الثلاثاء 2 يوليو 2024

إرثي.. صديق

مقالات30-6-2024 | 14:44

إذا ظللت طيلة العمر تبحث وبشكل يومي عن معنى صاحب عبر مواقع البحث ستجد مئات الصفات والنتائج التي ربما تظهر نقاط في بحر تلك الكلمة العميقة التي برغم من كونها كلمة عامية من أربع حروف فقط إلا إنها تحمل العديد من الصفات والمعايير الأخلاقية، وللأسف هناك كثيرون يسرقهم العمر وزحمة الحياة وسرعة الزمن، دون إيجاد الصاحب الجدع أو الصديق السند، أصحاب القلوب الحقيقة والذهبية.

فهناك من يعيش فوق النصف قرن بأصدقاء لم يختارهم بل تفرضهم عليهم الظروف، والبعض الأخر ربما يقبل بنصف صديق مهما بلغت عيوبه وطاقته السلبية خوفا من "بعبع" الوحدة، لذلك أبحث عن أخ حقيقي بمواصفات صديق، وأما فلتقبل بمن يفرضه عليك الزمن فلا تعاتبه على طباع فالطبع غلاب والعرق دساس، ولكن العتاب بقدر المواقف فقط. أختار جليسك بعناية فمثلما قال نبيا الكريم محمد صل الله عليه وسلم "إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة".

أحمد الله كثيرا أن وهبني أصدقاء ومقربون لا عدد ولا حصر لهم، ومن حسن حظي أنني شاهدت محبتهم في الدنيا في شدتي وأنا حي أرزق، حقا أيقنت التفرقة، فهناك من كان بعيدا يتحسس سؤالي من وقت لأخر قبل محنتي، لأجده في محنتي الأشد والأصدق حبا، قلبه كالماس ليس هدفه الجهر بالجدعنة لحصد منافع منها، بل فعل ومازال يفعل من أجلي الكثير في الخفاء.

لم يهتم بالقيل و القال بل محبته غلاف قلبه، الصاحب الجدع له مميزات كثيرة قد يكون منها الأنانية أو الاستحواذ في الصحبة والمحبة والفعل، فالصداقة ليست مجرد حشو أفراد في دائرتك لسد خانة المظاهر الاجتماعية ، إنما الصديق حقا وقت الضيق سرا وليس جهرا وعلانية فما يهمه هو أنت فقط، دائما يضعك أولى مرتبات حياته، تجده مقصدك و أمانك ومأمنك، سرك معه في بئر عميق، يتحمل حالتك النفسية المتقلبة، تستحوذ على ثقته، الصاحب كالخزانة وأسرارك أغلى من المجوهرات، بجوارك أينما توجهت دون السؤال عن أين ستقذفكم رحلة الحياة، تجده في مرضك تاركا للخصومة فالمرض شيء والعتاب منحنى أخر، يمنحك الطاقة الإيجابية ويدفعك للأمام ، يحميك من شرور نفسك ومن الأمراض النفسية التي ربما تكتسبها من الإختلاط ببعض النماذج بالمجتمع.

نصيحة لك فبعد ٣٠ عاما كان إرثي في الدنيا منها أصدقاء فأنا لم يحالفني الحظ حتى الآن بشريك حياة، ولكن أعطاني الله ما هو أكبر وهو الصديق الحقيقي، أختر من يحيط بك وبحياتك بعناية أبتعد عن المزيفين والمحبطين "أصحاب اللمة الكدابة " ما هو مش العدد ع الليمون" تأكد أن واحد حقيقي بألف، وإذا وجدته تمسك به حتى وإن شغلته الظروف عنك، حتى وإذا تعرض للذم من البعض زورا وكذبا فيه بدافع الغيرة ، أو لسرقة أرضيتة من محبة الناس له، فلا تجعل كل هذا النفاق ممن حولك يدفعك للشكك في كونه إنسان نظيف ولم يقلل من حبك له.

فمن كان بجوارك في المرض والعرض والإصابة دون أي طمع في مال أو مصلحة، فهو الأوفى والأصدق، إنسان أثبتت الظروف شفافيته ونقاء قلبه واضح ذكي لديه تفسير وتوضيح لكل شئ تتسأل عنه، يفهم من حوله ويبتسم للجميع متأكدا أن الزمن كفيل بإثبات كلا عن شكيلته، محب لسماعك يجيد مبدأ الطبطة على قلبك، يضع نفسه مكانك ويقدرك ، عندما تضيق بك دنياك تجده منيرا لك طريقك بشمعة أمل، عندما تسأل من خليلك تجده أول من يرجحه عقلك، وعندما تشعر أن العمر أنفلت من بين يديك تنظر إليه لتشعر بأن العمر لسه في أوله ، تحاوطك أسوار الذكريات والمواقف معه، فالعمر لحظة تحتسب بموقف ولحظة سعيدة لا بسن ولا رقم، فإذا كنت تعتقد إنفلات عمرك دون صديق حقيقي فأعلم أنك أضاعت عمرك، ولكن أبدأ وأبحث عن شبيهك ولا تتعجل لقاء الصديق المناسب.

ستظهره المواقف وسيستمر معك، لكن أحذر اذا خالفت خطاه وأنصرف فأعلم أنه متملق منافق باحث عن مصالح، أختر بعناية صحبتك وأغلق على قلبك بقفل من حديد " لما تلاقي صاحبك الجدع"، حقا في الرحلة في الطريق، صعب نقابل صديق، حب بحق وحقيقي أحساس ياخدك معاه، أصحاب أنا وأنت ولا فاكرين الماضي ولا ناسين كل اللى بنا، ولا طبع الحياه..

الآن قف أمام المرايا و أنظر لخليلك فهل هو الوفي الصادق؟ أجب وأحترس! من اللمة الكذابة وأصحاب المصالح الزائفة ..فالمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل..

الاكثر قراءة