تعد مسرحية "طرطوف" من أهم أعمال الكاتب الفرنسي "موليير"، التي كان لها تأثير حي على الطابع الإنساني، لأنها تدرس نتائج الأفعال والتصرفات البشرية، وما يمكن أن يترتب عليه تصرفات من نأتمنهم على مصالحنا، وتكشف لنا هذه المسرحية العديد من التصرفات التي تؤدي إلى نتائج سيئة في النهاية مثل الخداع و الحب والتدين فضلا عن التستر وراء قناع التقوى والأعمال الصالحة والتحدث بلغة العواطف التي تؤدي في النهاية إلى وقوعنا في شباك المحتال.
تتمحور هذه المسرحية حول الشخصية الرئيسية وهي طرطوف، الشاب المخادع الذي يتستر وراء التقوى والتدين والبحث عن مصالحه دون إعتبار لمصالح الأخرين، والذي دائما ما يتحدث بلهجة عاطفية أمام الناس، فسرعان ما اصطحبه أورغون وهو رجل ثري مع والدته السيدة برنيل إلى منزله، وذلك لإعتقاده أنه سوف يكون له منفعة لأهل البيت بسبب تقواه وصلاحه.
وكانت الكلمة الأولى والأخيرة في البيت من نصيب أورغون، الذي كان دائما ما يتأثر بكلام المحتال طرطوف، الذي يملي عليه ما يفعله، وأدى به الأمر في النهاية أن يزوجه من ابنته الحسناء ماريان التي كانت تحب شخص آخر يدعى فالير، وهنا تتصاعد الأحداث وتحاول زوجة أورغون وهي ألمير التحدث مع طرطوف لتحاول إقناعه بالإبتعاد عن ابنتها ماريان، ولكن يستغل طرطوف الفرصة ويحاول الإيقاع بها.
ولحسن الحظ، استمع ديني وهو شقيق ماريان إلى ما حدث، وأبلغ والده السيد أورغون عن ما حدث في شأن طرطوف وجاء ليحذره منه ولكن لم يستمع إليه، وقرر أوروغون في الأخير حرمانه من الميراث، وإعطاه كامل ثروته في النهاية لطرطوف، ولكن يقع طرطوف في فخ شقيق أورغون ويقبض عليه في النهاية بتهمه الإحتيال.
يرسل الكاتب المسرحي موليير، العديد من الرسائل في تلك المسرحية، إلى الإنسانية جمعاء من خطورة السعي وراء من يقال عنهم أتقياء ويتحلون بالأخلاق الكريمة بدون التحقق من ذلك، فضلا عن الحذر من الأشخاص اللذين يستترون وراء أي صفة طيبة أخرى لتحقيق مصالحهم الشخصية، خاصة رجال الدين والسياسيين ورجال الثقافة.
وفي السياق نفسه، تدعو أحداث المسرحية إلى أهمية الإعتماد على العقل وعدم الانخداع بالمظاهر، وأن للحقيقة قوة سوف تنتصر في النهاية مهما حاول الآخرون إخفائها.