الجمعة 21 يونيو 2024

قصص دار الهلال النادرة| «الشيخ علوان» قصة قصيرة لـ محمود تيمور

الشيخ علوان

كنوزنا22-5-2024 | 12:31

بيمن خليل

يزخر أرشيف مؤسسة دار الهلال منذ تأسيسها عام 1892م، بالعديد من القصص النادرة، والكنوز الأدبية، المكتوبة على أيدي كتاب بارزين، وبعد مرور عقود، قررت بوابة دار الهلال، إعادة نشر هذه التحف القصصية النادرة من جديد، والتجول في عوالم سردية مختلفة ومتنوعة، من خلال رحلة استكشافية في أرشيف دار الهلال العريق.

نشرت مجلة الهلال في عددها الصادر لعام 1929، قصة قصيرة بعنوان "الشيخ علوان" للكاتب محمود تيمور، تدور القصة حول رجل يدعى الشيخ علوان، يحصّل الضرائب من الناس بلا مبرر، ولكنه يحظى بحب الناس وتقديرهم له، ويقضون وقتهم بمجالسته والاستماع إلى حكاياته وفلسفته الخاصة في الحياة، ورغم ذلك يكون هناك جانبا غامضا في حياته يحاول الشيخ دما إخفاءه.

 

نص القصة

- لقد حضر الشيخ علوان، أنظروا.. أمرنا إلى الله يا جماعة

فالتفتنا جميعا إلى الناحية التي أشار اليها محدثنا فإذا بالشيخ علوان يتهادى في مشيته المترنحة داخل جبته الفضفاضة، ووجهه الغليظ الأحمر ذي الرقبة القصيرة مشرقا إشراقه الذي لا يفارقه حتى في أشد ساعات بؤسه، يتوكأ على عصاته الخيزران فتتلوى تحت جثمانه الممتلئ القصير التواء الغصن تحت الثمار المنهدلة، واقترب منا وهو يرمش بعينيه، ثم صاح بملء شدقيه بصوت فيه غموض وحشرجة:

-  لقد ضبطتكم أيها السادة فلن تفلتوا مني، ثم علق عصاته على ساعده، وشمر كمه، وفتح كفه، وأخذ يدور علينا واحدا واحدا وهو يقول:

- الضريبة يا سادة لا حرمني الله من أفضالكم، نصف ريال فقط من كل وحاد منكم، إن أجر المنزل حل وصاحب الملك يرهقني بطلبها.. هلموا..

وأخرج كل واحد منا في صمت وهدوء ضريبته وناولها للشيخ علوان، فرفع عمامته ونظر إلى السماء قائلا:

- ربنا يجعل بيوت المحسنين عمار، وجلس على مقعد خال ووضع رجلا على أخرى، ثم صفق ونادى الغلام خادم القهوة وصرخ في وجهه قائلا: عليّ بطبق فاخر من الفول المدمس، وقطعة بقلاوة وطنية في حجم رأسك.. ثم لا تنس الرغيف الساخن، وكوز العرقسوس البارد، والشيشة حسب المعتاد.. هلم ولا تتأخر..

فخرج الصبي يعدو ليجلب للشيخ علوان طلبه، ونظر كل منا إلى صاحبه يستفهم منه عمن سيتقدم إلى دفع ثمن هذه المطالب، وأدرك الشيخ سر نظراتنا فقال على الفور:

- هذا دور الشيخ عاشور.. فاهتز الشيخ عاشور على مقعده محتجًا، ونظر شزرًا إلى الشيخ علوان وقال:

- لقد دفعت لك المرة السالفة

- كان فنجانًا من القهوة السادة بنصف قرش، أتحسب هذا عليّ طلبا؟ ما رأيكم أيها السادة؟ معي، أو عليّ؟

فصحنا جميعًا قائلين:

- معك

فقطب الشيخ عاشور حاجبيه وقال متمتا:

- حسبي الله ونعم الوكيل

وكان المقهى الذي كنا جالسين فيه مقهى وطنيا في "حي السيدة زينب"، نتردد عليه إذا سئمنا "سولت، وجروبي" ومقاهي عماد الدين.

كنا نجد فيه صورا جديدة نلتذ بمشاهدتها وأصواتا ظريفة نستمتع بنغماتها، فنفرج عنا بعض الملل المستحوذ على نفوسنا، ولكن التجاءنا إلى مثل هذا المقهى لا يجعلنا في مأمن من هجمات الشيخ علوان، إذ أنه كسيارة "فورد" نجده في كل مكان، يطرق الساحات العامة والشوارع الكبيرة كما يطرق الحواري والعطفات، يجوب العاصمة والأرياف وثغور القطر الهامة، فتحسب أنه يستخدم في تنقلاته أحدث الطيارات، كل ذلك ليجمع ضرائبه التي فرضها على الناس "غيابيا"، وهو إذا قال "هاتوا" خرجت الأيدى من الحيوب حاملة له ما يطلب.. فكأن كلامه سحر يصاحب جميع الطبقات على حد سواء، فبينما تجده يلعب النرد مع غلام حقير في أحد المقاهي البلدية إذا بك تراه في الكونتننتال يدخن السيجار ويتناول الشاي مع أحد البشوات، ولا تلبث أن تشاهده بعد ذلك بوقت قصير في مظاهرة من الطلبة يصرخ معهم قائلا:

- الاستقلال التام أو الموت الزؤام..

وإذا رآك سائرا في الطريق انقض عليك انقضاض الباشق على العصفور وأقسم بالله ثلاثا أنه سيرافقك حتى مقرك المختار، ثم يميل عليك ويهمس في أذنك قائلا:

- عندي خبر يساوى ريال، إيه رأيك؟

- أيوجد في الدنيا خبر يساوي ريال ؟

- سقوط الوزارة الإنجليزية، أيوجد شيء أهم من ذلك؟ هذا خبر يساوي جنيها.

- ولكننا لم نقرأ عنه شيئًا في الصحف.

- أنا "الملحق" الذي تجد فيه أنضج الأخبار، أنا تلغراف آخر الساعة.. ايدك على الريال فإذا أخرجت الريال وأعطيته له ذهب لحال سبيله، وإذا لم تفعل ظل الشيخ رفيقًا دائمًا لك في يومك ينتقل كظلك ويشاطر طعامك وشرابك وأحزانك ومسراتك.

وأخذ الشيخ علوان يقتطع من رغيفه الساخن قطعا مزدوجة يملأها بالفول ويحشو بها فمه، وكان يستمع لكلامنا ويقاطعنا وفمه مملوء بالأكل فلا نستطيع فهم ما يقول إلا بجهد ومشقة، وكان كلامنا يدور حول "الزواج" فمنا من حبذه ومنا من أنكره، وللشيخ علوان رأي فلسفي لا يغيره في هذا الموضوع، وهو أن الزواج كارثة اجتماعية يجب التخلص منها بأي وسيلة كانت، وأن جميع المتزوجين رجالا كانوا أم نساء، وكان قد ابتلع لقمته الضخمة فتكلم بوضوح وجلاء قائلا:

- الأعزب يا سادة هو العاقل الذي يعيش في الدنيا عيشة الملوك..

وكيف لا يمتدح الشيخ علوان حياة الأعزب، وقد أربى على الخمسين وهو يعيش عيشة البوهيمي، لا يعرف له عائلة ولا مسكنا، ولكنه يعتبر جميع سكان الوادي رفاقه وأفراد عائلته، يحل ضيفا على من يشاء ومتى شاء، يفرض على هذا إفطاره وعلى ذاك غداءه وعلى الآخر عشاءه، يجتمع مع رفقة من الأصحاب فيشرب معهم البيرة و"الجوني ووكر"، ويشاركهم أطباق المزة وعلب السجاير، ويذهب معهم في مسارح التمثيل وصالات الغناء والرقص، فيمضي الليل في صفاء، ويقصد الأفراح بلا دعوى فيأكل أطايب الطعام، ويلتصق بتخت المغني، يقيم نفسه مطيبا له، وإذا ضاق في وجهه عالم المسرات يمم صوب عالم الأحزان ففتش له عن مأتم يقضي فيه ليلته، يشرب القهوة ويدخن اللفائف مجانا، والشيخ علوان في كل هذه الحالات هو هو ذو الابتسامة الدائمة والصوت الغليظ المتآكل النبرات، والأحاديث التي ليس لها مبدأ ولا نهاية ولا اتصال: ومع وفرة ضرائبه تجده في أغلب الأوقات مفلسًا، إذ أنه كريم الطبع طيب القلب، يجمع في رمضان الفقراء فيقدم لهم قصعات الفت الغني بقطع اللحم، ويوزع يوم العيد على صغار اليتامى الجلابيب والأحذية الجديدة وبعض الصفافير البلدية، وربما شاهدته يجمعهم حوله وينشد معهم:

"حسن الوفا من بدئنا..  نمجد الرب المجيد"

وتراه بعض الأحيان مرافقا صديقا له أحنى عليه الدهر، وقسمه يهمس في أذنه قائلا:

- تعال نتعشى معا عند الحاتي

استأجر له حجرة، ربما يمضي الشهر لا يطأ عتبتها، ويقع دائما بينه وبين صاحبها منازعات حارة تنتهى دائما "بالزوغان"، وإذا سأله سائل:

- لماذا لا تدفع يا شيخ علوان أجر مسكنك بالحسنى؟

اندفع مجيبا سائله:

- أأدفع أجر مسكن لا أقضى فيه ساعة واحدة في الشهر؟! أهذا عدل..

وختم الشيخ علوان محاضرته عن الزواج بمسحة فنية لصحن الفول، هجم في أثرها على قطعة البقلاوة البلدية ففتك بها في طرفة عين، ثم كرع كوز العرقسوس دفعة واحدة، وبعد ذلك تكرع وتمطى وقال متمتما بصوت عال:

- ربنا يطيل عمرك ويديم عزك يا شيخ عاشور.

ولم يكد يتم جملته حتى صرخ على غلام القهوة قائلا:

- أين الشيشة يا ولد ؟ أتريد أن تحجزني هنا إلى الصباح؟ عندي أشغال وأعمال!..

-2-

ومضت بضعة أشهر لم نر فيها وجه الشيخ علوان، فعددنا ذلك معجزة من المعجزات، وأخذنا نسأل عنه فلم نوفق إلى خبر صريح، فمن قائل إنه مريض في أحد المستشفيات المجهولة وحالته سيئة، ومن قائل آخر إنه رحل إلى خارج القطر لغرض غير معلوم، ومنهم من أخبرنا بوفاته وأخذ يترحم عليه، وقصدنا داره حيث قابلنا صاحب الملك فوجدناه مستشيطا غيظا على الشيخ علوان، يلعن الساعة التي عرفه فيها، وأخبرنا بأنه لم يره منذ أربعة أشهر، وأنه قد اعتزم فتح الحجرة وقذف محتوياتها في "الحارة"، ليعدها للايجار.

وأخيرا ظهر الشيخ علوان.. وكنا عندئذ في جروبي الجديد نسمع الموسيقى، وقد اقتربت الساعة من العاشرة، فإذا به يدخل علينا متهاديا مترنحا يكاد يقضم عصاته الخيزران تحت ثقله، وأخذ يرمش بعينيه باحثا عن زبائنه، ووجهه يفيض بشرا واستئناسا، فصحنا به مهللين والتففنا حوله نسأله بتلهف عن سبب هذه الغيبة الطويلة، فشمر عن ساعده وفرد كفه بمنتهى قوته وقال: قبل كل شيء الضريبة.. لقد فرضت على كل واحد منكم مائة قرش.. يدفعها أقساطا أسبوعية.. كل قسط مقداره ريال.. هلموا يا سادة لدفع أول قسط.. هلموا.. فأخرج كل منا الريال وأعطاء له عن طيب خاطر، وجلس الشيخ علوان على كرسي ذي مسندين وخلع عمامته ووضعها جانبا ثم طلب من الجرسون ويسكي بالصودا في الحال.

والتفت إلينا وقال:

- أربعة أشهر لم أذق فيها طعم "الجوف ووكر" يا بهوات.. أليس هذا حرام ؟ وجيء له "بالجوني ووكر"، فأخذ يرشف منه رشفات طويلة، وهو صامت يمعن النظر في الكأس، يتغزل فيه بتلعيب حاجبيه ومص شفتيه، وبعد حين انفكت عقدة لسانه فأخذ يتكلم على مهل ونظره لم يتحول عن الكأس كأنه يستمد منه وحي أفكاره فقال:

- تريدون أن تعلموا أین كنت طول هذه المدة.. أن الأربعة الأشهر التي غبت فيها عن سماء القاهره قضيتها جميعها في محل واحد، في بيت أخي في الريف.

فصحنا جميعا:

- وهل كان لك أخ؟

- كان لي أخ أحبه ويكرهني، واحترمه ويحتقرني، ولما رأيت أنه ماض في كراهيته واحتقاره لي شطبت اسمه من سجل الوجود وأنكرته.

- ولماذا كان يكرهك ويحتقرك؟

- لأني شحاذ يا سادة، كان أخي يكره أن يقال له أن لك أخا شحاذا، فأعرض عني وطردني عندما زرته منذ أكثر من عشرة أعوام، وكان معي له هدية ثمينة من البرتقال.. فليسامحه الله، لقد كان أحمق ومغفلا.. إننى لا أنكر فضله عليّ، فهو الذي أرسلني إلى القاهرة وأدخلي الأزهر، وهو الذي كان ينفق عليّ من حر ماله.. كان يؤمل يوما ما أن يراني قاضيا في المحاكم أو أستاذا في المدارس.. أليس هذا حمق وتغفيل؟.. ولكن مشيئة الله خيبت آماله ففشلت في الأزهر فشلا فظيعا.. وخرجت أطلب العمل فوجدت باب التسول مفتوحا أمامي فطرقته، وكان ربحي منه فوق ما كنت أنتظر وتوقف الشيخ علوان عن الكلام هنيهة ليملا كأسه، وقد بدأت عيناه تنقدان ووجهه الغليظ يحتفن، ثم تابع حديثه قائلا:

- والآن يا سادة، قد مات أخي..

فقاطعناه قائلين: مات أخوك ؟!

- فتكلم غير آبه لدهشتنا والابتسامة لا تفارق محياه:

- زال ما بيننا من سوء التفاهم، وبرهانا على إخلاصي ومحبتي له تزوجت نساءه الثلاثة.

فوجمنا مدهوشين ثم صحنا نسائل بعضنا بعضا:

-الشيخ علوان يتزوج ؟ ونساء أخيه الثلاثة؟ هذا محال!

- بل هو الواقع يا بهوات، لقد كان أخي رحمه الله مزواجا، يملأ بيته قطيع من النساء والأطفال، كما يملاء قطيع الغنم زريبة المواشي.

- ولكنك كنت من أنصار العزوبة فماذا حل بعقلك؟

- أؤكد لكم أني لم أفعل شيئا في حياتي أقرب إلى العقل من هذا الزواج المبارك فصاح به أحدنا قائلا:

- أنت مجنون.. بلا شك مجنون!

فصرخ الشيخ علوان فيه، وقد غارت تجاعيد وجهه المحمر وبرزت عيناه المتقدتان وقال:

- وهل كنت تريد أن أساكن هؤلاء النسوة الثلاث طول حياتي من غير أن أكون زوجا لهن.. لقد تركهن المرحوم أخي وكبراهن لم تبلغ الثلاثين وصغراهن لم تتخطى بعد عامها السادس عشر أعني أنهن أطفال في حاجة إلى حام وحارس، وقد عشت معهن في دار أخي ـ شهرين - أمضيتهما وأنا أسائل نفسي: "هل تدوم الحال على هذا المنوال يا علوان؟ ألا تظن الناس بك سوءا؟ وإذا تركتهن فإلى من يلتجئن، وأخي لم يترك خلفه إلا الدين والرهن والحجوزات؟ أأتركهن في المنزل يعشن فيه بلا رئيس فيطغين ويفسدن؟ وهذا القطيع من الأطفال أيهمل ويشرد ؟ لم يكن بيت أخي دارا فحسب بل كان مملكة يجب أن يتبوأ عرشها ملك.. وملك حازم أيضا، وها قد تبوأت هذا العرش باختياري، لأحسن إلى أخي وأرضي ضميري.

فضحكنا ضحكا عاليا وأجاب هو على هذا الضحك بقوله: تظنون أني لست أهلا لهذا المنصب، ولكني أدعوكم غدا للغداء عندي في منزلي الجديد، وسيقوم بخدمتكم أفراد الأسرة جميعها من زوجات وأولاد، وسترون كيف أدير هذه المملكة الصغيرة، وكيف أحظى فيها بكل احترام - أتقبلون ؟

- نقبل بكل سرور

وصمتنا برهة والدهشة ما زالت تحوطنا، ثم تكلم أحدنا قائلا:

- وهل أنت سعيد يا شيخ علوان؟

- وهل في ذلك من شك

يا سيدى البك.. لقد اهتديت إلى منزلي أخيرًا - المنزل الذي لم أكن أعرفه من قبل - وحظيت فيه بطائفة صالحة تعمل جهدها لاسعادي، هذه تطبخ طعامي وهذه تغسل ملابسي، وهذه تنظف حجرتي، هذا يأخذ عصاتي حينما أدخل، وهذا ينزع نعلي وجوربي، والآخر يخلع عمامتي ويجفف عرقي، والصغير يتسلق على أكتافي ويغمرني بقبلاته.

ثم تنهد بانفعال وابتسامته الخالدة تلعب على وجهه وقال:

- ما أحلى الحياة حينما يكون الإنسان محبًا ومحبوبًا.. يكفي يا بهوات إني أقول: "أريد قلة الماء" فأرى القطيع وعلى رأسه نعاجه الثلاثة يتسابقون لخدمتي، ويا فخر من يقدم لي القلة، ويحظى بهذا الشرف، وإذا سمعت مثلا هرجا ومرجا وصرخت قائلا: "لا أريد أن يصرخ أحد، أنكم تقلقون راحتي" سكتت الزوبعة في الحال ولا أعد أسمع إلا دقات قلبي، وابتسم ابتسامة كبيرة ملأت فمه وقال :

- أنا اليوم سلطان أنعم بلذة الحكم، ولكني سلطان عادل تحبني رعيتي وتقديني بأرواحها.

ثم أخرج ساعته من جيب الحزام وقال:

- يجب أن أعود إلى المنزل فإن القطيع في انتظاري، لقد وعدتهم بكمية من الحلوى الفاخرة ونادى على خادم المحل وأخرج من جيبه المبلغ الذي جمعه منا وأعطاه جميعه له وهو يقول: أريد أن تشتري لي بهذا المبلغ كمية مختلفة من الحلوى، مارون جلاسیه، فوندان، شيكولاته.. إلخ ومن أفخر الأنواع.. هلم إني في انتظارك ثم التفت إلينا وقال:

- هذه نقودكم يا سادة وأقسم لكم إني لا أملك سواها، وإذا ما أتى الغد وهبني الله غيرها.. كم سيفرح الجميع بهذه الحلوى اللذيذة.. أما نصيبي منها فسيكون قليلا جدا، ربما اكتفيت بقطعة واحدة من الشيكولاتة .

وأحضر له الخادم ما طلب فأراد أن ينفحه بشىء فلم يجد نقودا في حبيبه، فمال على أحدنا وقال: أرجو أن تعطيني خمسة قروش مما عليك، سوف تكون الضريبة خمسة عشر قرشا فقط في الأسبوع الآتي فأخرج له الصديق المبلغ بلا اعتراض فنفح الشيخ به الخادم، وقام متأبطا صرته الكبيرة وسلم علينا وهو يقول :

لا تنسوا الموعد، أقسم لكم أنكم سوف تأكلون أكلة لم تحلموا بها طول حياتكم...

الاكثر قراءة