات الميدانية في قطاع غزة، ورصد النشاط العسكري تعكس مجموعة من الدلالات المهمة، أولها سعي إسرائيل؛ لتثبيت وجود عسكري في منطقة شرق رفح، وجعلها منطلقًا لتوسيع العمليات، بما يعني أننا قد نكون أمام سيناريو الاجتياح الكامل لرفح في الساعات المقبلة.
وأوضح "فوزي" في تصريح خاص لبوابة -دار الهلال- أن عودة المعارك والاشتباكات إلى مناطق شمال القطاع خصوصًا في جباليا، ووسط القطاع خصوصًا النصيرات، يعكس عدم قدرة إسرائيل حتى اللحظة على القضاء على وجود الفصائل الفلسطينية في الشمال والوسط، وعدم قدرتها على تدمير البنى التحتية الخاصة بالفصائل في هذه المناطق، لاسيما مع عودة عمليات إطلاق الصواريخ.
وأضاف:"هذا فضلًا عن تأكيد تقديرات استخباراتية إسرائيلية أن يحي السنوات زعيم حماس ليس موجودًا في رفح الفلسطينية، وترجيح وجوده في خان يونس، يعكس استمرار قدرة الفصائل الفلسطينية على توظيف الأنفاق".
وأردف فوزي، أن عودة المعارك والاشتباكات العنيفة إلى مناطق الشمال والوسط يعكس في أحد أبعاده إعادة ترتيب الفصائل الفلسطينية لصفوفها في هذه المنطقة، والتحول من نمط الدفاع في المراحل الأولى من الحرب، إلى مراحل حرب الاستنزاف حاليًا.
واختتم قائلًا: "كل هذه الاعتبارات تؤكد على وجود فشل عسكري واستخباراتي كبير بالنسبة لإسرائيل".
في الموؤازة، أكد الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن إسرائيل فشلت في حربها على قطاع غزة من الناحية العسكرية.
وأشار "غباشي" في تصريح خاص لبوابة -دارالهلال- إلى أن هناك الكثير من التحليلات التي تتساءل.. كيف فشلت إسرائيل رغم الدمار الواسع الذي أحدثته الحرب بالقطاع؟، موضحًا أن هذا الدمار إنما أحدث نتيجة الضربات التي ينفذها طيران الاحتلال من الجو.
وتابع بالقول: "ولكن على الأرض إسرائيل تمنى بخسائر بشكل يومي، والتقارير اليوم باتت تتحدث أن إسرائيل خسرت الحرب، لأنها لم تستطع تحرير المحتجزين، ولا أن تحييد صواريخ المقاومة، ولا أن تصل إلى قادتها، في الوقت نفسه لم تستطع أن تمنع الخسائر البشرية ولا الخسائر في العتاد التي تقع بشكل يومي، رغم كل ممارستها".