الخميس 20 يونيو 2024

الهوية


د. هدى زكريا

مقالات6-6-2024 | 16:13

د. هدى زكريا

للهوية الوطنية دورها وأهميتها في تأسيس الدولة وتماسك المجتمع. تلك الهوية التى يجب أن نوضح هنا أنها لم تكتمل استعادتها، خاصة وأن هناك جوانب ثقافية وفكرية تحتاج إلى التطوير والتعزيز.

وفى ذلك الإطار نذكرعلى سبيل المثال، الثورة الفرنسية وتأثيرها على استقرار فرنسا وتحولها إلى دولة عظمى، مما يبرز أهمية الأمن والاستقرار في تحقيق التطور والتقدم..

وللمجتمع المدني والصفوة المثقفة في إعادة بناء الهوية وتعزيز الوعي الوطني، دور كبير مع التأكيد على أهمية التوحيد بين رؤية الصفوة والشعب لتحقيق التقدم والتطور..

فالهوية الوطنية تعتبر أساسية في تأسيس الدولة وتماسك المجتمع، فهي تمثل الروح التي تجمع أفراد المجتمع تحت راية واحدة وتعزز الشعور بالانتماء والولاء للوطن.

إذا لم تكتمل استعادة الهوية المصرية بعد، فهذا يعني أن هناك حاجة ملحة للعمل على تعزيزها وتطويرها.

وأحد جوانب تطوير الهوية الوطنية هو تعزيز الجوانب الثقافية والفكرية للمجتمع.

حيث يمكن ذلك من خلال دعم الثقافة المحلية والتراثية، وتشجيع الفعاليات الثقافية والفنية التي تعكس الهوية المصرية الأصيلة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن تحسين التعليم والتثقيف لتعزيز الوعي بالهوية الوطنية وقيمها..

 

أما فيما يتعلق بدور الجيوش والقوات المسلحة، فهي تلعب دوراً حاسماً في حفظ الأمن والاستقرار، وبالتالي، في تعزيز الهوية الوطنية، من خلال حماية البلاد ومواجهة التحديات الأمنية، تعزز القوات المسلحة الشعور بالفخر والانتماء لدى المواطنين وتؤكد على أهمية الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات الخارجية.

فنحن لم نستعد الهوية المصرية كاملة بعد، لقد استعادت ثورة 30 يونيو،  فقط الأعمدة الأساسية والرئيسية للدولة فقط أو ما يمكن أن نطلق عليه" الهاردوير" مجازًا تمهيدًا للحصول على  السوفت وير"والتى تتمثل فى الثقافة والأفكار الأساسية وهنا يجب أن نشير إلى دور الجيوش والقوات المسلحة في الحفاظ على الأمن والاستقرار وتعزيز الهوية الوطنية.

 فدور الجيوش والقوات المسلحة،  تاريخيا، هو إنقاذ الشعوب الذى لا يتم إلا بالجيوش على سبيل المثال، الثورة الفرنسية التى ظلت مستمرة لمدة أربعة عشر عاما فى ظل فوضى عارمة

وقيام مواجهات دموية بين قرى وأخرى وكانت فرنسا على وشك التفكك، فأرادت الدول المجاورة تقسيمها فيما بينهم" إنجلترا، هولندا، ألمانيا، النمسا.

 ومع اكتمال الفوضى تم إعدام زعيم الثورة من قبل محكمة الثورة وتم إعدام أيضاً نساء الثورة.

وكما قال كارل ماركس فى كتابه الذى يناقش فيه الثورة الفرنسية والبدلة العسكرية ما أن ظهرت البدلة العسكرية والشارب" شارب الجندى" فى الشارع حتى استتب الأمن للمرة الأولى منذ أربعة عشر عاما.

ويؤكد ماركس أن ظهور البدلة العسكرية جعل الأمن يستتب فى فرنسا. وذلك هو ما أنقذ فرنسا بالفعل.

والكثير من أفراد الجيوش فى العالم مرتزقة  يلتحق أفراده به طلبا للمال.

فكلمة الوطنية والبطولة ليست مطروحة هنا.

فالجهد الذى يجب أن يبذله المجتمع المدنى وكصفوة مثقفة، هنا يجب القول عنه أنه  التوحد بين رؤية الصفوة والشعب، لأن الكثير من الصفوة عندنا متأثرون بأفكار غربية وغير مشغولين بخصوصيتنا نحن وخصوصيتنا التاريخية، فأتمنى أن الصفوة الوطنية تساهم فى استرداد الهوية .

لأن الهوية تعرضت للخطف والاعتداء من هؤلاء ، الذين قالوا عن الوطن أنه "ما الوطن إلا قطعة من تراب عفن" فعندما تقول ذلك  فذلك يعنى أنك تنتمى لـ52 دولة إسلامية ولاتنتمى قط لوطنك وذلك من أقوال وأفكار حسن البنا ثم من بعده مهدى عاكف فتوارثت الجماعة تلك الأفكار واعتنقتها .

وهنا يجب أن نشير الى أن الحس الوطنى بحاجة إلى جهد كبير بداية من مناهجنا الدراسية إلى كتب التاريخ إلى تفاصيل كثيرة توضع فى الاعتبار.

 عندما نتحدث عن استرداد الهوية يجب فى البداية معرفة ماهو الوطن..

 يقال أن الوطن ماهو إلا لحظات تاريخية نتذكرها لأن الإنسان لا يعيش فى أمان إلا فى ظل الأمان الجمعى للوطن.

فالضمير الجمعى هو ، مجموعة القيم أو الهوية والمعايير والأفكار والدين، كل هؤلاء يمثلوا الضمير الجمعى.

أما عن تعريف الهوية ..

فهى باختصار الانتماء جغرافياً وتاريخياً أن ننتمى للتاريخ و الزمان والمكان، كما قال جمال حمدان:

الجغرافيا هى التاريخ الثابت والتاريخ جغرافيا متحركة، هنا هويتك مرتبطة بالذاكرة حيث إنه يجب غرس الفرد فى المجتمع  الذاتى الأنانى بالجمعى الإيثارى.

 وهذا يجعل الهوية تتشكل من خلال ارتباط الفرد بالجماعة، الذاتى بالجمعى ونفعل ذلك من خلال موارد الهوية، التاريخ، الثقافة،  لذلك الهوية تعنى من أين جئنا ؟ومن نحن؟  فالهوية تضع خريطة المستقبل.

ولابد أن نستحضر أصلنا الكامل فى ماضينا التاريخى، فالهوية توحدنا مع ماضينا والوطنية التى يجب هنا معرفتها هى، دمج الفرد فى الجماعة بقدر شعوره العاطفى الذى يربطه بهذا المجتمع ولكن العكس تماما عند الدول التى لاتملك تاريخا أوماضيا.

 كما قال  ديفيد ماك كرون فى كتابه "علم اجتماع القوميات":

 جمعنا آلاف الحكايات والأساطير وقمنا بإدخالنا معمل التاريخ فقد كانت مهمتنا اختراع ماضى لم يحدث، حافل بالأمجاد المشتركة، ويكون قاعدة لحاضر مجيد بحيث يتمكن الأفراد من إنجاز  فى ماضيهم أمجاد عظيمة وتتأجج لديهم الرغبة فى القيام بأمجاد فى المستقبل.

وأضاف كرون،  فهنا النزعة القومية التى يعرف عنها أعداؤنا ويقولون عنها أنها تغوص وتطفو بمعنى أنه، لو لم تأخذ الأمم دروسا فى القومية والهوية سيصيبها ما أصاب أمم قبلها فهناك أمم نامت وأمم نهضت أما نحن فقد اخترعنا أمما لم يكن لها وجود من الأصل.