الثلاثاء 23 يوليو 2024

خبراء يحددون مسارات تحقيق التكامل الاقتصادي في أفريقيا.. الفرص والتحديات في ظل التطورات العالمية

التكامل الاقتصادي لدول القارة الأفريقية

اقتصاد23-7-2024 | 00:34

آية أشرف

تسعى دول القارة الأفريقية جاهدة لتحقيق التكامل الاقتصادي كوسيلة لتعزيز النمو المستدام والتقدم الشامل، يأتي هذا الجهد في وقت حاسم حيث تشهد القارة تطورات سريعة في مجالات متعددة، ما يستدعي استراتيجيات منظمة تتيح تحقيق فوائد متبادلة للدول الأعضاء، يشمل التكامل الاقتصادي الأفريقي مجموعة من المبادرات الرئيسية مثل تعزيز التجارة البينية، وتطوير البنية التحتية العابرة للحدود، وتسهيل حركة الأفراد ورؤوس الأموال. من خلال تعزيز التعاون الإقليمي، يهدف هذا المسعى إلى خلق سوق موحدة تفتح أمام أفريقيا آفاقاً جديدة من التنمية والازدهار، مما يعزز مكانتها في الاقتصاد العالمي ويحقق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في جميع أنحاء القارة.

 

في هذا السياق، تقدم بوابة دار الهلال تحليلات وتوضيحات من خبراء الاقتصاد لفهم كيفية تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول القارة الأفريقية.

 

قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إنه لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول القارة الأفريقية، يجب أولاً ضمان الاستقرار السياسي والأمني في جميع الدول الأفريقية. بعد ذلك، يمكن تحقيق التكامل الاقتصادي من خلال التصديق على السياسات المالية والنقدية واتفاقيات تجارية مع جدول زمني محدد للتنفيذ، وذلك لأن العديد من الاتفاقيات الحالية بين الدول الأفريقية تفتقر إلى جدول زمني واضح وإصرار على تنفيذها.

 

أوضح الخبير الاقتصادي في تصريحات خاصة لبوابة دار الهلال، أن الدول الأفريقية تواجه مجموعة من التحديات التي تعرقل تحقيق التكامل الاقتصادي في القارة، سواء كانت هذه التحديات داخلية أو خارجية. من بين التحديات الخارجية، تأتي أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، بينما تشمل التحديات الداخلية عدم الاستقرار السياسي والأمني، النزاعات الداخلية، والمشاكل الاقتصادية التي تواجه بعض الدول. ومع ذلك، فإن التحديات والصدمات الاقتصادية العالمية المتتالية تدفع الدول الأفريقية نحو تحسين اقتصادها، خاصة وأن القارة تمتلك معظم الموارد الاقتصادية في العالم، وتعداداً سكانياً يفوق 1.3 مليار نسمة، بالإضافة إلى أكثر من 56 دولة، مما يشكل سوقاً ضخماً وموقعاً استراتيجياً مميزاً بين قارات العالم. ورغم ذلك، فإن هذه الموارد لم تُستغل على النحو الأمثل.

 

وأضاف الإدريسي أن من بين التحديات التي تواجه الاقتصاد الإفريقي، ارتفاع مستويات الفساد، الذي يشكل عقبة كبيرة أمام المستثمرين الأجانب، كما أن ضعف البنية التحتية في العديد من دول القارة، وعدم وجود شبكة طرق تربط بين دولها، يؤثر سلباً على أسعار نقل البضائع. ورغم إبرام العديد من الاتفاقيات في السنوات الماضية، إلا أن نتائجها لم تكن مرضية.

 

وأكد الإدريسي أن تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول القارة الأفريقية سيساهم في خفض مستويات الفقر، وتحسين مستوى معيشة المواطن الأفريقي، وزيادة الاكتفاء الذاتي، وتقليل المديونية الخارجية، ورفع الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة التجارة البينية بين الدول الأعضاء. كما سيساعد ذلك في مكافحة الهجرة، سواء النظامية أو غير النظامية، التي بلغت مستويات مرتفعة جداً.

 

كما قال الدكتور سيد خضر، الخبير الاقتصادي، إن القارة الإفريقية تمتلك فرصاً كبيرة للاستثمار بفضل مقوماتها ومواردها المتنوعة، ومع ذلك، فإن الصراعات الداخلية في إفريقيا تعرقل تحقيق التكامل الاقتصادي والتعاون بين الدول، مما يؤدي إلى ظهور العديد من المشاكل، ويجعل القارة مهمشة دوليا، مضيفاً أنه لتحقيق التكامل الاقتصادي المنشود، من الضروري تعزيز الانفتاح الاقتصادي داخل القارة للاستفادة بشكل أفضل من الفرص المتاحة.

 

وأضاف الخبير الاقتصادي في تصريحات خاصة لبوابة دار الهلال، أن القارة الإفريقية تعاني بشكل كبير من التقلبات المناخية، كما يتضح من زيادة التصحر والجفاف، خاصة في دول وسط إفريقيا، مضيفاً أن الاستقرار السياسي والأمني يعتبر من أهم العوامل الأساسية لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول القارة، حيث يساعد على جذب الاستثمارات الخارجية الضخمة، فالصراعات والنزاعات تثير مخاوف المستثمرين وتعيق عملية الاستثمار في الدول المتأثرة بها، وأغلب المشاكل داخل القارة من فقر وجوع وجفاف وتصحر ناجمة عن عدم وجود الاستقرار السياسي.

 

وأوضح سيد خضر أنه إذا تحقق الاستقرار السياسي في القارة الإفريقية، فإن مشكلة الأمن الغذائي على مستوى العالم يمكن حلها بالكامل، نظراً لأن أفريقيا تمتلك أراضٍ خصبة كثيرة، كما ستصبح القارة قاطرة الاستثمار بالعالم، مشيرا إلى أن تحقيق التكامل الاقتصادي المطلوب يتطلب وقتاً طويلاً، لكنه أشاد بدور مصر في هذا المجال، حيث تساهم سياساتها واستراتيجياتها في جذب الاستثمارات وتوسيع فرص التعاون الاقتصادي في القارة.

 

وأشار خضر أن غياب الاستقرار السياسي في القارة الأفريقية يعود إلى تدخل الدول الصناعية الكبرى، التي تسعى لتحقيق أهدافها من خلال نهب ثروات وموارد القارة. لذلك، من الضروري البدء بتحقيق الاستقرار السياسي، ثم العمل على اتحاد دول القارة، وإصلاح الاقتصاد، وتحسين البنى التحتية. كما يجب على الدول الأفريقية أن تطلق مبادرات وحوافز تشجيعية لتوسيع الاستثمارات بين دول القارة.

 

والجدير بالذكر، أنه نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، شارك الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في فعاليات الدورة السادسة لاجتماع منتصف العام التنسيقي للاتحاد الأفريقي، والذي عقد أمس الأحد 21 يوليو 2024 في العاصمة أكرا بدولة غانا، على ضوء رئاسة مصر الحالية لوكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية (النيباد).

 

وأكد رئيس الوزراء استعداد مصر للعمل بكل جهد وإخلاص لتعميق التكامل الاقتصادي بين الدول الأفريقية الشقيقة، ودفع مُعدلات التنمية في دول القارة بما يُسهم في رفع مستوى معيشة شعوبه