الأحد 16 يونيو 2024

قبل صدوره غدًا.. خبراء يوضحون سيناريوهات قرار محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل

محكمة العدل الدولية

تحقيقات23-5-2024 | 15:05

أماني محمد

تحسم محكمة العدل الدولية غدا قرارها بشأن تدابير الطوارئ في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل، مع توقعات بأن تصدر المحكمة قرارا بوقف الحرب على قطاع غزة، وذلك بعد أن تقدمت جنوب أفريقيا بشكوى ضد إسرائيل لارتكابها إبادة جماعية في غزة.

وتوقع خبراء أن تصدر المحكمة قرارًا بإدانة الاحتلال الإسرائيلي ووقف أعماله في غزة، موضحين أن هذه القرارات هي إدانة دبلوماسية وقانونية، لكنها تفتقر إلى قوة التنفيذ على أرض الواقع، موضحين أن العدل الدولية ليست جهت تنفيذ وأن الأمر بيد مجلس الأمن الذي قد يواجه صعوبات في التنفيذ بسبب حق الفيتو، إلا أن الأمر له تأثيرات في كشف جرائم الاحتلال على المستوى العالمي.

 

سيناريوهات قرار محكمة العدل الدولية

ويقول الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير العلاقات الدولية والشئون الأمريكية بمركز الأهرام للدراسات، إن القرار المتوقع من محكمة العدل الدولية ليس هو الحكم النهائي الذي يبت فيما يتعلق بموضوع الدعوة التي رفعتها جنوب أفريقيا للنظر فما تقوم به إسرائيل من جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، موضحا أن ما سيصدر من المحكمة هو قرارات خاصة بإجراءات تسمى بالإجراءات العاجلة، وهي مطالبة إسرائيل بوقف العدوان في غزة وما ترتكبه من جرائم، ووقف عدوانها على مدينة رفح والاجتياح البري.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هذا الوقف لما قد يترتب عليه من مخاطر أساسية سواء مخاطر إنسانية ووقوع مذابح جماعية جديدة وآلاف الضحايا، في ظل وجود أكثر من 1.3 مليون نسمة في مساحة صغيرة لا تتعدى 60 كم2، فهذا الاجتياح البري يعرض الفلسطينيين للخطر ويفاقم من وقوع جرائم ابادة جماعية، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن تلزم يعني تطلب المحكمة من إسرائيل بعدم الارتجاح البري ووقف كل الإجراءات التي تؤدي الى قتل فلسطينيين.

وشدد على أنه بالنظر في القضية الاساسية وهي الخاصة بما تقوم به إسرائيل جرائم ابادة جماعية ام لا، فهذا سيكون محل نظر من المحكمة، ربما يمتد الى شهور أو سنوات، موضحا أن ما قامت به جنوب افريقيا مؤخرا، هو طلب لإجراءات عاجلة من المحكمة اتجاه إسرائيل لردعها ووقف ما تقوم به من اعمال ضد الفلسطينيين تمثل انتهاكا وجرائم ضد الإنسانية.

وأضاف أن القرارات التي صدرت عن المحكمة في السابق وطلبت إسرائيل بوقف كل الإجراءات التي تؤدي الى قتل الفلسطينيين ومنع العدوان، وطالبتها بتقديم تقرير في خلال شهر، او القرار المتوقع غدا، في نهاية المطاف هي تمثل انتصارا للعدالة الدولية، وأن إسرائيل بات قفص العدالة، التي هي داعمة للشعب الفلسطيني، وان ما يتعرض له من عدوان ومن جرائم حرب هي جرائم ضد الإنسانية يجب محاكمة المسئولين الإسرائيليين عنها.

وأشار إلى أنه من الناحية الواقعية، إسرائيل تضرب بعرض الحائط هذه القرارات ولا تقوم بتنفيزها، كما أن الجانب الأمريكي أيضا يرفض تنفيذ هذه القرارات، بل ويهاجم محكمة العدل الدولية، موضحا أنه عندما أصدرت محكمة العدل في مارس الماضي إجراءات ضد إسرائيل تطالبها بوقف كل ما من شأنه ان يمثل انتهاكا واعتداء على الفلسطينيين وقتل الفلسطينيين، عاقبت أمريكا محكمة العدل الدولية على قراراتها وأوقفت تمويل الأونروا وبالتالي استخدمت سلاح الإنسانية وتسييسها لصالح إسرائيل.

وأكد أن قرارات المحكمة وإن كانت رمزية خاصة أنها لا تملك آلية لتنفيذ هذه القرارات وإنما تلجأ لمجلس الأمن الدولي باعتباره الجهة الحافظة للأمن والسلم الدوليين، لكن هذا المجلس عاجز ويصاب بالشلل بسبب البيت الأمريكي ضد اي إجراءات ضد إسرائيل، مشيرا إلى أنه رغم هذه العقبات امام تنفيذ إسرائيل لهذه القرارات، الا انها تمثل انتصارا معنويا وتعكس أن إسرائيل الآن في عزلة دولية ودولة منبوذة ترتكب كل الجرائم، وأنها الآن على مدار عقود أصبحت في مرمى العدالة الدولية سواء في محكمة العدل الدولية او المحكمة الجنائية الدولية.

 

توضيح حقيقة الإجرام الإسرائيلي

ومن جانبه، قال الدكتور رامي عاشور، أستاذ العلاقات الدولية، إن محكمة العدل الدولية ليس من اختصاصها البت في وقف أو استمرار القتال، فرأيها غير إلزامي، موضحا أن إسرائيل لن يوقفها عن الحرب قرار محكمة، لأنها تستخدم القوة كمنهج أيديولوجي، فالقوة أو القمع هو وسيلة تحقيق الأهداف، فما سيوقفها عن خططها هو استخدام ضغط، وهذا الضغط لن يكون إلا من خلال الولايات المتحدة الأمريكية، لأنها الدولة الوحيدة في العالم القادرة على وقف إسرائيل.

وأكد في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن التأثير الوحيد لأي قرار من المحكمة، هو توضيح حقيقة الإجرام الإسرائيلي في المجتمع الدولي، وهذا له تأثير مهم، بعد أن ظلت إسرائيل طوال سنوات عديدة، بعد مؤتمر مدريد للسلام ومعاهدة أوسلو تروج لنفسها أنها ليست عدوا للعرب، وتستخدم تقدمها العلمي كمجتمع صاحب رؤية تقدمية للبشرية وأن الداخل الإسرائيل نموذج للديموقراطية كمجتمع متعدد الأعراق والديانات وأنها دولة مثالية، بعكس بقية دول الشرق الأوسط التي تعاني من مشكلات طائفية صراعات وحروب أهلية.

وأضاف أن قرارات المحكمة، تهدم كل الصور عن الإيجابيات والمثالية الإسرائيلية، التي تحاول صنعها وترويجها للعالم، ويكشف حقيقتها أنها مجتمع دموي ويتخذ من الجرائم وسيلة لتحقيق أهدافه، وأنه لا يمت باي صلة بكل القيم التي صدرها طوال السنوات السابقة، مشيرا إلى أن القرارات تفضح سجل السمعة الإسرائيلية، لكن لا يعول عليه لوقف الحرب، حتى لو صدر قرارا بوقف إطلاق النار.

ولفت إلى أن محكمة العدل الدولية قد تصدر غدا قرارا بوقف إطلاق النار، لكنه قرار غير إلزامي، وقد تصدر سجل من التنديدات للممارسات الإسرائيلية، وهو ما قد يكون له صدى في إثبات السجل الإجرامي لإسرائيل، وفيما يخص الجنائية الدولية، استبعد أن تصدر قرارا باعتقال نتنياهو وقادة الاحتلال، ومع افتراض صدور القرار فلا يمكن لدولة أن تجرؤ على تنفيذ هذا القرار، فعندما أصدرت في وقت سابق قرارا باعتقال بوتين، الخارجية الروسية فضحت التاريخ الحافل لهذه المحكمة في تسييس قراراتها، فقد يكون الأمر مجرد واجهة لكن بأن هناك قانون دولي ومؤسسات، لكن على الأرض القوة هي التي تحكم.

تأثير سياسي ودبلوماسي

وقال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن العدل الدولية كانت نظرت الدعوة المقدمة من جنوب أفريقيا، والتي تضامنت معها فيها عدة في مناطق مختلفة من العالم، وأعلنت مصر من فترة قريبة اعتزامها الانضمام إلى هذه الدعوة، موضحا أن المحكمة كانت اتخذت قرارات مؤقتة بهدف عدم تدهور الأوضاع في قطاع غزة، وتلزم بها إسرائيل بالتقدم في خلال شهر، بتقرير عما يحدث وحماية المدنيين.

وأضاف في تصريح لبوابة دار الهلال، أن إسرائيل لم تأخذ بهذه الإجراءات أو الترتيبات المؤقتة التي أوصت بها المحكمة، ومصر كان لها دورا من الناحية القانونية، وتقدمت بمذكرة إلى محكمة العدل الدولية وقدمت مرافعة شفوية أمام هيئة المحكمة، مضيفا أن إسرائيل لم تلتزم بقرارات المحكمة ولا بالترتيبات المؤقتة، بل تزايدت حدة العنف الإسرائيلي في قطاع غزة، وتزايد سياسات الحصار والتجويع وعدم إدخال مساعدات الإنسانية، وكذلك حصار  معبر كرم ابو سالم والسيطرة على معبر رفح، مما يعني سد الطرق البرية لوصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

ولفت إلى استمرارية الوحشية الإسرائيلية في رفح الفلسطينية، وإعلانها استمرارها في هذه الحملة التي تهدد قرابة 2 مليون فلسطيني نزحوا الى هذه المناطق الجنوبية، مؤكدا أن مصر كان لها دورا في هذا الاطار وأعلنت أنها ترفض سياسة التهجير القسري التي تقوم بها إسرائيل.

وأشار إلى أنه من المتوقع أن تصدر المحكمة قرارا في هذه الدعوة ضد إسرائيل، لكن المحكمة لها اختصاص ودور قانوني ولكن ليس تنفيذيا، والتنفيذ له هيئة أممية أخرى، وهي مجلس الأمن، مشيرا إلى أن مجلس الأمن هناك دول تتمتع بحق الفيتو ومنها دول مؤيدة لإسرائيل على طول الخط، وتعيق التنفيذ، إلا أن صدور القرار من المحكمة بمسؤولية أو إدانة إسرائيل وعدم التزامها بقواعد القانون الدولي والإنساني وارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، سيكون له تأثير على المستوى السياسي والدبلوماسي ودول العالم المختلفة.

ولفت إلى أن التنفيذ قد يكون من خلال مواقف من الدول بشكل فردي بمعنى أن تضع عقوبات على إسرائيل مثل المقاطعة السياسية الدبلوماسية أو الاقتصادية أو التجارية، وهو ما يمثل نوعا من الضغط على إسرائيل في هذا الإطار، موضحا أن المحكمة الجنائية الدولية اختصاصها النظر في جرائم الحرب والإبادة والجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية، وهناك معاهدات تنظم هذا العمل منها معاهدة جنيف، وصدور قرار منها ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع هو أمر له ثقل قانوني، ولكن تنفيذه يقع على عاتق الدول.

وشدد على أن قرار العدل الدولية المتوقع سيمثل إدانة لإسرائيل على المستوى الدولي والقانوني، واتهام مباشر لها يؤكد أنها ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتخالف القوانين والأعراف الدولية، ويحدث تغيرات في مواقف عديد من دول العالم واتجاهها إلى تأييد الحق الفلسطيني والتخلي عن فكرة المعايير المزدوجة، موضحا أن الاتجاه العالمي بدأ يكون في هذا المسار، وحدث أمس أن أعلنت 3 دول اعترافها بدولة فلسطين، وهناك اتجاه عام دولي نحو الاعتراف بحق فلسطين ان تكون دولة وعضو في الامم المتحدة وان يتم تنفيذ قرارات الشرعية الدولية.