الخميس 21 نوفمبر 2024

بورتريه الهلال

أمل دنقل.. الجنوبي أمير شعراء الرفض والتنبؤ

  • 21-5-2024 | 09:54

أمل دنقل

طباعة
  • همت مصطفى

 نشهد اليوم الذكرى الـ41 لرحيل الشاعر الجنوبي أمل دنقل، وهو الشاعر المتفرد، الذي حمل تراث الأجداد والهوية، وملامح الوطن وأوجاعه، وهمومه، وقضاياه في كل خطوة من خطوات رحلته، وعبر عنها بتميز، بقلمه، وبنبض وعقل محب وعاشق للوطن،  فيما تركه من أثر كبير في الأدب العربي الحديث وخاصة في الشعر مجال إبداعه.

الميلاد والنشأة

وُلد أمل دنقل عام 1940 في أسرةٍ صعيدية، كان والده عالمًا من علماء الأزهر، ممّا أثّر في شخصية« أمل» وقصائده بشكلٍ واضح، وكان الوالد يمتلك مكتبةً ضخمةً ضمت الكثير من كتب الفقه والشريعة والتفسير وذخائر من التراث العربي، وكان ذلك ما كوّن اللبنة الأولى لهذا الأديب والشاعر المتفرد، في تاريخ الأدب المصري والعربي.

سماته  الشخصية

أطلق عليه والده اسم «أمل» بسبب النجاح الذي حققه بعد ولادته في نفس السنة التي حصل فيها على إجازة العالمية عُرف أمل بالنباهة والذكاء والجد تجاه دراسته، والتحق بمدرسةٍ ابتدائيةٍ حكوميةٍ أنهى فيها دراسته سنة 1952.

ورث «دنقل» عن والديه الاعتداد بالنفس والشخصيةَ القويةَ والمنظمة، وعُرف عنه التزامه بتماسك أسرته واحترامه لقيمها ومبادئها، ونشأ «دنقل» في بيتٍ أدبي، فلم يكن والده مدرسًا للغة العربية وحسب، ولكنّه كان أديبًا وشاعرًا فقيهًا ومثقفًا، وقد تأمل أمل والده وهو يقرأ ويكتب الشعر.

شاعر منذ الطفولة

وألقى أمل دنقل بدايةً العديد من أشعاره في احتفالات المدرسة بالأعياد الوطنية والاجتماعية والدينية، نُشرت لـ أمل دنقل الطالب في الثانوية أبياتٌ شعريةٌ في مجلة مدرسة قنا الثانوية عام 1956، وقرر، في رحلته الأكاديمية، بالبدايةً دخول فرعٍ علمي كالهندسة أو الكيمياء، لكنّ تغيرٌ مفاجئ جعله يكمل دراسته في فرعٍ أدبي.

من الجنوب إلى العاصمة 

وانتقل أمل دنقل إلى القاهرة ليدرس في كلية الآداب بعد أن أنهى دراسة الثانوية في قريته، لكنّه انقطع عنها ليعمل في عدة أعمالٍ لاحقًا، فقد عمل موظفًا بمحكمة قنا وجمارك السويس والإسكندرية، ومن بعدها في منظمة التضامن الأفرو-أسيوي، لكنّ شغفه في كتابة الشعر جذب اهتمامه وجعله يترك أية وظيفةٍ يبدأ بها.

وكانت القاهرة عالمًا مختلفًا بالنسبة للجنوبي أمل دنقل ولم يتأقلم فيها بدايةً بشكلٍ جيد، وهذا حال معظم أهل الصعيد الذين انتقلوا للسكن فيها، تأثّر بذلك وظهر ذلك بوضوحٍ في أشعاره الأولى.

استلهام التراث ودراساته النقدية

واستلهم أمل دنقل قصائده من رموز التراث العربي،  مثلما كان نهج الشعراء الآخرين في تلك الفترة، والذين تأثروا بالميثولوجيا الغربية واليونانية خاصةً،وتوظيفه  للتراث لم يكن في الجانب الفني، في قصائده الشعرية فقط؛ بل بدأ علمه باحثا فيه وناقدًا له،  ومن دراساته النقدية، كتب بحثًا تاريخيًا حول قبيلة قريش تحت عنوان «قريش عبر التاريخ»، وشمل دراسة مطولة في أربع مقالات، وقام بنشره في مجلة «أوراق»، وقدم العديد من الدراسات النقدية الأخرى.

وعاصر أمل دنقل، فترة أحلام العروبة والثورة المصرية بعام 1952، وأحداث فترة الخمسينيات، والستينيات بالقرن الماضي وساهم ذلك في شحذ نفسيته، وأثر في شخصيته وسماته.

 شاعرًا للهوية وهموم الوطن

عبّر الشاعر أمل دنقل عن صدمته بانكسار مصر عام 1967 في قصيدةٍ رائعةٍ بعنوان«البكاء بين يدي زرقاء اليمامة» ومجموعةٍ شعريةٍ بعنوان «تعليق على ما حدث»، أصدر ديوانه الثالث «مقتل القمر» عام 1974.

ولقب أمل دنقل بـ «شاعر الرفض»، وأيضا ل بـ «أمير شعراء الرفض»، وذلك كنتيجة لقصائده، العديدة الرافضة للقمع، وقدم قصيدة «لا تصالح» بعد معاهدة السلام ككامب ديفيد، وعبر فيها عن كل ما جال في خاطر المصريين، وكان تأثير المعاهدة وأحداث شهر يناير عام 1977 واضحًا في مجموعته «العهد الآتي».

ومثّل أمل دنقل مصر وبيئته الصعيدية وناسها، وتأثرت أشعاره بقوميته وعروبته القوية، وهذا ما عبّر عنه بشكلٍ واضحٍ في قصيدته «الجنوبي» في آخر مجموعةٍ شعريةٍ له بعنوان «أوراق الغرفة 8».

دواوين وقصائد 

وصدر  الديوان الأول للشاعر أمل دنقل عام 1969 بعنوان «البكاء بين يدي زرقاء اليمامة»، هو الذي شهره عربيًا، وجسّد فيه إحساس الإنسان العربي بنكسة 1967.

وصدر لشاعر الرفض ست مجموعات شعرية هي: «البكاء بالبكاء بين يدي زرقاء اليمامة 1969، تعليق على ما حدث 1971 ، مقتل القمر 1974، العهد الآتي 1975، وقدم المجموعتين 1983  «أقوال جديدة عن حرب بسوس  أوراق الغرفة 8».

 ومن أشهر قصائده:«البكاء بين يدي زرقاء اليمامة»، «لا تُصالِح»،  «خطاب غير تاريخي»،  وقصيدة «حمامة»، وقصيدة «العشاء».

وكشفَ شقيق الشاعر أمل دنقل؛ السيّد «أنس» وزوجته الكاتبة والصحفية المصرية عبلة الرويني، عن عدّة أعمال أدبية لم تُنشَر للشاعر الكبير من ضمنها مسرحيتين شعريتين: الأولى بعنوان «الخطأ»، والثانية بعنوان «الحاكم بأمر الله»،  بالإضافة لعدّة قصائد شعرية.

حياته الشخصية

وفي عام 1976 التقى أمل دنقل  بالصحفية والناقدة عبلة الرويني التي كانت تعمل حينذاك في جريدة الأخبار، ونشأت بينهما علاقةٌ عاطفيةٌ استمرت إلى أن تزوجا عام 1978.

رحيل  وشعر باق 

أصيب أمل دنقل بالسرطان وعانى منه لمدة تقارب الثلاث سنوات دون أن يكفّ عن تأليف الشعر، وظهرت معاناته في مجموعته «أوراق الغرفة 8» وهو رقم غرفته في المعهد القومي للأورام والذي قضى فيه ما يقارب الأربع سنين، حتى رحل عن عالمنا في يوم 21 مايو 1983،  وبذلك انتهت معاناته مع مرضه، لكن بقي أثره، الأدبي، وشعره خالدًا، في تاريخ الأدب العربي الحديث.

البطاقة الشخصية للشاعر أمل دنقل 

الاكثر قراءة