أعدت ورقة الحوار: رضوى قطرى
أعده للنشر: أحمد جمعة
محمود أيوب - شريف البرامونى
وماذا بعد ٢٠١٦.. وكيف سيكون العام الجديد؟.. سؤال لا يمكن التوقف فى إجابته عند حد التأكيد بأن «الأجمل فى الطريق»، أو أن «الأمور تحت السيطرة»، أو حتى اللجوء إلى العبارة الحكومية الشهيرة «تمام يا فندم».. فالأوضاع الاقتصادية لمصر، تؤكد أنه العام الأكثر سخونة، ليس هذا فحسب، لكنه يستحق أن يوصف بـ«عام شد الحزام»، فحكومة المهندس شريف إسماعيل، وجدت نفسها مجبرة على اتخاذ قرارات لم تجرؤ حكومات عدة سبقتها على اتخاذها، راهنت على شعبيتها، مقابل - وفقا لـتأكيدات وزرائها- الخروج من «عنق زجاجة الأزمة».
قرارات مؤلمة اتخذتها الحكومة، قررت تحرير سعر الصرف المعروف إعلاميا بـ«تعويم الجنيه»، تركت المواطنين يواجهون «غول الأسعار»، وقالت «الظروف الحالية تحتم علينا اتخاذ هذه القرارات الصعبة».. فى المقابل ارتفعت أسعار غالبية السلع، وبدأت الأصوات تعلو هنا وهناك، تتحدث عن توقيت «جنى ثمار الإنجازات» بعد تجرع مرارة الأزمات.. لكن الأمر يحتاج قليلا من الصبر، هذا ما أكد عليه د. أشرف العربى، وزير التخطيط، والمتابعة والإصلاح الإدارى الذى استضافته «المصور» فى حوار الأسبوع.
وزير التخطيط، أمسك بـ«عصا الأرقام»، إجاباته غالبيتها لم تخل من رقم يرد به على شائعة، أو يؤكد حقيقة، أو يدعم قرارا، فقد تحدث عن المشروعات القومية التى أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسى، وقدم ما يستحق أن يوصف بـ«شرح مفصل» عن حجم الإنجاز الذى تم فيها، وما المنتظر منها خلال السنوات القليلة المقبلة.
«ندرك أن القرارات الأخيرة كانت صعبة.. لكننا كنا نفتقد خيار الاختيار».. وعام ٢٠١٦ الذى شارف على الانتهاء يستحق أن يوصف بـ«عام هيكلة الاقتصاد» وبدء توجيه قاطرة الاقتصاد المصرى للطريق الصحيح.. هكذا يؤكد د. أشرف العربى
«الغلابة».. كان لهم نصيب من حديث «د. أشرف»، الذى تحدث عن الدعم الذى تقدمه الدولة لهم، فيما يتعلق بـ«الدعم» أو برنامج «تكافل وكرامة»، أو مشروعات الاسكان الاجتماعى، مطالبا الجميع بالنظر إلى الأمور من كافة الجوانب وعدم الاكتفاء بالنظر إليها من زاوية واحدة.
الوزير كان واضحا أيضا عندما تطرق الحديث إلى العام الجديد ٢٠١٧، حيث أكد أنه لن يكون «عام جنى الثمار»، لكنه سيكون عام استكمال البناء، وبدء الشعور بـــ«شىء من الإنجاز» الذى سيتحقق على الأرض فى الأعوام التى ستليه.. وعن تفاصيل هذا الأمر، وملفات أخرى تحدث عنها وزير التخطيط باستفاضة كان الحوار التالى:
المصور: ٢٠١٦ شهد قرارات اقتصادية مؤلمة وارتفاعا فى أسعار معظم السلع على خلفية الإجراءات التى اتخذتها الحكومة.. وارتفعت الأسعار بعد إجراء الإصلاحات الاقتصادية.. وفقا للوضع القائم حدثنا عن رؤيتك للعام الجديد؟
الوزير: ٢٠١٦ يمكن القول أنه عام فارق فى التاريخ الاقتصادى لمصر، فهناك أحداث سياسية واجتماعية وأمنية حدثت خلاله، لكنه يظل اقتصاديًا فى المقام الأول، بعد القرارات الحاسمة التى وضعت الاقتصاد المصرى على الطريق الصحيح بعد سنوات من التأخر فى اتخاذ القرار، حيث إننا كنا دائمًا نتعامل مع المشكلات الاقتصادية بفكر «المسكنات» ولم نحاول علاج المرض.
كما أن الاقتصاد المصرى كانت به اختلالات هيكلية، وأى دارس للاقتصاد يدرك أن هناك هيكلا للاقتصاد، منه ما يتعلق بقضية الانتاجية تحديدًا، ويرتبط بها العجز فى الموازين المختلفة، سواء الموازنة العامة للدولة، أو ميزان المدفوعات.
وفى اعتقادى تعتبر ٢٠١٦ بداية حقيقية لعلاج المشاكل الهيكلية، على سبيل المثال قضية سعر الصرف والدولار، فقيمة العملة المحلية لابد أن تعكس مباشرة تنافسية الاقتصاد، ويكون لدينا عجز فى الميزان التجارى ٥٠ مليار دولار، وهذا الرقم لم نكن نصل إليه أبدًا فى الماضى، وكنا قبل ذلك نعوضه بالموازين الأخرى، والتحويلات، والموازين الرأسمالية، ونعالجه عبر إيرادات قناة السويس، واستثمار أجنبى وسياحة.
كل هذه الموارد حدثت لها مشكلات كبيرة فى السنوات الأخيرة، وبالتالى تسببت فى عجز بميزان المدفوعات، نستعيضه عبر المساعدات الخارجية من دول الخليج، وهذا النظام لم يعد قابلا للاستمرار بأى حال من الأحوال، وبالتالى كان لابد من اتخاذ القرارات، وأريد أن أشير هنا إلى أن هذه القرارات لم تكن اختيارية، بل كانت ضرورة مُلحة.
وكانت هناك مقارنة بين اتاحة الدولار أو تحديد سعره، وكان لدينا بالفعل مشكلة فى توفير العملة الصعبة، وهذه مشكلات طويلة عانينا منها منذ سنوات، ونقيس على ذلك فى المنتجات البترولية وأسعار كثيرة جدًا.
كما أن تلك القرارات من أهم قرارات التاريخ الاقتصادى الحديث لمصر، ولم تكن اختيارية، فى حين أنه كانت هناك اختيارات أمام صانع القرار منذ عدة سنوات ولكن لم تُطبق، وكما سبق أن أشرت فإنها تضع الاقتصاد المصرى على الطريق الصحيح من الناحية الاقتصادية.
المصور: لكن ماذا عن الفاتورة التى يدفعها الشعب على خلفية إصدار الحكومة الحالية تلك القرارات؟
الوزير: أى قرار اقتصادى له تكلفة، وكلما تأخرنا فى التنفيذ ارتفعت تلك التكلفة، ومصر تأخرت فى اتخاذ القرارات سنوات طويلة جدا، ولهذا كانت التكلفة كبيرة، وكلنا نُدرك أنه سيكون لهذه القرارات تأثير مباشر على الأسعار خاصة السلع الأساسية والدواء وكافة نواحى الحياة.
والقضية تكمن فى تخفيف التأثيرات السلبية على الفئات الأكثر فقرًا، والتعامل مع الوضع الراهن وتخفيف وطأتها فى ٢٠١٧، كما أن تلك القرارات التى وضعت فى الاقتصاد خلال عام ٢٠١٦، تم استقبالها من الداخل والخارج، وبالتالى بدأ ضخ استثمارات كبيرة سواء وطنية أو أجنبية، لأنه أصبح لدينا فرصة تاريخية وتنافسية المنتجات ارتفعت بشكل كبير، والسياحة فى مصر الآن «ببلاش»، كما أن السفر الداخلى أكثر فرصة من السفر للخارج، وكذلك الأمر فى الاستيراد والتصدير.
ومن المؤكد أنه إذا استمرت تلك الإشارات الإيجابية فمن المتوقع أن تكون ٢٠١٧ أفضل نسبيًا من العام الأخير، كما أن هذا الطريق الذى سرنا فيها يحتاج إلى سنوات.
المصور: بداية القرارات تلك.. كانت من أين؟
الوزير: الحكومة تبدأ، ثم يأتى دور المجتمع كمنتجين ومستثمرين ومستهلكين وعمال، فلابد أن تكون هناك استجابة لتلك الإشارات الموجودة حاليًا.
المصور: القطاع الخاص تأثر سلبًا بهذه القرارات.. هل هناك خطة تم وضعها لاستعادة عافيته مرة أخرى؟
الوزير: حاليًا.. لا توجد سوق سوداء للعملة الأجنبية، وهذا نجاح كبير لتلك القرارات، والدولار كان يتداول خارج النظام المصرفى، الآن التعاملات كلها أصبحت داخل الجهاز المركزى، ولم يكن لدينا سوى هذا الحل الذى اتخذناه، ومن المؤكد أن تبعات هذه القرارات سيتقاسمها الجميع، ولن تتحملها فئة وحدها، وهدفى ألا يسقط القطاع الخاص.
المصور: لكن الكثير من القطاعات تأثرت سلبًا بقرار تحرير سعر الصرف.. لماذا لم تضع الحكومة فى حساباتها ذلك عند اتخاذ القرار؟
الوزير: «التعويم المُضار».. يعنى أن يتدخل البنك المركزى لضخ العملة، وهذا التعويم لابد أن يتوفر له احتياطى نقدى كبير، ومن خلال سياسات البيع المفتوح تمكنا من تعديل المنظومة، وهذه توقيتات، ولو دخلنا إلى هنا من البداية لفقدنا الدولار وكأننا لم نفعل شيئًا وسنخلق سوقا سوداء بعد ٤ أشهر على أقصى تقدير لأننا سنكون استنزفنا الدولار بالسوق.
أما فيما يتعلق بالتأثيرات المحتملة على الأسواق فقد كانت مُقدرة ومعروفة ولم يكن مفاجئًا، لكن متخذ القرار لم يكن لديه سوى هذا الخيار لإصلاح النظام الاقتصادى، وبالتالى كانت هناك لجنة للمقاولات لوضع آلية للتعويض، وكذلك للتوريدات وكذلك الأدوية.
وعلينا أن ندرك أن ٧٥ ٪ من السلع تعتمد على مكونات مستوردة من الخارج، فهذه مشكلة الاقتصاد، وأخذنا القرار وسيؤتى ثماره ليس عاجلًا كما يتخيل البعض، وأذكر هنا قرارات د. عاطف صدقى فى بداية التسعينيات، لم نكن لنتواجد كاقتصاد أساسًا، وفى هذه الفترة عاتبهم البعض على اتخاذ تلك القرارات أيضا.
كما أن هذه القرارات ستُشجع المنتجين على تصنيع المواد محليًا بدلا من الاستيراد العشوائى، وتعميق التصنيع المحلى وزيادة المنتجات الوسيطة، وهكذا يتحرك الاقتصاد، ويحتاج الأمر عدة سنوات، وهذه هى الطريقة الوحيدة لتعزيز التنافسية.
مرة أخرى.. من المؤكد أن هناك تأثيرات سلبية للقرارات الأخيرة، والجميع يشعر بها، لكن ما يحدث الآن تصحيح فى السوق، ويدفع الجمهور لترشيد الاستهلاك، والفكرة تكمن فى أن الحكومة أخرجت المشكلة إلى السطح وبدأت جديًا فى علاجها، فى الماضى كنا ندعم المنتج الأجنبى والسياحة الخارجية، والسلع المستوردة، والآن نسعى لتحقيق سعر حقيقى للصرف.
المصور: ما تأثير تلك القرارات على عجز الموازنة؟
الوزير: التأثير الإيجابى، يتمثل فى أن إيرادات قناة السويس تعاظمت بعد تحرير سعر الصرف، وهذا يُضيف للموازنة، كما أن قروض الدولار ارتفعت أيضا، والرهان أن يكون لهذه الإجراءات مردود فى السوق فى زيادة الإنتاج والإيرادات وتحفيز الناس أكثر للعمل والانتاج.
المصور: هل من الممكن أن يتخطى الدولار حاجز الـ ٢٠ جنيهًا، الأمر الذى من شأنه أن يؤثر على أسعار السلع الأساسية والخدمات؟
الوزير: لو تحدثنا عن معدلات التضخم، فالتوقعات ألا تستمر تلك الموجة التضخمية طويلًا وفى أقصى تقدير ستستمر أشهرا قليلة، وهناك إجراءات تمت لسحب السيولة، والسيطرة على عجز الموازنة معناه تقليل التوسع النقدى، أى طلب لا يقابله عرض حقيقى فى السوق، فزيادة الأجور للناس بدون زيادة حقيقية فى الانتاج أو تحسين جودة الخدمات المقدمة كل ذلك ينعكس على زيادة الأسعار، ومتوسط الأجور منخفض، الآن الزيادات أصبحت منخفضة، وهناك خفض مستهدف لعجز الموازنة من ١٢٪ إلى أقل من ١٠٪، مع سياسة نقدية مُقيدة، وكل هذا يدفع معدلات الزيادة فى الأسعار إلى التخفيض.
كما أن معدلات الزيادة فى الدول مثل مصر ففى حالات التضخم ٧٪ يكون طبيعيًا، يطلق عليه المعدل الطبيعى، فى الدول المتقدمة يكون ٣٪، والتضخم الآن أصبح ٢٠٪ فى آخر شهر، ومن المؤكد أن يهبط خلال الشهرين المقبلين، وستنخفض النسبة حتى تقف عند المتوسط، وسينخفض معدل الزيادة فى الأسعار، ومن المتوقع أن ينخفض المعدل بداية من الربع الأول للعام المقبل.
بجانب تلك الإصلاحات نناقش حاليًا قانون الاستثمار لتقديمه إلى البرلمان، ونناقش قانون الإفلاس، وعددا من التشريعات المهمة جدا، وهى قوانين تعطى إشارة للعالم بأن مصر جاهزة للاستثمار، وستعمل على تغيير النظرة من سلبية إلى مستقرة إلى إيجابية، كما أن موافقة صندوق النقد على البرنامج الإصلاحى معناه أن الصندوق يقول أن السياسات المتبعة فى مصر سليمة، وهو ما سيُلقى بظلال إيجابية عن مصر.
المصور: الكثير يتخوف من استمرار صعود سعر صرف الدولار ما يعنى زيادة أسعار السلع الأساسية.. إلى أى مدى تتفق وهذا الأمر؟
الوزير: سعر الصرف يتحدد بالعرض والطلب، وكلما قللنا الطلب على الدولار ورفعنا نسبة العرض الأسعار ستقل بلا شك، وتقليل الطلب يتم عن طريق تقليل الاستيراد وزيادة معدلات السياحة، وزيادة تحويلات المصريين.
وأريد أن أوضح هنا أنه لم يعد ممكنًا كما كان فى الماضى أن يتدخل البنك المركزى بتحديد أسعار الصرف.
المصور: لكن أين دور الحكومة فى ذلك؟
الوزير: تحويلات المصريين بالخارج لم تظهر فى ميزان المدفوعات أو الاحتياطى النقدى، لأن الكثير امتنعوا عن التحويل عبر النظام المصرفى، ومنذ اتخاذ الإصلاحات زادت تلك التحويلات، والتعامل كله الآن أصبح داخل الجهاز المصرفى.
كما أن هذه الإجراءات انعكست فى زيادة المعروض من الدولار وخفض الطلب عليه، وسيكون هناك خفض فى سعر الدولار بالسوق المصرى، وإن لم يستجب السوق وظل الحال كما هو عليه، واستمر الاستيراد وانخفضت الصادرات ولم تتحسن أحوال السياحة سيرتفع سعر الدولار.
المصور: إذن.. لماذا لا تضع الدولة ضوابط على الاستيراد والسياحة الخارجية؟
الوزير: توقعاتنا أن تقل السياحة الدينية خلال الفترة المقبلة، فتحرير سعر العملة رفع سعر التكلفة، بخلاف رسوم السعودية، وبالتالى سينخفض الطلب عليها.
وعلينا استيعاب الفلسفة الأساسية، فالاقتصاد بعدما كان مسيطرًا عليه ومركزيا وبه تشوهات، انتقلنا إلى تحرير الاقتصاد وليس سعر الصرف فقط، وبالتالى لابد من تقليل التدخل كجهة إدارية.
المصور: هناك شائعات متداولة عن ارتفاع كبير فى سعر الصرف خلال الفترة المقبلة.. ما تعليقك؟
الوزير: أتحدث بمنطق اقتصادى بسيط، والبعض يدعى المعرفة، وأنا كرجل اقتصاد لا أعرف سعر الدولار فى الفترة المقبلة، بل سيعتمد العام المقبل على استجابة الاقتصاد والمجتمع بتقليل الطلب على الدولار وزيادة المعروض. ولابد للجميع أن يغير من سلوكه الاستهلاكى.
المصور: بالحديث عن السلوك الاستهلاك.. لماذا لا تتقشف الحكومة؟
الوزير: من القرارات التى تم اتخاذها خلال الفترة الماضية عدم إنشاء أى مبنى جديد لأى جهة حكومية، وكانت لنا فى وزارة التخطيط طلبات كثيرة جدا ولم نُفعلها، وهناك لجنة يترأسها، المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء لاستغلال الأصول غير المستغلة، وبدلا من إنشاء مبنى جديد يتم استغلال تلك المبانى، أو وجود مبنى جيد للغاية وبه عدد قليل من المواظفين، كل هذا يُراجع عبر لجنة وقمنا بحصر لتلك الأصول وأول قاعدة بيانات، وهناك خطة واضحة تبدأ فى ٢٠١٧ لتجهيز كل كراسات الطرح، سواء كجهة حكومية وعامة أو مبنى غير مستغل كحق انتفاع، وبالتالى نقلل بشكل كبير من المصروفات، نفس الأمر فى شراء الأثات، وحدثت قيود كبيرة بداية فى السنة المالية الأخيرة.
المصور: ما حجم الأصول التى رصدتها اللجنة؟
الوزير: لا أستطيع تحديد الحجم، ولكى نقول ذلك لابد من تقييم الأسعار، وبدأنا ذلك فى مجموعات، والتقييم بهدف الاستغلال الأمثل.
المصور: لكن المؤسسات والوزارات ستحصل على مقار جديدة فى العاصمة الإدارية ما يعنى أعباء جديدة على الموازنة..!
الوزير: العاصمة الإدارية الجديدة ستُدر إيرادات كبيرة جدا، والناس تعتقد أنها عبء على الموازنة، بل بالعكس، هى استثمار سيزيد الايرادات بشكل غير عادى، أما الجهات الحكومية فسيُعاد استغلال أصولها.
المصور: البعض يتخوف من نقل العاملين بالمؤسسات والوزارات إلى العاصمة الإدارية الجديدة ما يعنى زيادة المشقة فى رحلة البحث عن الخدمة.. تعقيبك؟
الوزير: أمر نقل الوزارات إلى العاصمة الإدارية يتزامن مع التوسع لتقديم الخدمات الإلكترونية للمواطنين، وبالتالى تُبنى على قاعدة بيانات مُحدثة ومترابطة مع قواعد بيانات أخرى، وكل الهيئات ستربط تلك القواعد مع بعضها برقم قومى بداية من ميلاد الطفل، وقطعنا فيه شوطا كبيرا جدا، وهذه القوعد مؤمنة بشكل كبير، وبالتالى لن يكون المواطن مضطًرا لقطع أشواط كبيرة فى المصالح الحكومية.
وقاعدة البيانات الخاصة بالدولة لابد من تأمينها بشكل جيد جدا، وبتلك الطريقة نستطيع تقديم خدمة مميزة للمواطنين دون الحاجة إلى أن يتوجه المواطن إلى العاصمة الإدارية أو السفر إلى أى إقليم، فقد استطعنا افتتاح مركزين فى محافظة أسوان داخل مدينتى «أدفو – دراو»، وكان فى الماضى يذهب المواطن إلى أسوان من أجل إنهاء الإجراءات التى يحتاج إليها ولكن بعد إنشاء هذين المركزين الالكترونيين أصبح المواطن يستطيع الانتهاء من جميع الإجراءات والخدمات التى يحتاج إليها دون السفر، هذا إلى جانب تطبيق «حكومتى» على الهاتف المحمول الذى أطلقته الحكومة من أجل خدمة المواطن والانتهاء من الإجراءات والخدمات والأوراق الرسمية التى يحتاجها المواطن.
وقريبا خلال عام ٢٠١٧ سوف تطلق الحكومة «دليل الخدمات» والذى يحتوى على ٥٠٠ خدمة تقدمها الحكومة، وتكلفتها والأوراق المطلوبة والمدة الزمنية لإنهاء تلك الخدمات، والدليل الآن أمام الوزراء من أجل مراجعة الإجراءات، ثم يتم إطلاقه ليتم التنفيذ من أجل التخفيف على المواطن وكذلك تخفيف الضغط على المقار الحكومية.
المصّور: من أجل إجراءات تطوير الخدمات الحكومية.. ماذا عن الشهر العقارى الذى يعانى العديد من الأزمات؟
الوزير: هذا أمر غير صحيح، فالشهر العقارى يتم تطويره، فهناك العديد من المراكز تم تطويرها، وهناك مراكز لم تتطور حتى الآن، إلى جانب أن هناك مراكز تطويرها غير مجد، ولهذه الأسباب نحن لدينا توجه نحو الشراكة مع الوزارات والهيئات الحكومية من أجل تطوير الخدمة، وعلى سبيل المثال الشراكة التى تم عقدها مع وزارة التضامن الاجتماعى من أجل تطوير بعض المراكز الخاصة بالتأمينات، على أن تضم مقرا للشهر العقارى، إلى جانب المجمعات والمصالح الحكومية التى يمكن أن ينهى المواطن جميع خدماته بداخلها.
المصور: ما الالتزامات التى سيتم تنفيذها مع صندوق النقد الدولى خاصة المرتبطة بزيادة أسعار الخدمات المقدمة للمواطن مثل الطاقة بكافة أشكالها والمياه؟
الوزير: بعيدًا عن أى التزام مع صندوق النقد الدولى، هناك مبدأ لابد أن نتعامل من خلاله مع المواطن، وهو أنه لن يتم تقديم الدعم لغير المستحقين له إلى جانب تقديم الخدمة بتكلفتها الحقيقية.. فهذا هو الأساس فى تعامل الدولة مع المواطن.
المصور: الحديث عن السعر العالمى يتناقض مع حصول المواطن على الأجر بالسعر المحلى؟
الوزير: أولا هذا أمر مغلوط، فليس هناك حديث عن التعامل بالسعر العالمى، لكن التعامل مع المواطن يتم بسعر تكلفة الخدمة.. أما فيما يخص سياسات الأجور، فهناك قاعدة أساسية وهى ربط الأجر بالإنتاج، صحيح أنه يجب ربطه أيضا بالأسعار والاثنين مع بعضهما البعض، لكن ربط الأجر بالأسعار فقط يعمل بشكل مُباشر على ارتفاع نسبة التضخم، فعلى سبيل المثال إذا كانت نسبة التضخم ٢٠٪ وتم رفع الرواتب بنفس النسبة، سوف يقوم المواطن بصرف تلك الأموال فى الأسواق، وبالتالى سينتج عنه زيادة فى الأسعار، واللهث وراء رفع الرواتب بناء على الأسعار هو سراب، ولا يحقق فائدة حقيقية للدولة والمواطن.
المصور: ولماذا لا يتم التوازن بين السياستين؟
الوزير: هذا أمر صحيح تمامًا، وأتحدث عنه كثيرا، ضرورة التوازن بين السياستين الإنتاج والأسعار، لكن لابد من شرح الأزمة، فعلى سبيل المثال إقرار العلاوة ٧٪ بشكل سنوى من الأجر فوفق قانون الخدمة المدنية، تلك العلاوة تساوى ٢١٪ من الأجر الأساسى، فهل يُمكن لنا أن نقول إن أداء أو إنتاج موظفى الدولة ارتفع بتلك النسبة؟، فى حقيقة الأمر الإجابة لا، ونحن نصرف تلك العلاوة من اجل التوازن مع الأسعار فى الأسواق، لكن إذا كانت لدينا رغبة فى حل دائم وحقيقى، لا بد أن نتحدث عن أزمة التضخم الحقيقية فى مصر.. وهذا الكلام موجود داخل برنامج الحكومة واستراتيجية مصر ٢٠٣٠ والخاصة بمُعالجة التضخم، فهو ظاهرة لها أسباب عديدة، لكن من بينها أمر غاية فى الأهمية وهو تنظيم التجارة الداخلية فى مصر، فعلى سبيل المثال تدخل الحكومة عند ارتفاع بعض أنواع السلع مثل «اللحوم والأرز والسكر» وغيرها عن طريق ضخ كميات من أجل مواجهة ارتفاع الأسعار، ويجب ان نعرف أن هذا حل مؤقت للأزمة، وغير مُجد بشكل حقيقى، فلابد من وجود مراكز دعم لوجستى تعمل فى جميع محافظات الجمهورية، ويكون لديها استراتيجية لمواجهة الأسعار فى الأشهر التى ترتفع فيها مُعدلات الاستهلاك مثل شهر رمضان، وما أتحدث عنه مراكز لوجستية موجودة فى خطة الحكومة ونعمل عليها.
المصور: وزير التموين السابق تحدث عن هذا الأمر.. لكن لم يتم تنفيذه؟
الوزير: هذا أمر غير صحيح، فلقد بدأنا فى التنفيذ، وتم تخصيص أراض فى بعض المحافظات وطرحها من اجل إنشاء تلك المراكز بالفعل، ونحن نعمل الآن عليها.
المصّور: فى الندوة السابقة تم الحديث عن تخصيص الأراضى للشباب ضم مشروع المليون ونصف المليون فدان وهذا الوعد لم يتحقق.. ما رأيك؟
الوزير: غير صحيح، فقد تم طرح ٥٠٠ ألف فدان كمرحلة أولى ضمت صغار المزارعين والشركات الصغيرة والكبيرة، وسوف يتم الإعلان عن المستفيدين خلال يناير المقبل، ونحن وضعنا شروطًا لحصول الشباب على تلك الأراضى، حتى لا يتم ترك الشباب فى الصحراء دون رعاية أو اهتمام، فوضعنا معايير للمتقدمين للحصول على الأراضى، والمتمثلة فى إنشاء شركة تضم ما يقرب من عشرة أشخاص لديهم خبرة بمجال الزراعة.
المصّور: هناك بعض الأقاويل التى تتحدث عن أن الآبار المرتبطة بمشروع المليون ونصف المليون فدان غير مُطابقة للمواصفات ولا يُمكن أن تحقق النتائج المرجوة منها.. ما حقيقة هذا الأمر؟
الوزير: سوف أتحدث عن الأمر بكل صراحة، أولًا يجب أن أؤكد أن مشروع المليون ونصف المليون فدان هو مشروع قومى، أى أن العديد من الجهات والوزارات تشارك فيه، وكان فى الماضى مثل مشروع توشكى.. تكون هناك هيئة ما، هى المسئولة، وبالتالى يُمكن أن يتم حفر الآبار دون معايير وتسليمها لشباب الخرجين دون متابعة أو رقابة لصلاحية تلك الآبار، لكن الوضع الآن مُختلف بعد إنشاء شركة «الريف المصرى» وهى شركة حكومية وليست خاصة، تمتلك من العناصر البشرية للإدارة نماذج ممتازة، هى المسئولة عن هذا الأمر، وسوف يتم تسليم الآبار للمستثمرين وفق عقود أنا ملتزم بها، ولن تكون تلك الآبار غير مُطابقة للمواصفات نتيجة وجود تلك الشركة التى تتابع وتراقب بكل جد.
المصّور: هناك العديد ممن تقدموا للحصول على الأراضى هدفهم التربح وسوف يحصلون على الأراضى ثم يقومون ببيعها دون إنجاز أى عمل حقيقى بها.. هل من الممكن أن يحدث ذلك؟
الوزير: هذا الأمر لن يحدث، وأنا على ثقة بهذا الأمر، نتيجة وجود شركة «الريف المصرى» التى تدير الأمر برمته، فأزمة مصر الحقيقية كانت فى غياب الإدارة والمتابعة والرقابة، أما الآن فى ظل تلك الشركة، أؤكد لكم أن هذا الوضع لن يحدث على الإطلاق.
المصّور: هل بدأت الحكومة فى تنفيذ خطة «المعاش المبكر» بإضافة الخمس سنوات التى أقرها قانون الخدمة المدنية ١٨ لسنة ٢٠١٥؟
الوزير: نعم، بدأت الحكومة فى تنفيذ إضافة خمس سنوات، وذلك بشكل اختيارى مع حصول الموظف بالإضافة إلى الترقية المستحقة قبل الخروج على المعاش، وذلك بعد عامين ونصف العام من النقاش والحوار بين كافة أعضاء المنظومة.
المصّور: بعض من الموظفين دائما يترددون فى مسألة الخروج على المعاش بسبب ضعف الأجر الأساسى مقارنة بالأجر الشامل؟
الوزير: هذا ما كان مُتبعًا فى السابق قبل صدور القانون، والآن استطاع القانون تغيير هذه المنظومة بإضافة شامل الأجر، ولم يعد موجود الأجر الوظيفى والأجر المكمل، والآن أصبح الأجر الوظيفى يُشكل ٧٥٪ من قيمة الأجر و٢٥٪ أجر مكمل، بالإضافة إلى تغيير قانون التأمينات والمعاشات بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى ووزارة المالية والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، بحيث يُشكل ربط بين قانون الخدمة المدنية وقانون التأمينات.
المصّور: هل هذا يعنى زيادة للمعاشات؟
الوزير: قانون التأمينات الجديد سيعمل على ربط الأجر الوظيفى بالأجر التأمينى، لأنه فى السابق كان يتم حساب التأمينات على الأجر الأساسى، وكان فى السابق يشكل نسبة ٢٠٪ فقط من كامل الأجر، ولذلك كان الكثير من العاملين فى الدولة يرفضون الخروج لحصولهم على معاش ضعيف للغاية، مقارنة بالأجر الذى كان يحصل عليه فى الوظيفة.. واليوم مع تعديل القانون بربط الأجر الوظيفى بالتأمينى سيعمل على تشجيع العاملين للخروج.
المصّور: وهل هذا يعنى أنه من يخرج على المعاش فى عام ٢٠١٧ سيحصل على معاش أفضل من سابقه الذى خرج فى عام ٢٠١٦؟
الوزير: فى الوقت الحالى لا، لحين صدور قانون التأمينات الجديد، سيصبح الوضع أفضل بالنسبة للخارجين على المعاش.
المصّور: متى يتم تفعيل هذا القانون؟
الوزير: لا يزال يتم بحث الوضع بالتعاون مع منظمة العمل الدولية والبنك الدولى، لأن تفعيل القانون يتم حسب الدراسات الاكتواريّة، لأن صندوقى التأمينات الخاص أو العام بهما بعض المشكلات، ولحين تفعيل القانون يجب أن يتم توفيق الأوضاع بشكل كامل، خاصة أن هناك حسابا لقيمة الاشتراك الجديد، وهناك قيمة اشتراك تم تحصيلها فى السابق، وذلك يحتاج إلى فترة زمنية لتوفيق الوضع بما يتماشى مع الوضع الجديد، والآن تم وضع نظام عادل سواء على مستوى الأجور أو التعيينات، لرفع كفاءة الجهاز الإدارى للدولة.
المصّور: هل يُمكن إعادة النظر فى المعاشات الحالية؟
الوزير: لا أحد يُنكر ذلك، لأن مستوى الدخل بشكل عام فى مصر مُنخفض، ولا أحد يستطيع أن يُجادل فى ذلك، لكن ما يقال دائمًا، ماذا نحن فاعلون فى ضوء الإمكانيات المتاحة؟!، ففى العام الحالى استطاعت الحكومة تحقيق زيادة لأصحاب المعاشات بنسبة ١٠٪ بحد أدنى ١٢٥ جنيها، بما يعنى أن الزيادة التى أقرت ٢٥٪ بالنسبة لأصحاب المعاشات المنخفضة، بالإضافة إلى إقرار حد أدنى لأصحاب المعاشات ٥٠٠ جنيه، وبالفعل هذه الزيادات قليلة بدرجة أو بأخرى، لكن ما تحقق تم فى ضوء الإمكانيات المتاحة للحكومة، وهذه نقلة نوعية إلى حد ما، بالإضافة إلى ذلك تم التوسع فى برنامج تكافل وكرامة، وكان فى بداية السنة المالية المستفيدون من البرنامج قرابة النصف مليون أسرة.. واليوم أصبحنا مليونا ومائتى ألف أسرة، وهو لا يقل عن ٥٠٠ جنيه، ونستهدف زيادة المستفيدين إلى مليون وسبعمائة ألف قبل يونيو المقبل فى المتوسط، بما يُعادل استفادة حقيقية لعشرة ملايين فرد فى متوسط ٤ أفراد للأسرة.. وهم أفقر الفقراء فى مصر.
المصّور: بناءً على ذلك نصيب الفرد مائة جنيه فقط فى الأسرة الواحدة؟
الوزير: نعم، وكان فى السابق لا يحصل على شىء من الدولة، أضف إلى ذلك الدعم الذى يحصلون عليه من بطاقات التموين، وهذا قليل لكن ما تم هو فى ضوء المتاح وإمكانيات الدولة، ونحن دائمًا نتطلع لدعم تلك الفئات ونضعها وفق أعيننا لأنها الفئات التى تحتاج إلى وصول الدعم الحقيقى لها.
المصّور: فى الوقت الذى نتحدث فيه عن دعم الفقراء، هناك فئة حقيقية بدأت فى الانفجار نتيجة لزيادة مستلزمات الإنتاج الزراعى خاصة صغار الفلاحين والتى تعانى بشكل كبير من تقلبات الأسعار.. خاصة أن عددا كبيرا من صغار الفلاحين رفض زراعة القصب والقطن والقمح.. أين الفلاحون من وجهة نظر الدولة؟
الوزير: هناك اتجاهان فى هذا الأمر، الأول مُرتبط برفع قيمة المحصول، وهذا ما تم الفعل، حيث إن الدولة رفعت القيمة المادية للمحصول مثل قصب السكر والذرة الصفراء، وعلى سبيل المثال تم تحديد ثمن طن القصب بـ٥٠٠ جنيه، وهو أمر تم احتسابه بشكل جيد عبر تكلفة زراعة الفدان، إلى جانب إضافة الربح، والحديث عن رفض الفلاحين الزراعة إذا لم يبلغ قيمة الفدان ٩٠٠ أو ألف جنيه غير صحيح، والأيام المقبلة سوف تبرهن على هذا الكلام.. عندما يشرع الفلاح فى الزراعة.. الجزء الثانى هى مكينة الحيازة الزراعية، فللأسف نتيجة غياب الميكنة وعشوائية التعامل لا نمتلك فى مصر سياسة زراعية حقيقية، ومن خلال ميكنة الحيازة سوف نقوم بوضع الخطط الزراعية والسياسة الزراعية إلى جانب الكارت الذكى، والذى سوف يحصل الفلاح من خلاله على قيمة السماد والتقاوى التى يحتاج إليها فى الزراعة «كاش».. وهذا سوف يحدث خلال عام ٢٠١٧.
المصّور: وماذا عن القرى الأكثر فقرًا فى الصعيد؟
الوزير: سياسات الدعم التى كانت متبعة من قبل الحكومة هى السبب المباشر فى زيادة الفقر فى مصر نتيجة عدم الاستهداف، ففى عام ٢٠٠٠ كان متوسط الفقر فى مصر تجاوز ١٦٪ وتم الإعلان عن تخفيضه إلى النصف بحلول عام ٢٠١٥، لكنه تجاوز ٢٦٪ فى عام ٢٠١٦ نتيجة غياب الاستهداف وتقديم الدعم للجميع، فتكون النتيجة عدم وصول الدعم للمستحقين، فالفقر فى مصر يوجد بشكل أساسى داخل ريف محافظات الوجه القبلى، حيث يبلغ ما يقرب من ٧٠٪ من الفقراء فى مصر، لذلك تجد مشروع «تكافل وكرامة» يستهدف تلك الفئة.
المصور: لكن المبالغ المُحددة فى هذا المشروع ضعيفة ولا يُمكن الاعتماد عليها؟
الوزير: إذا كان مبلغ ٣٠٠ أو ٥٠٠ ضعيف، فالمواطن كان يحصل فى الماضى على صفر، وكان هناك اتجاهان، إما الحفاظ على شكل الدعم العينى أو التحول إلى الدعم النقدى مع التوسع فى قاعدة المستفيدين، فالمشروع بدأ بنحو ٥٠٠ ألف أسرة اصبح الآن مليون و٢٠٠ ألف أسرة.. أى بزيادة ٧٠٠ ألف أسرة، فالبرغم من ضعف المبلغ، لكننا استطعنا التوسع فى عدد المستفيدين منه.
المصور: الرئيس سُئل عن ترشحه لفترة رئاسية ثانية فقال: «الشعب يقول.. بس يتحمل معايا».. معالى الوزير، نحن على استعداد للتحمل، لكن بشروط، أن تأخذ الحكومة حق الفقراء من الأغنياء، لأن بكل أسف الحكومة لا تفعل هذا حاليًا، ومازال يوجد تفاوت طبقى مخيف جدًا، والأغنياء مازلوا ينفقون ببذخ، والحكومة تركت المحتركين ينهشون فى الغلابة ويعبثون فى الأسواق كيفما شاءوا، ماذا ستقدم الحكومة للفقراء فى ٢٠١٧؟
الوزير: بشكل عام أى حكومة أو قيادة سياسية موجودة تؤمن بفكر إصلاح وتطبق إجراءات إصلاحية، وبطبيعة الحال هذه الإجراءات ليست شعبية أو جماهيرية «تخلى الناس مبسوطة منها»، وقد ترضى الناس أكثر لو أصدرت الحكومة قرارا مثلًا بزيادة الأجور، أو أنه ليس هناك زيادة فى الأسعار، لكن أى قيادة سياسية أخذت إجراءات إصلاحية بطبيعة الحالة تكون هذه الإجراءات مؤلمة، لكن الناس المدركة لأبعاد الأزمة الحقيقة التى كانت تعيشها مصر تعلم جيدًا مدى أهمية هذه القرارات، وأنها تصب فى صالح البلد وصالح الناس بشكل واضح جدًا بدون خداع.
الأمر الآخر الخاص بالفقراء، هو أن الحكومة تكفلت بمشروع الدعم النقدى، ومشروع «تكافل وكرامة»، بالإضافة إلى برنامج الإسكان الاجتماعى الذى سيتفيد منه مليون و٧٠٠ ألف مواطن، والذى سينتهى قبل نهاية يونيو ٢٠١٧، وهذا البرنامج لأول مرة يوجد فى مصر، فى ظل وجود القيادة السياسية الحالية، نحن نتحدث عن نحو٦٥٠ ألف وحدة إسكان اجتماعى ستسلم للطبقات الفقيرة والمتوسطة فى نهاية يونيو ٢٠١٧، وهذا لم يحدث من الحكومات المتعاقبة، وكنا عندما نسمع عن بناء ٢٠ ألف وحدة سكنية نشعر بانبهار، على الرغم أن مساحة الوحدة كانت ٥٥ مترا فقط، والآن نسمع عن أعداد كبيرة من الوحدات السكنية التى تنفذها الحكومة وبمساحات أكبر عن سابقيها، أيضًا أكبر دعم للفقير الحكومة تعمل عليه حاليًا هو خلق فرص عمل، عن طريق مشروع المليون ونصف المليون فدان وأغلب هذه الأراضى مطروحة فى الصعيد، بالإضافة إلى خلق مجتمعات عمرانية جديدة تحت مسمى «ريف مصرى»، لكن هذا لا يمكن أن يحدث فى يوم وليلة، وضعنا الخطط والقوانين وبدأنا نعمل بالفعل، ونفس الفكرة فى مشروعات الطرق فهى شرايين التنمية وبالفعل الرئيس افتتح مشروعات طرق خلال هذا العام مثل مشروع محور «الضبعة وروض الفرج»، وكل هذه المشروعات سوف تخلق محاور تنمية وفرص عمل وإنتاج حقيقية للناس.
المصور: خلال الفترة المقبلة ستواجه الحكومة معدلات فقر نتيجة للقرارات الاقتصادية الأخيرة، لماذا لم تفكر الحكومة فى الحفاظ على الطبقة الوسطى حتى لا تلامس خط الفقر؟
الوزير: لدينا ٩٢ مليون مواطن فى مصر، وجهاز الإحصاء يشير إلى أن هناك ٢٧.٨ ٪ تحت خط الفقر، وهذا يعنى أنه هناك ما يقرب ٢٥ مليونا تحت خط الفقر، وبالتالى حتى لا تنضم الطبقة المتوسطة إلى هذه الطبقة تستمر الحكومة معها فى الدعم، حاليًا لدينا ما يقرب من ٧٠ مليون شخص على بطاقات التموين، وهنا لا أريد أن أجمل الصورة، صحيح لدينا مشكلة كبيرة، وهذه المشكلة «عايشين فيها منذ سنين» وكادت أن تصل إلى مرحلة غير قابلة للاستمرار، لكن حاليًا بدأ الإصلاح بوضوح، والرئيس يؤكد دائمًا فى كل تصريحاته أن هناك مشكلة، وأن هناك ضغوطا خارجية وداخلية وتغير فى سياسات العالم، وأؤكد للمرة الثانية أن القرارات الاقتصادية التى اتخذتها القيادة السياسية لم تكن قرارات اختيارية، لكنها قرارات إجبارية.
المصور: هناك تصريحات نسبت إليكم بأن هناك شروطا لاستحقاق الدعم، كم مليون مواطن سيتم رفعهم من بطاقات التموين، وكم المبالغ التى ستوفرها الحكومة من تنقية البطاقات، وكيف ستعرف الحكومة دخول المواطنين؟
الوزير: لم تصدر منى تصريحات من هذا القبيل، وهذه التصريحات لا أساس لها من الصحة ولم يصرح وزير التموين بهذا، والمرحلة التى تعمل عليها الحكومة حاليًا فيما يخص تنقية بطاقات التموين هى المرحلة التى ليس عليها خلاف مثل البطاقات المكررة عن طريق قواعد البيانات والتى تظهر هذا التكرار وهذا لم يكن موجودا من قبل، أيضًا توجد لجنة تسمى «لجنة العدالة الاجتماعية» برئاسة رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، وهذه اللجنة هى التى ستعلن المعايير التى سوف تطبق عند تنقية بطاقات التموين بالتنسيق مع مجلس النواب.
المصور: ماذا عن الاستثمار، خاصةً أن العوامل التى تساعد على تنشيطه أغلبها ليست موجودة باستثناء تعويم الجنيه؟
الوزير: بالعكس، هناك عوامل كثيرة موجودة تشجع على الاستثمار منها الاستقرار السياسى، الحمد الله لدينا أوضاع أمنية أفضل بكثير عن المرحلة السابقة، لدينا أيضًا استقرار مالى واقتصادى والعالم أقر بهذا ونحن حتى الآن كمصريين لا نقر به، ولا نعرف أهمية ما حدث، أنا كمستثمر أول شىء انظر إليه هذه المؤشرات التى تحدثت عنها، وأولها ثبات سعر الصرف بالنسب للدولار وهذا يعد للمستثمر استقرارا نقديا يساعده على الاستثمار، بالإضافة إلى أن الحكومة لديها برنامج اقتصادى يعمل على خفض عجز الموازنة وخفض الدين العام كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى، وشهد بهذا صندوق النقد الدولى، وأيضًا البنك الدولى، وهذا مؤشر آخر لتشجيع المستثمرين على الاستثمار، بالإضافة إلى الاستقرار التشريعى، وهو ما يتمثل فى حزمة القوانين التى تعمل عليها الحكومة حاليًا منها قانون الاستثمار والذى تم مناقشته خلال هذا الاسبوع فى اجتماع مجلس الوزراء، بالإضافة إلى بدء الحكومة فى مناقشة قانون «الإفلاس»، وهذه مؤشرات تشجع بالطبع على الاستثمار، والحكومة تحاول بقدر الإمكان تشجيع المستثمرين على الاستثمار، ومن الجرأة أن يرفع البنك المركزى سعر الفائدة ويسمح بالتحويلات بعد أن كانت هناك قيود على عمليات السحب والإيداع، وإن شاء الله سيكون مؤشر الاستثمار فى ٢٠١٧ أفضل بكثير عن السنوات السابقة، وهناك عدة قوانين سيتم إصدارها فى ٢٠١٧ منها قانون الاستثمار وقانون الإفلاس، وبالطبع قانون المحليات من أهم القوانين التى ستصدر.
المصور: هل أصبح لدى مصر فائض من الكهرباء أكثر مما يلزم، مما سيلقى بأعباء على توفير الغاز؟
الوزير: ليس لدينا فائض من الكهرباء كما يقال، ولا تزال لدينا استثمارات كثيرة جدًا نحن بحاجة إلى تنفيذها، صحيح أن هناك استثمارات تمت بالفعل فى قطاع الكهرباء، لكن لا تزال لدينا مشروعات مؤجلة على مستوى الشبكات، وبمنتهى الوضوح لدينا اتفاقية ربط كهرباء مع السعودية وأيضًا بين الأردن، وهذه الاتفاقيات تهدف إلى الربط بين مصر والخليج كله، ونتيجة لهذه الاتفاقيات بإمكاننا أن نصدر طاقة كبيرة جدًا فى الفترة المقبلة بعد تنفيذها.
المصور: هل نحن بحاجة إلى مشروع المحطة النووية فى الضبعة فى ظل هذه الظروف؟
الوزير: طبعًا، وأيًا كانت تكلفة المشروع فنحن ننظر دائمًا إلى شروط القرض نفسه، فشروطه جيدة جدًا منها فترة سماح سداد القرض، فطوال تنفيذ المشروع لن نسدد شيئا، ولن نسدد قيمة القرض إلا بعد الانتهاء من تنفيذ المشروع وتشغيل الإنتاج، وسيتم البدء فى المشروع فى ٢٠١٧.
المصور: هل تتوقع أن يكون عام ٢٠١٧ آخر الأعوام الصعبة على مصر؟
الوزير: لا، لكن سيكون أخف وطأة من ٢٠١٦ بمشيئة الله، وسيكون ٢٠١٨ أفضل، وعلينا أن ننظر إلى الدول التى عانت، فالصين ظلت من سنة ٧٨ إلى سنة ٢٠٠٨ تبنى نفسها، وتحولت بعد ذلك إلى الأفضل، وغيرها كثير من الدول.
المصور: ما التوصيف الصحيح لعام ٢٠١٧؟
الوزير: عام ٢٠١٧ عام المزيد من العمل والبناء، وليس عام جنّى الثمار، فالقرارات التى اتخذتها الحكومة من المؤكد أنها سيكون لها تأثير إيجابى على مناخ الاستثمار فى ٢٠١٧، وبالتالى سيضاف إلى رصيدك استثمارات وفرص عمل ودخول أكثر، لكن فى الآخر لديك مشكلة يجب التغلب عليها، فصحيح ستخلق الحكومة فرص عمل للشباب، لكن فى نفس الوقت سيكون هناك أشخاص بدون عمل، وبالتالى عام ٢٠١٧ يمكن أن نطلق عليه عام البناء وتكثيف العمل، ونحن أبعد من أن نطلق عليه عام الرفاهية، فالتنمية حرب حقيقة وبحاجة إلى تعبئة مجتمعية وأن يستشعر الناس بأن لدينا أزمة حقيقة.
المصور: متى تظهر ثمار المشروعات التنموية؟
الوزير: ستظهر تباعًا، البلد كلها كان لديها أزمة كبيرة فى الطرق، لكن اليوم أصبح لديك طفرة كبيرة فى هذا القطاع، بخلاف المشروعات الأخرى، فاليوم تجاوزنا نسبة ١٥٪ من تغطية القرى بالصرف الصحى، وتستهدف الحكومة فى يونيو ٢٠١٨ أن تصل تغطية القرى من الصرف الصحى إلى ٤٠٪، وهذه ثمار نشعر بها جميعًا، لكن هذا ليس معناه أننا لسنا فى أزمة.
المصور: كثير ما نسمع أن الحكومة ستصدر مزيدا من القرارات التى تزيد من الأمر صعوبة خلال الأشهر المقبلة.. ما حقيقة هذا؟
الوزير: إشاعات.. «هناك مكنة إشاعات شغالة فى الدولار وأسعار النزين».
المصور: لماذا لا تحارب الحكومة المحتكرين؟
الوزير: هناك ما يسمى بالاحتكار والممارسة الاحتكارية، فالممارسة الاحتكارية هى المجرمة قانونًا، وليس معناه أننى الوحيد الذى أقدم الخدمة، فالسكر والأرز ليس فيهما ممارسات احتكارية من أحد، وإذا كنا نتحدث عن احتكار للسلع فى الوقت الحالى، فهذا معناه أن الدولة هى التى تقوم بالاحتكار للسلع، فالسكر موجود فى المجمعات الاستهلاكية والدولة لديها ٧٠٪ من احتياجات السكر، وأغلب استيراده تقوم به هيئة السلع التموينية، وارتفاع سعر السكر طبيعى لأن أى سلعة لها سعران من الطبيعى أن تحدث فيها أزمة، والعلاج الطبيعى لأى سلعة هو أن يكون لها سعر واحد، وهو ما تحاول الحكومة الآن تنفيذه.
المصور: شكرا معالى الوزير على هذا الحوار.
المصور: ٢٠١٦ شهد قرارات اقتصادية مؤلمة وارتفاعا فى أسعار معظم السلع على خلفية الإجراءات التى اتخذتها الحكومة.. وارتفعت الأسعار بعد إجراء الإصلاحات الاقتصادية.. وفقا للوضع القائم حدثنا عن رؤيتك للعام الجديد؟
الوزير: ٢٠١٦ يمكن القول أنه عام فارق فى التاريخ الاقتصادى لمصر، فهناك أحداث سياسية واجتماعية وأمنية حدثت خلاله، لكنه يظل اقتصاديًا فى المقام الأول، بعد القرارات الحاسمة التى وضعت الاقتصاد المصرى على الطريق الصحيح بعد سنوات من التأخر فى اتخاذ القرار، حيث إننا كنا دائمًا نتعامل مع المشكلات الاقتصادية بفكر «المسكنات» ولم نحاول علاج المرض.
كما أن الاقتصاد المصرى كانت به اختلالات هيكلية، وأى دارس للاقتصاد يدرك أن هناك هيكلا للاقتصاد، منه ما يتعلق بقضية الانتاجية تحديدًا، ويرتبط بها العجز فى الموازين المختلفة، سواء الموازنة العامة للدولة، أو ميزان المدفوعات.
وفى اعتقادى تعتبر ٢٠١٦ بداية حقيقية لعلاج المشاكل الهيكلية، على سبيل المثال قضية سعر الصرف والدولار، فقيمة العملة المحلية لابد أن تعكس مباشرة تنافسية الاقتصاد، ويكون لدينا عجز فى الميزان التجارى ٥٠ مليار دولار، وهذا الرقم لم نكن نصل إليه أبدًا فى الماضى، وكنا قبل ذلك نعوضه بالموازين الأخرى، والتحويلات، والموازين الرأسمالية، ونعالجه عبر إيرادات قناة السويس، واستثمار أجنبى وسياحة.
كل هذه الموارد حدثت لها مشكلات كبيرة فى السنوات الأخيرة، وبالتالى تسببت فى عجز بميزان المدفوعات، نستعيضه عبر المساعدات الخارجية من دول الخليج، وهذا النظام لم يعد قابلا للاستمرار بأى حال من الأحوال، وبالتالى كان لابد من اتخاذ القرارات، وأريد أن أشير هنا إلى أن هذه القرارات لم تكن اختيارية، بل كانت ضرورة مُلحة.
وكانت هناك مقارنة بين اتاحة الدولار أو تحديد سعره، وكان لدينا بالفعل مشكلة فى توفير العملة الصعبة، وهذه مشكلات طويلة عانينا منها منذ سنوات، ونقيس على ذلك فى المنتجات البترولية وأسعار كثيرة جدًا.
كما أن تلك القرارات من أهم قرارات التاريخ الاقتصادى الحديث لمصر، ولم تكن اختيارية، فى حين أنه كانت هناك اختيارات أمام صانع القرار منذ عدة سنوات ولكن لم تُطبق، وكما سبق أن أشرت فإنها تضع الاقتصاد المصرى على الطريق الصحيح من الناحية الاقتصادية.
المصور: لكن ماذا عن الفاتورة التى يدفعها الشعب على خلفية إصدار الحكومة الحالية تلك القرارات؟
الوزير: أى قرار اقتصادى له تكلفة، وكلما تأخرنا فى التنفيذ ارتفعت تلك التكلفة، ومصر تأخرت فى اتخاذ القرارات سنوات طويلة جدا، ولهذا كانت التكلفة كبيرة، وكلنا نُدرك أنه سيكون لهذه القرارات تأثير مباشر على الأسعار خاصة السلع الأساسية والدواء وكافة نواحى الحياة.
والقضية تكمن فى تخفيف التأثيرات السلبية على الفئات الأكثر فقرًا، والتعامل مع الوضع الراهن وتخفيف وطأتها فى ٢٠١٧، كما أن تلك القرارات التى وضعت فى الاقتصاد خلال عام ٢٠١٦، تم استقبالها من الداخل والخارج، وبالتالى بدأ ضخ استثمارات كبيرة سواء وطنية أو أجنبية، لأنه أصبح لدينا فرصة تاريخية وتنافسية المنتجات ارتفعت بشكل كبير، والسياحة فى مصر الآن «ببلاش»، كما أن السفر الداخلى أكثر فرصة من السفر للخارج، وكذلك الأمر فى الاستيراد والتصدير.
ومن المؤكد أنه إذا استمرت تلك الإشارات الإيجابية فمن المتوقع أن تكون ٢٠١٧ أفضل نسبيًا من العام الأخير، كما أن هذا الطريق الذى سرنا فيها يحتاج إلى سنوات.
المصور: بداية القرارات تلك.. كانت من أين؟
الوزير: الحكومة تبدأ، ثم يأتى دور المجتمع كمنتجين ومستثمرين ومستهلكين وعمال، فلابد أن تكون هناك استجابة لتلك الإشارات الموجودة حاليًا.
المصور: القطاع الخاص تأثر سلبًا بهذه القرارات.. هل هناك خطة تم وضعها لاستعادة عافيته مرة أخرى؟
الوزير: حاليًا.. لا توجد سوق سوداء للعملة الأجنبية، وهذا نجاح كبير لتلك القرارات، والدولار كان يتداول خارج النظام المصرفى، الآن التعاملات كلها أصبحت داخل الجهاز المركزى، ولم يكن لدينا سوى هذا الحل الذى اتخذناه، ومن المؤكد أن تبعات هذه القرارات سيتقاسمها الجميع، ولن تتحملها فئة وحدها، وهدفى ألا يسقط القطاع الخاص.
المصور: لكن الكثير من القطاعات تأثرت سلبًا بقرار تحرير سعر الصرف.. لماذا لم تضع الحكومة فى حساباتها ذلك عند اتخاذ القرار؟
الوزير: «التعويم المُضار».. يعنى أن يتدخل البنك المركزى لضخ العملة، وهذا التعويم لابد أن يتوفر له احتياطى نقدى كبير، ومن خلال سياسات البيع المفتوح تمكنا من تعديل المنظومة، وهذه توقيتات، ولو دخلنا إلى هنا من البداية لفقدنا الدولار وكأننا لم نفعل شيئًا وسنخلق سوقا سوداء بعد ٤ أشهر على أقصى تقدير لأننا سنكون استنزفنا الدولار بالسوق.
أما فيما يتعلق بالتأثيرات المحتملة على الأسواق فقد كانت مُقدرة ومعروفة ولم يكن مفاجئًا، لكن متخذ القرار لم يكن لديه سوى هذا الخيار لإصلاح النظام الاقتصادى، وبالتالى كانت هناك لجنة للمقاولات لوضع آلية للتعويض، وكذلك للتوريدات وكذلك الأدوية.
وعلينا أن ندرك أن ٧٥ ٪ من السلع تعتمد على مكونات مستوردة من الخارج، فهذه مشكلة الاقتصاد، وأخذنا القرار وسيؤتى ثماره ليس عاجلًا كما يتخيل البعض، وأذكر هنا قرارات د. عاطف صدقى فى بداية التسعينيات، لم نكن لنتواجد كاقتصاد أساسًا، وفى هذه الفترة عاتبهم البعض على اتخاذ تلك القرارات أيضا.
كما أن هذه القرارات ستُشجع المنتجين على تصنيع المواد محليًا بدلا من الاستيراد العشوائى، وتعميق التصنيع المحلى وزيادة المنتجات الوسيطة، وهكذا يتحرك الاقتصاد، ويحتاج الأمر عدة سنوات، وهذه هى الطريقة الوحيدة لتعزيز التنافسية.
مرة أخرى.. من المؤكد أن هناك تأثيرات سلبية للقرارات الأخيرة، والجميع يشعر بها، لكن ما يحدث الآن تصحيح فى السوق، ويدفع الجمهور لترشيد الاستهلاك، والفكرة تكمن فى أن الحكومة أخرجت المشكلة إلى السطح وبدأت جديًا فى علاجها، فى الماضى كنا ندعم المنتج الأجنبى والسياحة الخارجية، والسلع المستوردة، والآن نسعى لتحقيق سعر حقيقى للصرف.
المصور: ما تأثير تلك القرارات على عجز الموازنة؟
الوزير: التأثير الإيجابى، يتمثل فى أن إيرادات قناة السويس تعاظمت بعد تحرير سعر الصرف، وهذا يُضيف للموازنة، كما أن قروض الدولار ارتفعت أيضا، والرهان أن يكون لهذه الإجراءات مردود فى السوق فى زيادة الإنتاج والإيرادات وتحفيز الناس أكثر للعمل والانتاج.
المصور: هل من الممكن أن يتخطى الدولار حاجز الـ ٢٠ جنيهًا، الأمر الذى من شأنه أن يؤثر على أسعار السلع الأساسية والخدمات؟
الوزير: لو تحدثنا عن معدلات التضخم، فالتوقعات ألا تستمر تلك الموجة التضخمية طويلًا وفى أقصى تقدير ستستمر أشهرا قليلة، وهناك إجراءات تمت لسحب السيولة، والسيطرة على عجز الموازنة معناه تقليل التوسع النقدى، أى طلب لا يقابله عرض حقيقى فى السوق، فزيادة الأجور للناس بدون زيادة حقيقية فى الانتاج أو تحسين جودة الخدمات المقدمة كل ذلك ينعكس على زيادة الأسعار، ومتوسط الأجور منخفض، الآن الزيادات أصبحت منخفضة، وهناك خفض مستهدف لعجز الموازنة من ١٢٪ إلى أقل من ١٠٪، مع سياسة نقدية مُقيدة، وكل هذا يدفع معدلات الزيادة فى الأسعار إلى التخفيض.
كما أن معدلات الزيادة فى الدول مثل مصر ففى حالات التضخم ٧٪ يكون طبيعيًا، يطلق عليه المعدل الطبيعى، فى الدول المتقدمة يكون ٣٪، والتضخم الآن أصبح ٢٠٪ فى آخر شهر، ومن المؤكد أن يهبط خلال الشهرين المقبلين، وستنخفض النسبة حتى تقف عند المتوسط، وسينخفض معدل الزيادة فى الأسعار، ومن المتوقع أن ينخفض المعدل بداية من الربع الأول للعام المقبل.
بجانب تلك الإصلاحات نناقش حاليًا قانون الاستثمار لتقديمه إلى البرلمان، ونناقش قانون الإفلاس، وعددا من التشريعات المهمة جدا، وهى قوانين تعطى إشارة للعالم بأن مصر جاهزة للاستثمار، وستعمل على تغيير النظرة من سلبية إلى مستقرة إلى إيجابية، كما أن موافقة صندوق النقد على البرنامج الإصلاحى معناه أن الصندوق يقول أن السياسات المتبعة فى مصر سليمة، وهو ما سيُلقى بظلال إيجابية عن مصر.
المصور: الكثير يتخوف من استمرار صعود سعر صرف الدولار ما يعنى زيادة أسعار السلع الأساسية.. إلى أى مدى تتفق وهذا الأمر؟
الوزير: سعر الصرف يتحدد بالعرض والطلب، وكلما قللنا الطلب على الدولار ورفعنا نسبة العرض الأسعار ستقل بلا شك، وتقليل الطلب يتم عن طريق تقليل الاستيراد وزيادة معدلات السياحة، وزيادة تحويلات المصريين.
وأريد أن أوضح هنا أنه لم يعد ممكنًا كما كان فى الماضى أن يتدخل البنك المركزى بتحديد أسعار الصرف.
المصور: لكن أين دور الحكومة فى ذلك؟
الوزير: تحويلات المصريين بالخارج لم تظهر فى ميزان المدفوعات أو الاحتياطى النقدى، لأن الكثير امتنعوا عن التحويل عبر النظام المصرفى، ومنذ اتخاذ الإصلاحات زادت تلك التحويلات، والتعامل كله الآن أصبح داخل الجهاز المصرفى.
كما أن هذه الإجراءات انعكست فى زيادة المعروض من الدولار وخفض الطلب عليه، وسيكون هناك خفض فى سعر الدولار بالسوق المصرى، وإن لم يستجب السوق وظل الحال كما هو عليه، واستمر الاستيراد وانخفضت الصادرات ولم تتحسن أحوال السياحة سيرتفع سعر الدولار.
المصور: إذن.. لماذا لا تضع الدولة ضوابط على الاستيراد والسياحة الخارجية؟
الوزير: توقعاتنا أن تقل السياحة الدينية خلال الفترة المقبلة، فتحرير سعر العملة رفع سعر التكلفة، بخلاف رسوم السعودية، وبالتالى سينخفض الطلب عليها.
وعلينا استيعاب الفلسفة الأساسية، فالاقتصاد بعدما كان مسيطرًا عليه ومركزيا وبه تشوهات، انتقلنا إلى تحرير الاقتصاد وليس سعر الصرف فقط، وبالتالى لابد من تقليل التدخل كجهة إدارية.
المصور: هناك شائعات متداولة عن ارتفاع كبير فى سعر الصرف خلال الفترة المقبلة.. ما تعليقك؟
الوزير: أتحدث بمنطق اقتصادى بسيط، والبعض يدعى المعرفة، وأنا كرجل اقتصاد لا أعرف سعر الدولار فى الفترة المقبلة، بل سيعتمد العام المقبل على استجابة الاقتصاد والمجتمع بتقليل الطلب على الدولار وزيادة المعروض. ولابد للجميع أن يغير من سلوكه الاستهلاكى.
المصور: بالحديث عن السلوك الاستهلاك.. لماذا لا تتقشف الحكومة؟
الوزير: من القرارات التى تم اتخاذها خلال الفترة الماضية عدم إنشاء أى مبنى جديد لأى جهة حكومية، وكانت لنا فى وزارة التخطيط طلبات كثيرة جدا ولم نُفعلها، وهناك لجنة يترأسها، المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء لاستغلال الأصول غير المستغلة، وبدلا من إنشاء مبنى جديد يتم استغلال تلك المبانى، أو وجود مبنى جيد للغاية وبه عدد قليل من المواظفين، كل هذا يُراجع عبر لجنة وقمنا بحصر لتلك الأصول وأول قاعدة بيانات، وهناك خطة واضحة تبدأ فى ٢٠١٧ لتجهيز كل كراسات الطرح، سواء كجهة حكومية وعامة أو مبنى غير مستغل كحق انتفاع، وبالتالى نقلل بشكل كبير من المصروفات، نفس الأمر فى شراء الأثات، وحدثت قيود كبيرة بداية فى السنة المالية الأخيرة.
المصور: ما حجم الأصول التى رصدتها اللجنة؟
الوزير: لا أستطيع تحديد الحجم، ولكى نقول ذلك لابد من تقييم الأسعار، وبدأنا ذلك فى مجموعات، والتقييم بهدف الاستغلال الأمثل.
المصور: لكن المؤسسات والوزارات ستحصل على مقار جديدة فى العاصمة الإدارية ما يعنى أعباء جديدة على الموازنة..!
الوزير: العاصمة الإدارية الجديدة ستُدر إيرادات كبيرة جدا، والناس تعتقد أنها عبء على الموازنة، بل بالعكس، هى استثمار سيزيد الايرادات بشكل غير عادى، أما الجهات الحكومية فسيُعاد استغلال أصولها.
المصور: البعض يتخوف من نقل العاملين بالمؤسسات والوزارات إلى العاصمة الإدارية الجديدة ما يعنى زيادة المشقة فى رحلة البحث عن الخدمة.. تعقيبك؟
الوزير: أمر نقل الوزارات إلى العاصمة الإدارية يتزامن مع التوسع لتقديم الخدمات الإلكترونية للمواطنين، وبالتالى تُبنى على قاعدة بيانات مُحدثة ومترابطة مع قواعد بيانات أخرى، وكل الهيئات ستربط تلك القواعد مع بعضها برقم قومى بداية من ميلاد الطفل، وقطعنا فيه شوطا كبيرا جدا، وهذه القوعد مؤمنة بشكل كبير، وبالتالى لن يكون المواطن مضطًرا لقطع أشواط كبيرة فى المصالح الحكومية.
وقاعدة البيانات الخاصة بالدولة لابد من تأمينها بشكل جيد جدا، وبتلك الطريقة نستطيع تقديم خدمة مميزة للمواطنين دون الحاجة إلى أن يتوجه المواطن إلى العاصمة الإدارية أو السفر إلى أى إقليم، فقد استطعنا افتتاح مركزين فى محافظة أسوان داخل مدينتى «أدفو – دراو»، وكان فى الماضى يذهب المواطن إلى أسوان من أجل إنهاء الإجراءات التى يحتاج إليها ولكن بعد إنشاء هذين المركزين الالكترونيين أصبح المواطن يستطيع الانتهاء من جميع الإجراءات والخدمات التى يحتاج إليها دون السفر، هذا إلى جانب تطبيق «حكومتى» على الهاتف المحمول الذى أطلقته الحكومة من أجل خدمة المواطن والانتهاء من الإجراءات والخدمات والأوراق الرسمية التى يحتاجها المواطن.
وقريبا خلال عام ٢٠١٧ سوف تطلق الحكومة «دليل الخدمات» والذى يحتوى على ٥٠٠ خدمة تقدمها الحكومة، وتكلفتها والأوراق المطلوبة والمدة الزمنية لإنهاء تلك الخدمات، والدليل الآن أمام الوزراء من أجل مراجعة الإجراءات، ثم يتم إطلاقه ليتم التنفيذ من أجل التخفيف على المواطن وكذلك تخفيف الضغط على المقار الحكومية.
المصّور: من أجل إجراءات تطوير الخدمات الحكومية.. ماذا عن الشهر العقارى الذى يعانى العديد من الأزمات؟
الوزير: هذا أمر غير صحيح، فالشهر العقارى يتم تطويره، فهناك العديد من المراكز تم تطويرها، وهناك مراكز لم تتطور حتى الآن، إلى جانب أن هناك مراكز تطويرها غير مجد، ولهذه الأسباب نحن لدينا توجه نحو الشراكة مع الوزارات والهيئات الحكومية من أجل تطوير الخدمة، وعلى سبيل المثال الشراكة التى تم عقدها مع وزارة التضامن الاجتماعى من أجل تطوير بعض المراكز الخاصة بالتأمينات، على أن تضم مقرا للشهر العقارى، إلى جانب المجمعات والمصالح الحكومية التى يمكن أن ينهى المواطن جميع خدماته بداخلها.
المصور: ما الالتزامات التى سيتم تنفيذها مع صندوق النقد الدولى خاصة المرتبطة بزيادة أسعار الخدمات المقدمة للمواطن مثل الطاقة بكافة أشكالها والمياه؟
الوزير: بعيدًا عن أى التزام مع صندوق النقد الدولى، هناك مبدأ لابد أن نتعامل من خلاله مع المواطن، وهو أنه لن يتم تقديم الدعم لغير المستحقين له إلى جانب تقديم الخدمة بتكلفتها الحقيقية.. فهذا هو الأساس فى تعامل الدولة مع المواطن.
المصور: الحديث عن السعر العالمى يتناقض مع حصول المواطن على الأجر بالسعر المحلى؟
الوزير: أولا هذا أمر مغلوط، فليس هناك حديث عن التعامل بالسعر العالمى، لكن التعامل مع المواطن يتم بسعر تكلفة الخدمة.. أما فيما يخص سياسات الأجور، فهناك قاعدة أساسية وهى ربط الأجر بالإنتاج، صحيح أنه يجب ربطه أيضا بالأسعار والاثنين مع بعضهما البعض، لكن ربط الأجر بالأسعار فقط يعمل بشكل مُباشر على ارتفاع نسبة التضخم، فعلى سبيل المثال إذا كانت نسبة التضخم ٢٠٪ وتم رفع الرواتب بنفس النسبة، سوف يقوم المواطن بصرف تلك الأموال فى الأسواق، وبالتالى سينتج عنه زيادة فى الأسعار، واللهث وراء رفع الرواتب بناء على الأسعار هو سراب، ولا يحقق فائدة حقيقية للدولة والمواطن.
المصور: ولماذا لا يتم التوازن بين السياستين؟
الوزير: هذا أمر صحيح تمامًا، وأتحدث عنه كثيرا، ضرورة التوازن بين السياستين الإنتاج والأسعار، لكن لابد من شرح الأزمة، فعلى سبيل المثال إقرار العلاوة ٧٪ بشكل سنوى من الأجر فوفق قانون الخدمة المدنية، تلك العلاوة تساوى ٢١٪ من الأجر الأساسى، فهل يُمكن لنا أن نقول إن أداء أو إنتاج موظفى الدولة ارتفع بتلك النسبة؟، فى حقيقة الأمر الإجابة لا، ونحن نصرف تلك العلاوة من اجل التوازن مع الأسعار فى الأسواق، لكن إذا كانت لدينا رغبة فى حل دائم وحقيقى، لا بد أن نتحدث عن أزمة التضخم الحقيقية فى مصر.. وهذا الكلام موجود داخل برنامج الحكومة واستراتيجية مصر ٢٠٣٠ والخاصة بمُعالجة التضخم، فهو ظاهرة لها أسباب عديدة، لكن من بينها أمر غاية فى الأهمية وهو تنظيم التجارة الداخلية فى مصر، فعلى سبيل المثال تدخل الحكومة عند ارتفاع بعض أنواع السلع مثل «اللحوم والأرز والسكر» وغيرها عن طريق ضخ كميات من أجل مواجهة ارتفاع الأسعار، ويجب ان نعرف أن هذا حل مؤقت للأزمة، وغير مُجد بشكل حقيقى، فلابد من وجود مراكز دعم لوجستى تعمل فى جميع محافظات الجمهورية، ويكون لديها استراتيجية لمواجهة الأسعار فى الأشهر التى ترتفع فيها مُعدلات الاستهلاك مثل شهر رمضان، وما أتحدث عنه مراكز لوجستية موجودة فى خطة الحكومة ونعمل عليها.
المصور: وزير التموين السابق تحدث عن هذا الأمر.. لكن لم يتم تنفيذه؟
الوزير: هذا أمر غير صحيح، فلقد بدأنا فى التنفيذ، وتم تخصيص أراض فى بعض المحافظات وطرحها من اجل إنشاء تلك المراكز بالفعل، ونحن نعمل الآن عليها.
المصّور: فى الندوة السابقة تم الحديث عن تخصيص الأراضى للشباب ضم مشروع المليون ونصف المليون فدان وهذا الوعد لم يتحقق.. ما رأيك؟
الوزير: غير صحيح، فقد تم طرح ٥٠٠ ألف فدان كمرحلة أولى ضمت صغار المزارعين والشركات الصغيرة والكبيرة، وسوف يتم الإعلان عن المستفيدين خلال يناير المقبل، ونحن وضعنا شروطًا لحصول الشباب على تلك الأراضى، حتى لا يتم ترك الشباب فى الصحراء دون رعاية أو اهتمام، فوضعنا معايير للمتقدمين للحصول على الأراضى، والمتمثلة فى إنشاء شركة تضم ما يقرب من عشرة أشخاص لديهم خبرة بمجال الزراعة.
المصّور: هناك بعض الأقاويل التى تتحدث عن أن الآبار المرتبطة بمشروع المليون ونصف المليون فدان غير مُطابقة للمواصفات ولا يُمكن أن تحقق النتائج المرجوة منها.. ما حقيقة هذا الأمر؟
الوزير: سوف أتحدث عن الأمر بكل صراحة، أولًا يجب أن أؤكد أن مشروع المليون ونصف المليون فدان هو مشروع قومى، أى أن العديد من الجهات والوزارات تشارك فيه، وكان فى الماضى مثل مشروع توشكى.. تكون هناك هيئة ما، هى المسئولة، وبالتالى يُمكن أن يتم حفر الآبار دون معايير وتسليمها لشباب الخرجين دون متابعة أو رقابة لصلاحية تلك الآبار، لكن الوضع الآن مُختلف بعد إنشاء شركة «الريف المصرى» وهى شركة حكومية وليست خاصة، تمتلك من العناصر البشرية للإدارة نماذج ممتازة، هى المسئولة عن هذا الأمر، وسوف يتم تسليم الآبار للمستثمرين وفق عقود أنا ملتزم بها، ولن تكون تلك الآبار غير مُطابقة للمواصفات نتيجة وجود تلك الشركة التى تتابع وتراقب بكل جد.
المصّور: هناك العديد ممن تقدموا للحصول على الأراضى هدفهم التربح وسوف يحصلون على الأراضى ثم يقومون ببيعها دون إنجاز أى عمل حقيقى بها.. هل من الممكن أن يحدث ذلك؟
الوزير: هذا الأمر لن يحدث، وأنا على ثقة بهذا الأمر، نتيجة وجود شركة «الريف المصرى» التى تدير الأمر برمته، فأزمة مصر الحقيقية كانت فى غياب الإدارة والمتابعة والرقابة، أما الآن فى ظل تلك الشركة، أؤكد لكم أن هذا الوضع لن يحدث على الإطلاق.
المصّور: هل بدأت الحكومة فى تنفيذ خطة «المعاش المبكر» بإضافة الخمس سنوات التى أقرها قانون الخدمة المدنية ١٨ لسنة ٢٠١٥؟
الوزير: نعم، بدأت الحكومة فى تنفيذ إضافة خمس سنوات، وذلك بشكل اختيارى مع حصول الموظف بالإضافة إلى الترقية المستحقة قبل الخروج على المعاش، وذلك بعد عامين ونصف العام من النقاش والحوار بين كافة أعضاء المنظومة.
المصّور: بعض من الموظفين دائما يترددون فى مسألة الخروج على المعاش بسبب ضعف الأجر الأساسى مقارنة بالأجر الشامل؟
الوزير: هذا ما كان مُتبعًا فى السابق قبل صدور القانون، والآن استطاع القانون تغيير هذه المنظومة بإضافة شامل الأجر، ولم يعد موجود الأجر الوظيفى والأجر المكمل، والآن أصبح الأجر الوظيفى يُشكل ٧٥٪ من قيمة الأجر و٢٥٪ أجر مكمل، بالإضافة إلى تغيير قانون التأمينات والمعاشات بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى ووزارة المالية والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، بحيث يُشكل ربط بين قانون الخدمة المدنية وقانون التأمينات.
المصّور: هل هذا يعنى زيادة للمعاشات؟
الوزير: قانون التأمينات الجديد سيعمل على ربط الأجر الوظيفى بالأجر التأمينى، لأنه فى السابق كان يتم حساب التأمينات على الأجر الأساسى، وكان فى السابق يشكل نسبة ٢٠٪ فقط من كامل الأجر، ولذلك كان الكثير من العاملين فى الدولة يرفضون الخروج لحصولهم على معاش ضعيف للغاية، مقارنة بالأجر الذى كان يحصل عليه فى الوظيفة.. واليوم مع تعديل القانون بربط الأجر الوظيفى بالتأمينى سيعمل على تشجيع العاملين للخروج.
المصّور: وهل هذا يعنى أنه من يخرج على المعاش فى عام ٢٠١٧ سيحصل على معاش أفضل من سابقه الذى خرج فى عام ٢٠١٦؟
الوزير: فى الوقت الحالى لا، لحين صدور قانون التأمينات الجديد، سيصبح الوضع أفضل بالنسبة للخارجين على المعاش.
المصّور: متى يتم تفعيل هذا القانون؟
الوزير: لا يزال يتم بحث الوضع بالتعاون مع منظمة العمل الدولية والبنك الدولى، لأن تفعيل القانون يتم حسب الدراسات الاكتواريّة، لأن صندوقى التأمينات الخاص أو العام بهما بعض المشكلات، ولحين تفعيل القانون يجب أن يتم توفيق الأوضاع بشكل كامل، خاصة أن هناك حسابا لقيمة الاشتراك الجديد، وهناك قيمة اشتراك تم تحصيلها فى السابق، وذلك يحتاج إلى فترة زمنية لتوفيق الوضع بما يتماشى مع الوضع الجديد، والآن تم وضع نظام عادل سواء على مستوى الأجور أو التعيينات، لرفع كفاءة الجهاز الإدارى للدولة.
المصّور: هل يُمكن إعادة النظر فى المعاشات الحالية؟
الوزير: لا أحد يُنكر ذلك، لأن مستوى الدخل بشكل عام فى مصر مُنخفض، ولا أحد يستطيع أن يُجادل فى ذلك، لكن ما يقال دائمًا، ماذا نحن فاعلون فى ضوء الإمكانيات المتاحة؟!، ففى العام الحالى استطاعت الحكومة تحقيق زيادة لأصحاب المعاشات بنسبة ١٠٪ بحد أدنى ١٢٥ جنيها، بما يعنى أن الزيادة التى أقرت ٢٥٪ بالنسبة لأصحاب المعاشات المنخفضة، بالإضافة إلى إقرار حد أدنى لأصحاب المعاشات ٥٠٠ جنيه، وبالفعل هذه الزيادات قليلة بدرجة أو بأخرى، لكن ما تحقق تم فى ضوء الإمكانيات المتاحة للحكومة، وهذه نقلة نوعية إلى حد ما، بالإضافة إلى ذلك تم التوسع فى برنامج تكافل وكرامة، وكان فى بداية السنة المالية المستفيدون من البرنامج قرابة النصف مليون أسرة.. واليوم أصبحنا مليونا ومائتى ألف أسرة، وهو لا يقل عن ٥٠٠ جنيه، ونستهدف زيادة المستفيدين إلى مليون وسبعمائة ألف قبل يونيو المقبل فى المتوسط، بما يُعادل استفادة حقيقية لعشرة ملايين فرد فى متوسط ٤ أفراد للأسرة.. وهم أفقر الفقراء فى مصر.
المصّور: بناءً على ذلك نصيب الفرد مائة جنيه فقط فى الأسرة الواحدة؟
الوزير: نعم، وكان فى السابق لا يحصل على شىء من الدولة، أضف إلى ذلك الدعم الذى يحصلون عليه من بطاقات التموين، وهذا قليل لكن ما تم هو فى ضوء المتاح وإمكانيات الدولة، ونحن دائمًا نتطلع لدعم تلك الفئات ونضعها وفق أعيننا لأنها الفئات التى تحتاج إلى وصول الدعم الحقيقى لها.
المصّور: فى الوقت الذى نتحدث فيه عن دعم الفقراء، هناك فئة حقيقية بدأت فى الانفجار نتيجة لزيادة مستلزمات الإنتاج الزراعى خاصة صغار الفلاحين والتى تعانى بشكل كبير من تقلبات الأسعار.. خاصة أن عددا كبيرا من صغار الفلاحين رفض زراعة القصب والقطن والقمح.. أين الفلاحون من وجهة نظر الدولة؟
الوزير: هناك اتجاهان فى هذا الأمر، الأول مُرتبط برفع قيمة المحصول، وهذا ما تم الفعل، حيث إن الدولة رفعت القيمة المادية للمحصول مثل قصب السكر والذرة الصفراء، وعلى سبيل المثال تم تحديد ثمن طن القصب بـ٥٠٠ جنيه، وهو أمر تم احتسابه بشكل جيد عبر تكلفة زراعة الفدان، إلى جانب إضافة الربح، والحديث عن رفض الفلاحين الزراعة إذا لم يبلغ قيمة الفدان ٩٠٠ أو ألف جنيه غير صحيح، والأيام المقبلة سوف تبرهن على هذا الكلام.. عندما يشرع الفلاح فى الزراعة.. الجزء الثانى هى مكينة الحيازة الزراعية، فللأسف نتيجة غياب الميكنة وعشوائية التعامل لا نمتلك فى مصر سياسة زراعية حقيقية، ومن خلال ميكنة الحيازة سوف نقوم بوضع الخطط الزراعية والسياسة الزراعية إلى جانب الكارت الذكى، والذى سوف يحصل الفلاح من خلاله على قيمة السماد والتقاوى التى يحتاج إليها فى الزراعة «كاش».. وهذا سوف يحدث خلال عام ٢٠١٧.
المصّور: وماذا عن القرى الأكثر فقرًا فى الصعيد؟
الوزير: سياسات الدعم التى كانت متبعة من قبل الحكومة هى السبب المباشر فى زيادة الفقر فى مصر نتيجة عدم الاستهداف، ففى عام ٢٠٠٠ كان متوسط الفقر فى مصر تجاوز ١٦٪ وتم الإعلان عن تخفيضه إلى النصف بحلول عام ٢٠١٥، لكنه تجاوز ٢٦٪ فى عام ٢٠١٦ نتيجة غياب الاستهداف وتقديم الدعم للجميع، فتكون النتيجة عدم وصول الدعم للمستحقين، فالفقر فى مصر يوجد بشكل أساسى داخل ريف محافظات الوجه القبلى، حيث يبلغ ما يقرب من ٧٠٪ من الفقراء فى مصر، لذلك تجد مشروع «تكافل وكرامة» يستهدف تلك الفئة.
المصور: لكن المبالغ المُحددة فى هذا المشروع ضعيفة ولا يُمكن الاعتماد عليها؟
الوزير: إذا كان مبلغ ٣٠٠ أو ٥٠٠ ضعيف، فالمواطن كان يحصل فى الماضى على صفر، وكان هناك اتجاهان، إما الحفاظ على شكل الدعم العينى أو التحول إلى الدعم النقدى مع التوسع فى قاعدة المستفيدين، فالمشروع بدأ بنحو ٥٠٠ ألف أسرة اصبح الآن مليون و٢٠٠ ألف أسرة.. أى بزيادة ٧٠٠ ألف أسرة، فالبرغم من ضعف المبلغ، لكننا استطعنا التوسع فى عدد المستفيدين منه.
المصور: الرئيس سُئل عن ترشحه لفترة رئاسية ثانية فقال: «الشعب يقول.. بس يتحمل معايا».. معالى الوزير، نحن على استعداد للتحمل، لكن بشروط، أن تأخذ الحكومة حق الفقراء من الأغنياء، لأن بكل أسف الحكومة لا تفعل هذا حاليًا، ومازال يوجد تفاوت طبقى مخيف جدًا، والأغنياء مازلوا ينفقون ببذخ، والحكومة تركت المحتركين ينهشون فى الغلابة ويعبثون فى الأسواق كيفما شاءوا، ماذا ستقدم الحكومة للفقراء فى ٢٠١٧؟
الوزير: بشكل عام أى حكومة أو قيادة سياسية موجودة تؤمن بفكر إصلاح وتطبق إجراءات إصلاحية، وبطبيعة الحال هذه الإجراءات ليست شعبية أو جماهيرية «تخلى الناس مبسوطة منها»، وقد ترضى الناس أكثر لو أصدرت الحكومة قرارا مثلًا بزيادة الأجور، أو أنه ليس هناك زيادة فى الأسعار، لكن أى قيادة سياسية أخذت إجراءات إصلاحية بطبيعة الحالة تكون هذه الإجراءات مؤلمة، لكن الناس المدركة لأبعاد الأزمة الحقيقة التى كانت تعيشها مصر تعلم جيدًا مدى أهمية هذه القرارات، وأنها تصب فى صالح البلد وصالح الناس بشكل واضح جدًا بدون خداع.
الأمر الآخر الخاص بالفقراء، هو أن الحكومة تكفلت بمشروع الدعم النقدى، ومشروع «تكافل وكرامة»، بالإضافة إلى برنامج الإسكان الاجتماعى الذى سيتفيد منه مليون و٧٠٠ ألف مواطن، والذى سينتهى قبل نهاية يونيو ٢٠١٧، وهذا البرنامج لأول مرة يوجد فى مصر، فى ظل وجود القيادة السياسية الحالية، نحن نتحدث عن نحو٦٥٠ ألف وحدة إسكان اجتماعى ستسلم للطبقات الفقيرة والمتوسطة فى نهاية يونيو ٢٠١٧، وهذا لم يحدث من الحكومات المتعاقبة، وكنا عندما نسمع عن بناء ٢٠ ألف وحدة سكنية نشعر بانبهار، على الرغم أن مساحة الوحدة كانت ٥٥ مترا فقط، والآن نسمع عن أعداد كبيرة من الوحدات السكنية التى تنفذها الحكومة وبمساحات أكبر عن سابقيها، أيضًا أكبر دعم للفقير الحكومة تعمل عليه حاليًا هو خلق فرص عمل، عن طريق مشروع المليون ونصف المليون فدان وأغلب هذه الأراضى مطروحة فى الصعيد، بالإضافة إلى خلق مجتمعات عمرانية جديدة تحت مسمى «ريف مصرى»، لكن هذا لا يمكن أن يحدث فى يوم وليلة، وضعنا الخطط والقوانين وبدأنا نعمل بالفعل، ونفس الفكرة فى مشروعات الطرق فهى شرايين التنمية وبالفعل الرئيس افتتح مشروعات طرق خلال هذا العام مثل مشروع محور «الضبعة وروض الفرج»، وكل هذه المشروعات سوف تخلق محاور تنمية وفرص عمل وإنتاج حقيقية للناس.
المصور: خلال الفترة المقبلة ستواجه الحكومة معدلات فقر نتيجة للقرارات الاقتصادية الأخيرة، لماذا لم تفكر الحكومة فى الحفاظ على الطبقة الوسطى حتى لا تلامس خط الفقر؟
الوزير: لدينا ٩٢ مليون مواطن فى مصر، وجهاز الإحصاء يشير إلى أن هناك ٢٧.٨ ٪ تحت خط الفقر، وهذا يعنى أنه هناك ما يقرب ٢٥ مليونا تحت خط الفقر، وبالتالى حتى لا تنضم الطبقة المتوسطة إلى هذه الطبقة تستمر الحكومة معها فى الدعم، حاليًا لدينا ما يقرب من ٧٠ مليون شخص على بطاقات التموين، وهنا لا أريد أن أجمل الصورة، صحيح لدينا مشكلة كبيرة، وهذه المشكلة «عايشين فيها منذ سنين» وكادت أن تصل إلى مرحلة غير قابلة للاستمرار، لكن حاليًا بدأ الإصلاح بوضوح، والرئيس يؤكد دائمًا فى كل تصريحاته أن هناك مشكلة، وأن هناك ضغوطا خارجية وداخلية وتغير فى سياسات العالم، وأؤكد للمرة الثانية أن القرارات الاقتصادية التى اتخذتها القيادة السياسية لم تكن قرارات اختيارية، لكنها قرارات إجبارية.
المصور: هناك تصريحات نسبت إليكم بأن هناك شروطا لاستحقاق الدعم، كم مليون مواطن سيتم رفعهم من بطاقات التموين، وكم المبالغ التى ستوفرها الحكومة من تنقية البطاقات، وكيف ستعرف الحكومة دخول المواطنين؟
الوزير: لم تصدر منى تصريحات من هذا القبيل، وهذه التصريحات لا أساس لها من الصحة ولم يصرح وزير التموين بهذا، والمرحلة التى تعمل عليها الحكومة حاليًا فيما يخص تنقية بطاقات التموين هى المرحلة التى ليس عليها خلاف مثل البطاقات المكررة عن طريق قواعد البيانات والتى تظهر هذا التكرار وهذا لم يكن موجودا من قبل، أيضًا توجد لجنة تسمى «لجنة العدالة الاجتماعية» برئاسة رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، وهذه اللجنة هى التى ستعلن المعايير التى سوف تطبق عند تنقية بطاقات التموين بالتنسيق مع مجلس النواب.
المصور: ماذا عن الاستثمار، خاصةً أن العوامل التى تساعد على تنشيطه أغلبها ليست موجودة باستثناء تعويم الجنيه؟
الوزير: بالعكس، هناك عوامل كثيرة موجودة تشجع على الاستثمار منها الاستقرار السياسى، الحمد الله لدينا أوضاع أمنية أفضل بكثير عن المرحلة السابقة، لدينا أيضًا استقرار مالى واقتصادى والعالم أقر بهذا ونحن حتى الآن كمصريين لا نقر به، ولا نعرف أهمية ما حدث، أنا كمستثمر أول شىء انظر إليه هذه المؤشرات التى تحدثت عنها، وأولها ثبات سعر الصرف بالنسب للدولار وهذا يعد للمستثمر استقرارا نقديا يساعده على الاستثمار، بالإضافة إلى أن الحكومة لديها برنامج اقتصادى يعمل على خفض عجز الموازنة وخفض الدين العام كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى، وشهد بهذا صندوق النقد الدولى، وأيضًا البنك الدولى، وهذا مؤشر آخر لتشجيع المستثمرين على الاستثمار، بالإضافة إلى الاستقرار التشريعى، وهو ما يتمثل فى حزمة القوانين التى تعمل عليها الحكومة حاليًا منها قانون الاستثمار والذى تم مناقشته خلال هذا الاسبوع فى اجتماع مجلس الوزراء، بالإضافة إلى بدء الحكومة فى مناقشة قانون «الإفلاس»، وهذه مؤشرات تشجع بالطبع على الاستثمار، والحكومة تحاول بقدر الإمكان تشجيع المستثمرين على الاستثمار، ومن الجرأة أن يرفع البنك المركزى سعر الفائدة ويسمح بالتحويلات بعد أن كانت هناك قيود على عمليات السحب والإيداع، وإن شاء الله سيكون مؤشر الاستثمار فى ٢٠١٧ أفضل بكثير عن السنوات السابقة، وهناك عدة قوانين سيتم إصدارها فى ٢٠١٧ منها قانون الاستثمار وقانون الإفلاس، وبالطبع قانون المحليات من أهم القوانين التى ستصدر.
المصور: هل أصبح لدى مصر فائض من الكهرباء أكثر مما يلزم، مما سيلقى بأعباء على توفير الغاز؟
الوزير: ليس لدينا فائض من الكهرباء كما يقال، ولا تزال لدينا استثمارات كثيرة جدًا نحن بحاجة إلى تنفيذها، صحيح أن هناك استثمارات تمت بالفعل فى قطاع الكهرباء، لكن لا تزال لدينا مشروعات مؤجلة على مستوى الشبكات، وبمنتهى الوضوح لدينا اتفاقية ربط كهرباء مع السعودية وأيضًا بين الأردن، وهذه الاتفاقيات تهدف إلى الربط بين مصر والخليج كله، ونتيجة لهذه الاتفاقيات بإمكاننا أن نصدر طاقة كبيرة جدًا فى الفترة المقبلة بعد تنفيذها.
المصور: هل نحن بحاجة إلى مشروع المحطة النووية فى الضبعة فى ظل هذه الظروف؟
الوزير: طبعًا، وأيًا كانت تكلفة المشروع فنحن ننظر دائمًا إلى شروط القرض نفسه، فشروطه جيدة جدًا منها فترة سماح سداد القرض، فطوال تنفيذ المشروع لن نسدد شيئا، ولن نسدد قيمة القرض إلا بعد الانتهاء من تنفيذ المشروع وتشغيل الإنتاج، وسيتم البدء فى المشروع فى ٢٠١٧.
المصور: هل تتوقع أن يكون عام ٢٠١٧ آخر الأعوام الصعبة على مصر؟
الوزير: لا، لكن سيكون أخف وطأة من ٢٠١٦ بمشيئة الله، وسيكون ٢٠١٨ أفضل، وعلينا أن ننظر إلى الدول التى عانت، فالصين ظلت من سنة ٧٨ إلى سنة ٢٠٠٨ تبنى نفسها، وتحولت بعد ذلك إلى الأفضل، وغيرها كثير من الدول.
المصور: ما التوصيف الصحيح لعام ٢٠١٧؟
الوزير: عام ٢٠١٧ عام المزيد من العمل والبناء، وليس عام جنّى الثمار، فالقرارات التى اتخذتها الحكومة من المؤكد أنها سيكون لها تأثير إيجابى على مناخ الاستثمار فى ٢٠١٧، وبالتالى سيضاف إلى رصيدك استثمارات وفرص عمل ودخول أكثر، لكن فى الآخر لديك مشكلة يجب التغلب عليها، فصحيح ستخلق الحكومة فرص عمل للشباب، لكن فى نفس الوقت سيكون هناك أشخاص بدون عمل، وبالتالى عام ٢٠١٧ يمكن أن نطلق عليه عام البناء وتكثيف العمل، ونحن أبعد من أن نطلق عليه عام الرفاهية، فالتنمية حرب حقيقة وبحاجة إلى تعبئة مجتمعية وأن يستشعر الناس بأن لدينا أزمة حقيقة.
المصور: متى تظهر ثمار المشروعات التنموية؟
الوزير: ستظهر تباعًا، البلد كلها كان لديها أزمة كبيرة فى الطرق، لكن اليوم أصبح لديك طفرة كبيرة فى هذا القطاع، بخلاف المشروعات الأخرى، فاليوم تجاوزنا نسبة ١٥٪ من تغطية القرى بالصرف الصحى، وتستهدف الحكومة فى يونيو ٢٠١٨ أن تصل تغطية القرى من الصرف الصحى إلى ٤٠٪، وهذه ثمار نشعر بها جميعًا، لكن هذا ليس معناه أننا لسنا فى أزمة.
المصور: كثير ما نسمع أن الحكومة ستصدر مزيدا من القرارات التى تزيد من الأمر صعوبة خلال الأشهر المقبلة.. ما حقيقة هذا؟
الوزير: إشاعات.. «هناك مكنة إشاعات شغالة فى الدولار وأسعار النزين».
المصور: لماذا لا تحارب الحكومة المحتكرين؟
الوزير: هناك ما يسمى بالاحتكار والممارسة الاحتكارية، فالممارسة الاحتكارية هى المجرمة قانونًا، وليس معناه أننى الوحيد الذى أقدم الخدمة، فالسكر والأرز ليس فيهما ممارسات احتكارية من أحد، وإذا كنا نتحدث عن احتكار للسلع فى الوقت الحالى، فهذا معناه أن الدولة هى التى تقوم بالاحتكار للسلع، فالسكر موجود فى المجمعات الاستهلاكية والدولة لديها ٧٠٪ من احتياجات السكر، وأغلب استيراده تقوم به هيئة السلع التموينية، وارتفاع سعر السكر طبيعى لأن أى سلعة لها سعران من الطبيعى أن تحدث فيها أزمة، والعلاج الطبيعى لأى سلعة هو أن يكون لها سعر واحد، وهو ما تحاول الحكومة الآن تنفيذه.
المصور: شكرا معالى الوزير على هذا الحوار.