الأربعاء 24 يوليو 2024

عرف بصوته الملائكي الشجي.. محطات في حياة الشيخ محمود على البنا

الشيخ محمود على البنا

تحقيقات20-7-2024 | 17:46

محمود غانم

لقد حباك الله صوتًا جميلًا وقد خلقت لتكون قارئًا فدعك من النحو والصرف وما شابه ذلك، وتفرغ للقرآن وتجويده.. بهذا نُصح الشيخ محمود على البنا في مهده، فما كان منه إلا أن ذهب إلى المسجد الأحمدي بمدينة طنطا ليتلقى علوم القرآن.

وتحل علينا اليوم السبت الذكرى الـ39 لرحيل الشيخ البنا عن عالمنا عن عمر ناهز 59 عامًا قضاها في رحاب كتاب الله -عزوجل- بصوته الملائكي الشجي، الذي يعتصر دموع القلب قبل العين.

 الشيخ محمود على البنا

ولد الشيخ محمود علي البنا في قرية شبرا باص مركز شبين الكوم محافظة المنوفية، في 17 ديسمبر 1926، لأسرة تعمل في زراعة الأرض، لايعيش لها ذكورًا فنذره والده للقرآن وخدمة أهله منذ ولادته تيمنًا بأن يكون خادمًا للقرآن.

سعى جده لإلحاقه بمعهد المنشاوي الديني بطنطا، إلا أن صغر سنه حال دون ذلك، فلما بلغ الثانية عشرة من عمره انتقل إلى طنطا والتحق بالمعهد الديني وظل يدرس به ويعيش بمفرده بعيداً عن والده.

وكانت مدينة طنطا في ذلك الوقت عامرة بالقراء العظام كالشيخ سعودي والشعشاعي، فأخذ يتردد على أماكن تواجد هؤلاء القراء ليستمع إليهم ويتعلم منهم ثم يعود إلى البيت محاولاً تقليد أسلوبهم وطريقة أدائهم حتى أنتشر صيته بين زملائه الدارسين بالمعهد، حيث كان يقرأ عليهما ما تيسر من القرآن فنصحوه بالتفرغ لدراسة علوم القرآن وتجويده وأن يترك الدراسة بالمعهد.

 توجه البنا إلى القاهرة في عام 1944، ليتعرف على العلوم الجديدة في القرآن وأحكام التلاوة ونزل على بعض الدارسين من أهل قريته واقترب من عظام القراء كالشيخ محمد سلامة والشيخ على محمود والشيخ طه الفشني.

وبعدها بأربع سنوات اعتمد البنا مقرئًا بالإذاعة المصرية وعمره 22 عامًا فكان أصغر قاريء يعتمد بالإذاعة المصرية في ذلك الوقت من عام 1948، وفي هذا الوقت أضرب المقرئون القدامى بالإذاعة عن القراءة فزادت شهرته.

خلف البنا إرثًا هائلًا للإذاعة من التسجيلات، إلى جانب المصحف المرتل، والمصحف المجود، والمصاحف المرتلة التي سجلها لإذاعات السعودية والإمارات.

كرث الشيخ حياته كلها للقرآن، حيث كان يقرأه في كل ناحية وحين، فإذا كان بين الناس قرأه، وإذا كان في معزل عنهم قرأه في البيت، وزار العديد من الدول العالم على مدار أربعين عامًا وقرأ القرآن الكريم في الحرمين الشريفين والحرم القدسى والمسجد الأموى.

 وفاة البنا

انتقل الشيخ إلى جوار ربه في الـ20 يوليو 1985، ودفن في ضريحه الملحق بمسجده بقريته شبراباص، وقد منح وسام العلوم والفنون في عام 1990.

وقبل وفاته بيومين استدع ابنه، وقال له اكتب ما أمليه عليك: إنتقل إلى رحمة الله تعالى فقيد الإذاعات العربية والإسلامية القاريء الشيخ محمود على البنا عن عمر يناهز الستون عاماً.

يقول ابنه أحمد البنا فقاطعته مداعبًا : ولماذا لا نكتبها ثمانون عاماً؟ فقال الشيخ : لا يا بني لقد وقف العمر وانتهى الأجل عند ذلك فقط ثم قال : اكتب و لا تقاطعني فأملاني حتى انتهى وكان طبيعيًا وكأنه يمليني خريطة حياته المستقبلية بعد خروجه من المستشفى وكان لذلك الأمر وقعًا شديدًا إذ كان كطلقات الرصاص تخترق صدورنا فتعالت أصوات بكائنا ونحن بجواره فقام بتوزيع أمواله ونحن جلوس معه بالمستشفى وقسم باقي تركته حسب شريعة الله ثم سألنا : هل من طلبات أخرى؟ فأخذنا نبكي بشدة دون أن نرد عليه فبادرنا هو بقوله : ولكن لي طلب أخير فأنكفأنا على صدره الكل يحاول أن يستمع إلى طلبه فيلبيه فقال : أرجو أن تضعوا لي في نعشي شريط كاسيت مسجل عليه القرآن ليصاحبني في الجنازة ويؤنسني حتى أدفن في قبري فزاد ذلك من بكائنا ولم نستطع الرد عليه.