الجمعة 23 اغسطس 2024

الثورة الحضرية في الأنثروبولوجيا.. تحول في النظرة إلى المجتمعات

صورة تعبيرية

ثقافة8-8-2024 | 22:22

أبانوب أنور

شكلت الثورة الحضرية تحولًا جذريًا في مجال الأنثروبولوجيا، حيث وسعت نطاق الدراسة وطرحت أسئلة بحثية جديدة. على الرغم من التحديات التي تواجه هذا المجال، إلا أن دراسة الأنثروبولوجيا الحضرية لا تزال مهمة لفهم مجتمعاتنا المعاصرة المعقدة.

تشير الثورة الحضرية إلى التحول الكبير الذي شهدته المجتمعات البشرية من نمط حياة بدوي أو ريفي إلى نمط حياة حضري. هذا التحول لم يكن مجرد تغيير مكاني، بل شمل تغييرات عميقة في كافة جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.

الثورة الحضرية نموذج أصيل في الأنثروبولوجيا التقليدية

لطالما ركزت الأنثروبولوجيا التقليدية على دراسة المجتمعات البدوية والريفية، باعتبارها نموذجًا "أصيلًا" للثقافة البشرية. إلا أن هذا التركيز بدأ يتغير مع تزايد وتيرة التحضر في العالم. أدى ذلك إلى ظهور ما يعرف بالثورة الحضرية في الأنثروبولوجيا، والتي تتمثل في:

لم تعد الأنثروبولوجيا تقتصر على دراسة المجتمعات البدوية والريفية، بل باتت تشمل دراسة المجتمعات الحضرية المعقدة، وتأثيرات العولمة والتكنولوجيا على هذه المجتمعات.

بدأت الأسئلة البحثية في الأنثروبولوجيا تتغير، حيث بات الباحثون يهتمون بدراسة الظواهر الحضرية مثل الهجرة، والفقر، والجريمة، والتفاوت الاجتماعي، والهويات الثقافية المتعددة، كما أدت الثورة الحضرية إلى تطوير مفاهيم جديدة في الأنثروبولوجيا، مثل "الحضرية"، "الفضاء الحضري"، "الثقافة الحضرية"، وغيرها.

منهجيات الأنثروبولوجيون لدراسة المجتمعات الحضرية

لجأ الأنثروبولوجيون إلى استخدام منهجيات جديدة لدراسة المجتمعات الحضرية، مثل الملاحظة المشاركة في البيئات الحضرية، وتحليل البيانات الكبيرة، واستخدام أدوات التكنولوجيا الحديثة.

يقضي الباحثون وقتًا طويلاً في المجتمعات التي يدرسونها، يشاركون في أنشطتهم اليومية، ويراقبون تفاعلاتهم، كما يجري الباحثون مقابلات مع أفراد المجتمع لفهم آرائهم ووجهات نظرهم حول القضايا المختلفة.

ويستخدم الباحثون البيانات الكمية لتحليل الظواهر الاجتماعية، مثل الإحصاءات السكانية والاقتصادية، ويدرسون الخطاب العام والخاص لفهم المعاني الثقافية التي يتم نقلها.

وتتميز المجتمعات الحضرية بكونها أكثر تعقيدًا وتنوعًا من المجتمعات الريفية، مما يجعل دراستها أكثر صعوبة، كما أنها تخضع لتغيرات سريعة ومتسارعة، مما يجعل من الصعب تتبع هذه التغيرات وفهم آثارها، وغالبًا ما تركز الدراسات الأنثروبولوجية على الجوانب السلبية للحياة الحضرية، مثل الفقر والعنف، مما يؤدي إلى صورة نمطية عن هذه المجتمعات.

الأنثروبولوجيا الحضرية.. دراسة الإنسان في بيئته الحضرية

تُعد الأنثروبولوجيا الحضرية فرع من فروع علم الأنثروبولوجيا يهتم بدراسة المجتمعات الحضرية وتفاعلات الأفراد والجماعات داخل هذه البيئات المعقدة، وهي مجال حيوي يهدف إلى فهم التحديات والمعضلات التي تواجه المجتمعات الحضرية المعقدة. من خلال دراسة هذه المجتمعات، يمكننا تطوير فهم أعمق للطبيعة البشرية وتطوير حلول مبتكرة للمشاكل الاجتماعية، كما تهدف إلى  فهم الثقافات الحضرية المتنوعة، وتأثير العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على سلوك الأفراد، وتطور الهويات الثقافية في المدن.

تساعدنا الأنثروبولوجيا الحضرية على فهم التحديات التي تواجه المجتمعات الحضرية مثل الفقر، والجريمة، والهجرة، والتفاوت الاجتماعي، وتأثير العولمة على الهويات الثقافية، يمكن أيضًا أن تساهم في تطوير سياسات أفضل لحل المشاكل الحضرية، من خلال فهم احتياجات السكان المحليين وتطلعاتهم.

تدرس الأنثروبولوجيا الحضرية كيفية استخدام الفضاء الحضري من قبل الأفراد والجماعات، وكيف يعكس هذا الاستخدام الهويات الاجتماعية والثقافية، كما تشكل الهويات الثقافية المتعددة في المدن، وكيف تتفاعل هذه الهويات مع بعضها البعض.

مجالات الدراسة في الأنثروبولوجيا الحضرية

تهتم الأنثروبولوجيا الحضرية بدراسة الممارسات والمعتقدات والقيم التي تشكل الثقافة الحضرية، ودراسة كيفية تشكيل الهويات الثقافية المتعددة في المدن، وكيف تتفاعل هذه الهويات مع بعضها البعض.

كما تدرس أيضًا كيفية استخدام الفضاء الحضري من قبل الأفراد والجماعات، وكيف يعكس هذا الاستخدام الهويات الاجتماعية والثقافية، وتهتم بأسباب الفقر وآثاره على الأفراد والجماعات، ودراسة الحراك الاجتماعي في المدن.

وتدرس تجارب المهاجرين واللاجئين في المدن، وكيفية اندماجهم في المجتمعات الحضرية، وأسباب الجريمة والعنف في المدن، وكيفية تأثيرها على حياة السكان.