الخميس 27 يونيو 2024

«تصريف النظرة».. سر غضب الأمهات في العيد ترويه ذاكرة عباس العقاد

ذكريات الطفولة

ثقافة19-6-2024 | 13:15

بيمن خليل

في مقالٍ نُشر بمجلة الهلال في عددها الصادر بتاريخ 1 مارس 1963، تحت عنوان «ذكريات الطفولة ودروس العيد» يستعرض الكاتب الكبير عباس محمود العقاد ذكرياته عن طقوس وتقاليد العيد في مصر خلال فترة طفولته.

ويصف العقاد كيف تبدأ تهنئات العيد في الريف المصري بعد غروب شمس يوم الوقفة، حيث تقتصر التهنئة على الجارات القريبات من المنزل، لأنهن عادةً ما يذهبن صباح العيد إلى المقابر لتوزيع الصدقات على أرواح الموتى، وتدخل الجارات المنزل واحدةً تلو الأخرى مرددات دعاءً ثابتا ينتهي بعبارة: "يعود عليك كل سنة بخير.. أنت وصغيرينك وصاحب بيتك والحاضرين والغائبين في حفظ الله".

ويتحدث العقاد عن طقوس تجهيز الملابس الجديدة للأطفال قبيل المغرب، والتي تتولاها الأم بنشاط وسرعة، ولكن في الوقت ذاته بغضب وشدة وأحيانا بسخط وصياح، مرددة عبارات مثل: "تعال يا ولد.. اذهب يا مسخوط.. الحق ادخل الحمام.. إن شاء الله ما لبست.. إن شاء الله ما استحميت..!"، وهو ما اعتاد عليه الأطفال في كل عيد.

ويروي العقاد موقفا طريفا حدث له في طفولته، حين رفض ارتداء الملابس الجديدة وذهب لزيارة جدته صباح العيد بثيابه القديمة، مما أثار استغراب الأطفال هناك، وحين سألته جدته عن سبب عدم ارتدائه الجديد، شكا لها من سخط أمه وشتائمها أثناء تجهيز الملابس وسط الجارات، فابتسمت الجدة العارفة بطباع ابنتها، وشرحت للعقاد الصغير أن أمه لا تبغضه ولا تدعو عليه، وإنما تفعل ذلك "لصرف النظرة"، أي لمنع حسد الجارات اللاتي حُرمن من الأطفال ولا يشاركن في فرحة تجهيزات العيد، فإذا شهدن غضب الأم بدلاً من الفرح، بطُل الحسد وسلم الأطفال وأمهاتهم من أعين الحاسدات.