الثلاثاء 18 يونيو 2024

تحقيق الأمنيات والثوب الأصيل

مقالات12-6-2024 | 17:16

عليك أن تعتز دومًا بهذا الشعور، بهذا الإحساس الذي يرفع منك ويعلي من شأنك مهما كانت حاجتك لشخص ما، لشيء ما، إن وجدت في هذا تعارض مع احتفاظك بعزة نفسك، فعليك بالتخلي عن كل شيء، دون مناقشة لا تقبل بأن تتوسل أو تتقرب من أي إنسان لكي ينفذ لك أحلامك وأمنياتك، دعك منها ولتذهب جميعها إلى الجحيم؛ عزة نفسك هى تاج ملكك، ووسام استحقاقك فلا تتركها للعابثين، كن مع هؤلاء الذين يمتنون لأنفسهم بأنهم يمتلكونها ولا يفرطون بها، من يعتزون بها وبهذا الثوب الأصيل المنسوج من خيوط جمعت بين الترفع، وعدم الخضوع.

دع عملك ونشاطك الدؤوب يتسع ليملأ أرجاء الدنيا دون ملل، اعلم بأن رزقك في النهاية مكتوب ومعلوم، اترك أمرك بين يدي الله رب العالمين.

لم يخلقنا الله لكي نعيش أذلة خاضعين، بل أعزنا لكي نبقى إليه -وحده- منيبين طائعين، يملؤنا الرجاء في توفيقه لنا، فنحن بالقرب منه سنعثر على ذواتنا، ونتعرف على إمكاناتنا، ثم نخطو أولى خطواتنا في طريقنا المكتوب، دون تعجل بالنزول قبل محطة الوصول. 

السعي مطلوب، والقدر مكتوب، فلم القلق إذن؟ ممن؟ وعلى مَن؟ كلنا يعلم أن غرس البذور في الأرض شيء هين لكن الاهتمام بها ورعايتها قد يحتاج إلى أيام وشهور، علينا أن نتقن الصبر، ويومًا ما ستنمو أشجار أحلامنا وتزهر، يومًا ما سوف تتحقق الأمنيات، ونجتمع معًا لنسير تحت ظلالها، ستزين حدائق أيامنا، تبهر كل من يراها أو يشم عطر أزهارها وهى تنثر لمن حولها العبير. 

عندها سترتفع وتقنع بترتيبات القدر الذي حُفِظ باسمك في لوح الله المحفوظ، فطر الإنسان على التعجل في الحكم على أغلب الأمور، لا يدرك قيمة الصبر ولا يقبله إلا من كان واثقًا من حكمة ربه، وليس كل إنسان صبور! اتركها لله بعد أن تأخذ بالأسباب، وكن على يقين بأن من كان أمره بين -الكاف والنون- قادر على منحك من فيض نعمه ما لم يكن خيالك ليصل إليه يومًا، فما عز عليه من شيء في ملكه سبحانه، أيعز عليه تحقيق أمنية لعبد من عباده لا يملك سوى حسن الظن به؟ حاشاه ربي أن يبخل وهو الغني، وهو العلي الكبير. 

يتقاتل البعض رغبة في الوصول باتباع طرق تخلو من التعفف بشكل غير مسبوق، يسعون وهم يجهلون أن العاقبة للمتقين، راقب الله في عملك وستنجح، واصل السير في طريقك وستصل، افعل الخير وستجده يرتد إليك أضعافًا مضاعفة، اجعل من حسن ظنك بالله سفينة نجاة، إياك والتوكل على غيره سبحانه، وهذا يقينًا من عزم الأمور.