الأحد 28 يوليو 2024

أدت إلى دخول الملايين من سكان أوروبا الإسلام.. تعرف على مراحل فتح القسطنطينية

المدفع السلطاني الذي استخدم في دك حصون القسطنطينية

ثقافة21-7-2024 | 23:04

إسلام علي

تتميز القسطنطينية بالمكانة السياسية والتاريخية والحضارية الهامة فهي عاصمة الإمبراطورية البيزنطية، فشهدت العديد من الحروب والصراعات على مدار تاريخها الطويل، أبرزها الحصار العربي في القرن السابع والحصار الصليبي في القرن الثاني عشر، وصولاً إلى الفتح العثماني في عام 1453.

ووفقا لما نقله كتاب "معارك فاصلة في التاريخ الإسلامي" فقد حاصرها العرب اثني عشرة مرة في السابق، وذلك قبل الفتح الكبير على يد محمد الفاتح، فحاصرها معاوية بن أبي سفيان عام 654، ويزيد بن معاوية 674م. وسفيان بن أوس 672م، زمن خلافة معاوية، وحاصرها مسلمة زمن خلافة عمر بن عبد العزيز، وحاصرها الخليفة هشام بن عبد الملك 739م، وحوصرت زمن خلافة هارون الرشيد.

ويرجع فتح القسطنطينية لعدة أسباب منها: أنها من أهم المدن في القرن الخامس عشر، حتى أنه قيل عنها في وقت سابق أنها الأنسب كعاصمة للدنيا بأكملها، ومن الناحية الإستراتيجية، تعد جسر بين قارتين هما أوروبا وأسيا، وعلى الجانب السياسي، كان الإمبراطور البيزنطي دائم التهديد لمحمد الفاتح بمساندة الأمير اوخان لتولي العرش، إذا لم يضاعف الجزية.

استعد السلطان محمد الفاتح لفتح المدينة والتي كانت على خطوات مدروسة، إذ أرسل في البداية رسالة إلى الإمبراطور البيزنطي مفادها " فليسلم لي إمبراطوركم مدينة القسطنطينية، واقسم أن أحفظ الأعراض الأموال، ومن شاء بقي في المدينة، وكان في أمن وسلام" ولكن رفض الإمبراطور الاستسلام وأقسم أن يحافظ على المدينة وعلى أهلها حتى الموت.

ومن جانب أخر، عقد محمد الفاتح العديد من المعاهدات مع أعدائه وذلك لكي لا تسمح لهم الفرصة بالإمداد للقسطنطينية أثناء وقوع الحرب معها، وقد استعد العثمانيون بحوالي 200000 جندي و300 سفينة حربية، وتقدم السلطان تجاه المدينة وحاصرها لمدة 53 يوما، وفي أثناء تلك المدة دافع جيشها عنها والبالغ عددهم 8500 ألف جندي.

ويعد من أشهر الأسلحة التي انتصر بها العثمانيون في تلك الحرب هي المدافع والتي صممها المجري أوريان، وكان من أشهرها المدفع السلطاني، والذي كان يزن مئات الأطنان، ويحتاج إلى مئات الثيران لتحريكه، وقد بلغ طول المدفع تسعة عشر قدما، وقطر الفوهة ستة وعشرين انشاً، ووزن القذيفة نصف طن، تصل إلى مسافة ميل، وسمع دويه على بعد ثلاثة عشر ميلا، واستغرق بناؤه ثلاثة أشهر، ويعد أحدث الأسلحة في ذلك الوقت .

استخدم الفاتح استراتيجية الحرب النفسية عن طريق تسلق الأسوار العالية للمدينة، والقصف المدفعي الذي لا يتوقف في الليل والنهار، بالإضافة إلى استعمال القلاع الخشبية المتحركة من ثلاثة أدوار، مليئة بالرجال، تلتصق بالسور، وتقاتل حفر الأنفاق تحت الأرض، حتى أصبح أهل المدينة يتوهمون ظهور الأتراك عن يمينهم وشمالهم، ولكن فشلت تلك الخطة في اقتحام المدينة أيضا وذلك بسبب تصدي أهل المدينة لهم بالنفط والنيران، وأسر بعضهم.

وعلى الجانب الآخر، كانت استعدادات القسطنطينية هي استعدادات استراتيجية دفاعية وليست هجومية، فمن تحصين الأسوار وطلب المساعدات من اوروبا وطلب العون خاصة من البابا، إلى تناقص المؤن والتمويل الخارجي الضعيف الذي جاء إليهم.

وواجه أهل القسطنطينية العديد من الصعوبات والتي من أهمها وصول المساعدات متأخرة وقليلة جدا، فضلا عن الهجوم العنيف برا وبحرا من قبل العثمانين، مما أدى إلى تبعثر جهود المدافعين عن المدينة لكثرة الجبهات التي فتحت عليهم.

أمر السلطان محمد الفاتح بعد حصار عنيف لم يستطع من خلاله تدمير أسوارا المدينة، فأمر جنوده بالهجوم الشامل من البر والبحر بالقوة الضاربة وكل ما أوتي الجنود من قوة، فنجح الجنود بإحداث ثغرات قاتلة في أسوار المدينة، وأصيب قائد المدافعين جستنيان بجراح بالغة مما أدى إلى نزول الإمبراطور قسطنطين بنفسه إلى أرض المعركة ليقاتل مع جنوده.

ارتدى قسطنطين لباس الجنود من حوله ونزل يقاتل معهم لكي لا يعرفه العثمانيون بعدها أحس بقرب الهزيمة، ولكن قتل في الأخير وقطع رأسه، ودخل السلطان محمد الفاتح إلى القسطنطينية وأمر بتحويل كنيستها "أيا صوفيا" إلى مسجد، وسميت المدينة "إسلام بول" أي دار الإسلام.

ومن نتائج فتح القسطنطينية، معامل محمد الفاتح أهل المدينة معاملة ممتازة؛ وخاصة رجال الدين، ولم يمس بعقائدهم، بل زاد من صلاحياتهم في النظر في القضايا المدنية، وأمرهم بانتخاب بطريرك جديد، أعاد إعمار المدينة ورمم مبانيها مرة أخرى، وأعاد السكان الفارين وأسقط الجزية عنهم.

قام السلطان برفع راية الجهاد إلى الأناضول وأوروبا بعد الفتح مباشرة، ثم أعدم الفاتح الوزير الأعظم "جاندرلي خليل باشا"؛ بسبب دوره في تمرد للانكشارية لخلع السلطان، واتهمه بالتخاذل خلال الحصار، والتأثير على السلطان للعودة وترك القسطنطينية، بعد قتله أصبحت جميع خيوط القوة بيد السلطان.

وعلى الجانب الآخر، فتح القسطنطينية أدى إلى دخول الملايين من سكان أوروبا الإسلام، في البوسنة والهرسك والصرب وبلغاريا وفتح بلاد واسعة وخضع له العالم الإسلامي بأسره.