الخميس 25 يوليو 2024

أسسوا الضرائب...المصريون القدماء وضعوا أسس النظام الإقتصادي العالمي

صورة موضوعية

ثقافة25-7-2024 | 09:24

إسلام علي

الأهرامات، أبو الهول، والمومياوات المصرية القديمة، تعد أشهر ما يعرف عن المصريين القدماء و براعة التصميم سواء كان فنيا أو معماريا ولكن لم يتطرق أحد من قبل إلى الحياة العملية عند المصريين القدماء فكانوا هم أول من أنشأوا نظام الضرائب المعروف عالميا منذ 3000 آلاف عام، وذلك لأجل تمويل مشروعاتهم الملكية.

أشار عالم المصريات "توبي ويلكنسون" إلى أن أنظمة الضرائب المصرية تركت بصماتها على الأنظمة العالمية الحديثة، حيث أشتهر المصريون القدماء بفرض الضرائب على السلع واستطاع المسؤولون جمع الرسوم في هيئات متعددة مثل الحبوب والمنسوجات والماشية وغيرها.

اعتمد المسؤلون في مصر القديمة على ارتفاع نهر النيل في تحديد الضرائب ومقدارها، وذلك بإعتبار نهر النيل عامل مؤثر في خصوبة الأرض وحجم الحصاد وإنتاجية الحقول، وفي عهد الدولة القديمة، كانت الضرائب تجمع عن طريق نظام شكله الملك نفسه يشرف عليه مجموع من روؤساء المقاطعات.

ولأجل إجادة كاملة لتحصيل الضرائب، كان يقوم ملوك مصر بجولات سنوية أو نصف سنوية حيث يقوم الملوك بجولة على حكام المحليات والأقاليم في شتى أنحاء مصر ليقوم الملك بنفسه بمعرفة أحوال الرعية وجودة الإنتاج وصافي الربح المستحق للحكومة والنظام الإداري وليطمئن بنفسه على تحصيل الضرائب ولمراقبة المسؤولين عن الأقاليم المختلفة.

وفي عهد الدولة الوسطى، بدأت الدول بالتحصيل الضريبي من الرعايا على حدة أي على المستوى الفردي، فتم استخدام الكتبة للاحتفاظ بسجلات دقيقة عن الضرائب المستحقة ومن لم يدفع بعد، وهذا التحول كان ممكنا بفضل ارتفاع معدلات معرفة القراءة والكتابة وزيادة عدد الكتبة المتاحين.

ولحسن الحظ، جائنا العديد من السجلات الخاصة بالضرائب من عهد المملكة الحديثة، حيث ازهرت عملية حفظ السجلات، فاستطاع النظام الإداري في تلك الأونة من الإزدهار مما انعكس على امتلاء خزائن الدولة، مما نتج عنه بناء المعالم الأثرية الكبرى وإقامة احتفالات اليوبيل الفخمة.

وعلى الجانب الأخر، ظهرت مفاهيم الإحتيال والتهرب الضريبي، فكان حكام الأقاليم المختلفة في مصر يحتالون في ما وصل إليهم من الضرائب التي قام نوائبهم بتحصيلها فكانوا يرسلون جزئا من الضرائب للملك في عاصمته الإدارية، ويحتفظون بالفائض لأنفسهم، أو يفرضون على الفلاحين رسوما فوق حصتهم العادلة.

وفي الوقت نفسه، كان دافعو الضرائب يبتكرون طرقا لتجنب دفع مستحقاتهم، مثل التلاعب بالموازين المستخدمة لقياس الحبوب، وقد أدى ذلك إلى إصدار مراسيم ملكية تأمر الناس بعدم الغش في النظام.

في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، في عهد الملك حورمحب عاقب من يتهربون من الضرائب بقطع الأنف والنفي من الدولة ،وكان ذلك يهدف إلى التأكيد على واجب الشعب تجاه الدولة في دفع ما تستحقه، حيث كان يعتبر الملك أن كل شيء في الدولة ينتمي إليه.

وحصل في أثناء التاريخ المصري القديم العديد من الشكاوي ضد نظام تحصيل الضرائب ومنهم أن كاهنا من كهنة الدولة الحديثة أصدر شكوى بسبب ضريبة زائدة فرضت عليه بشكل غير عادل، وتفاقم استياء المصريين أكثر في عهد الاحتلال الأجنبي لمصر من الفرس، فاشتكى المصريون من دفع الضرائب للكيانات الأجنبية، واحتجوا أيضًا على الفساد الذي يمارسه المسؤولون الذين كانوا ينتزعون الأموال بطرق غير مشروعة.

وعندما تولى بطليموس الخامس العرش في 204 قبل الميلاد، ثار المصريون ضد المحتلين، وحاول المقدونيين استرضاء السكان المحلين، فقرر الملك البطلمي تعديل  معدل الضرائب على مجموعات مؤثرة، مثل كبار الكهنة في المعابد الكبرى.

أعلن بطليموس بعدها أيضا عن إعفاء المعابد من الضرائب في خطوة سياسية لأجل كسب تأييد الكهنة له، ونجحت هذه الخطوة والذي يتجلى في حجر رشيد، الذي عثر عليه عام 196 قبل الميلاد، والذي سجل مرسومًا للملك بطليموس، ووفقًا لإدوارد دولنيك، كان الحجر في الأساس "ملصقًا دعائيًا منحوتًا في الحجر"، يروج لإنجازات الحاكم لتبرير دعم الكهنة له.

استخدم الفراعنة الإعفاءات الضريبية كأداة سياسية، حيث كانوا يصدرون مراسيم تعفي بعض الأفراد أو المعابد من الضرائب كوسيلة لجذب الدعم، وكانت المعابد، التي كانت تعتبر أعمالًا تجارية مربحة، تجمع ثروات هائلة، والتي كانت الدولة تفرض عليها الضرائب حتى أصبح من المفيد سياسيا إعلان إعفاءها.