الأربعاء 17 يوليو 2024

من الأسطورة إلى المسرح.. كيف أحيا يوهان فولفغانغ أسطورة صفقة الشيطان إلى الأذهان

أسطورة فاوست

ثقافة14-7-2024 | 23:07

إسلام علي

يعتمد العمل المسرحي والفني في المقام الأول على الاقتباس من فكرة قديمة مثل أسطورة من أساطير العالم القديم كاليونانية أو الرومانية، فكانت أشهر المسرحيات في تاريخ عصر النهضة الأوروبي مقتبسة من أساطير قديمة مثل مسرحية: "انطونيوس وكليوباتر" و"مدياس" و"هرقل"، "برومثيوس مقيد"، "أورفيوس وإيوريديس".

وتعتبر هذه المسرحية واحدة من أهم الأعمال التي تم اقتباسها من أسطورة قديمة، والتي تناولها العديد من الشعراء مثل الشاعر الإنجليزي كريستوفر مارلو، وتستند هذه المسرحية إلى الأسطورة الألمانية القديمة عن فاوست، الذي باع روحه للشيطان مقابل الحصول على المعرفة والقوة.

وتحكي هذه الأسطورة عن "فاوست" وهو عالم متعطش للمعرفة والذي يوقع عقدا مع الشيطان "مفيستوفيليس" والذي بموجبه يبيع روحه للشيطان مقابل الملذات الدنيوية مثل المال والمعرفة والشهرة، ولكنه يتعلم بمرور الوقت أن تلك الملذات لا تعطيه السعادة الحقيقية أو السلام الداخلي.  

فعندما ظهر الشيطان له أمده بصفقة بموجبها سوف يعيش أربع وعشرين عاما أخرى مقابل أن يتمتع بكامل شبابه مثل البقية، فمضى في سبيل الشر والقتل والرزائل.

طرحت هذه الأسطورة الشعبية فكرة الصراع بين الطموح الإنساني والأخلاق، وطرحت أسئلة متعددة حول معنى السعادة الحقيقية ومعنى الحياة، و يتمحور مغزى الأسطورة حول فكرة أن السعي وراء الماديات والمعرفة دون اعتبار للقيم الأخلاقية يمكن أن يؤدي إلى هلاك صاحبها.

تعاد اقتباس هذه الأسطورة مرة أخرى في مسرحية "فاوست" للكاتب المسرحي "يوهان فولفغانغ غوته" يبدأ الجزء الأول من هذه المسرحية بالدكتور هاينريش فاوست، وهو عالم محبط من حدود معرفته الإنسانية فيعاني من الشعور بعدم الرضا، فيظهر له مفيستوفيليس ليعرض له صفقة العمر.

يبدأ الشيطان متمثلا في "مفيستوفيليس" بإغواءه بالعديد من الملذات والمعرفة مقابل روح فاوست، ويوافق فاوست على هذه الصفقة ليبدأ دوره جديدة في حياته، وخلال تلك الرحلة يقابل فتاة تدعى "غريتشين" والتي سوف تقوده إلى سلسلة من الكوارث المتتالية.

وكانت أولى هذه الكوارث أن يسقط في الفقر وأن يقتل والدته عن طريق الخطأ، وسجنها بتهمه قتل طفلها والذي ولد بسبب علاقتها مع فاوست، ويتنتهي الجزء الأول من المسرحية حيث تترك غريتشين في السجن، بينما يهرب فاوست مع مفيستوفيليس.

وفي الجزء الثاني، يظهر فيه الطابع الفلسفية والأسطوري، حيث يتجول فاوست في رحلات متعددة عبر الزمان والمكان، فيسعى فيه لأجل الوصول إلى تحقيق السعادة، فقام بالعديد من الأعمال البطولية والتأسيسية بما في ذلك إنشاء مجتمع جديد.

وفي النهاية، يظل فاوست غير راض عن ما حققه، يحاول مفيستوفيليس أخذ روحه وفقا للصفقة، ومع ذلك، تتدخل قوى الخير متمثلة في "الملائكة" وتنقذ روح فاوست، مشيرة إلى أن سعيه الدائم نحو الأفضل قد جعله يستحق الخلاص.

وبذلك تظهر كل من المسرحية والأسطورة الطموح البشري والسعي والذي يجب أن يكون تحت مظلة الجانب الأخلاقي، لكي لا يحيد عن الطريق المستقيم، وتعبر المسرحية عن عبقرية غوته وتفكيره العميق في قضايا الإنسان والمجتمع.