الأربعاء 3 يوليو 2024

وحيد حامد..الفلاح الفصيح المدافع عن الهوية

وحيد حامد

بورتريه الهلال1-7-2024 | 13:09

أبانوب أنور

بمهارة وموهبة فذة لم يمتكلها غيره غاص في أعماق الشخصية المصرية باحثا عن ذاتها مدافعا عن هويتها ،ناقدا للأوضاع الاجتماعية والسياسية، مستشرقا للمستقبل وما يحمله ،  لسان حال المواطن  في أعماله السينمائية  .. تميز بسرده للواقع بكلمات بسيطة مازالت عالقة في الأذهان .. أنه  " الفلاح الفصيح " وأحد " آباء الهوية المصرية" .. الكاتب الكبير الراحل وحيد حامد الذى ولد في مثل هذا اليوم 1 يوليو.
 ترك وحيد بصمة لا تُمحى في تاريخ السينما والتلفزيون المصري، وأظهر موهبة فذة في كتابة السيناريو، ما جعله يتبوأ مكانة رفيعة في عالم الفن والإبداع، تميزت أعماله بالجرأة في تناول القضايا الاجتماعية والسياسية، مما جعله صوتًا ناقدًا ومؤثرًا في المجتمع المصري.
يعتبر وحيد حامد أحد أبرز كُتّاب السيناريو في العالم العربي. ولد حامد في 1 يوليو 1944 في قرية بني قريش، مركز منيا القمح، محافظة الشرقية بمصر، ودرس بكلية الآداب، جامعة القاهرة، كان له مسيرة تعليمية متميزة ساعدته في تكوين خلفية معرفية قوية أهلته لأن يكون من أبرز كتاب السيناريو في مصر حيث منحته دراسته في جامعة القاهرة فرصة للاطلاع على مجموعة واسعة من الأدب والفلسفة والعلوم الإنسانية. هذا التكوين الأكاديمي أثر بشكل كبير في كتاباته، حيث مزج بين الأدب والفكر النقدي والوعي الاجتماعي والسياسي.

إلى جانب دراسته الأكاديمية، كان وحيد حامد قارئًا نهمًا للكتب والأدب العالمي، مما أضاف إلى خلفيته الثقافية وعزز من قدراته الكتابية. تأثر بالأدب العالمي وبخاصة الأدب الروسي والفرنسي، مما ظهر في عمق وثراء أعماله السينمائية والتلفزيونية، بالإضافة إلى إلمامه بالعلوم الإنسانية والأدبية والذي ساعده في معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية بعمق وموضوعية، وهو ما جعل أعماله تتميز بالنضج الفكري والوعي الاجتماعي، وتعبر عن نبض الشارع المصري بشكل صادق وجريء.

بدأت مسيرة حامد الأدبية في الستينات من القرن العشرين، حيث كتب العديد من الأعمال الدرامية والإذاعية التي لاقت استحسانًا كبيرًا، لكن الانطلاقة الحقيقية له جاءت مع دخوله عالم السينما والتلفزيون، حيث كتب عددًا من الأفلام والمسلسلات التي تعتبر الآن من الكلاسيكيات.

وتعد من أبرز وأهم أعمال وحيد حامد هي الأعمال السياسية التي قدمها مع مجموعة من أهم وأبرز الفنانين، على رأسهم الزعيم عادل إمام، الذي قدم معه فيلم: الإرهاب والكباب، طيور الظلام، عمارة يعقوبيان، اللعب مع الكبار، كما قدم فيلم البريء الذي كان طفرة في السينما ووصفه البعض بأنه من أجرأ الأعمال التي قدمت في تاريخ السينما المصرية، ما جعله يحصل على عدة جوائز وقتها.

وحيد حامد كان له رأيًا في الإخوان المسلمين، وطالما انتقدهم وشن عليهم هجومًا، من قبل توليهم السلطة حتى عزلهم.

ومن أبرز أعماله الذي كشف فيها حقيقة  جماعة الإخوان الإرهابية ، مسلسل (الجماعة -2010) والذى تناول فيه تاريخ جماعة الإخوان مؤسسها حسن البنا بالتفصيل، حيث قدم فى جزئه الأول توثيقا تاريخيا ورصدا لأصل ذلك التيار السياسى الذى هيمن على الشارع المصرى عبر مراحل طويلة من العمل الدينى بالمدارس والجامعات والمساجد والجمعيات، ليحقق بعمل فنى واحد ما عجزت مقالات وساسة ودراسات عن الكشف عن خطورته وأبعاده ، من خلال  تناول دقيق لحقيقة تلك الجماعة وتوجهاتها وطرق سيطرتها على الشارع.

و قدم الجزء الثانى من (الجماعة) فى مايو 2017، بعد أن أدرك أن الجزء الأول لم يكن كافيا  للإلمام بكل جوانب وتفاصيل تاريخ الإخوان والذى ركز فيه على سيد قطب ودعوته للعنف والتكفير، وبذلك يكون قد تصادم مع أبرز قيادات  الاخوان  إثارة للجدل كمرجعية للعنف السياسى وتكفير المجتمع، من خلال تجسيد شخصيته لأول مرة على شاشة التليفزيون، وانتهى قبل رحيله من كتابة الجزء الثالث الذى يرصد من خلاله التحولات الدراماتيكية فى فكر تلك الجماعة الشيطانية واندماجها مع جماعات الإرهاب فى تنفيذ عمليات ضد الأفراد والمجتمعات والشعوب.

حصل وحيد حامد على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لإبداعه ومساهماته في السينما والتلفزيون ، من بين الجوائز التي نالها، جائزة النيل للفنون في عام 2012، وهي أرفع جائزة ثقافية في مصر.

توفي وحيد حامد في 2 يناير 2021، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا عظيمًا، يستمر في إلهام الأجيال الجديدة من الكتاب والمبدعين.

تظل أعماله شاهدًا على موهبة فذة وقدرة على معالجة القضايا الشائكة بجرأة وفن رفيع.