الثلاثاء 13 اغسطس 2024

إيران وإسرائيل.. كرة اللهب بين الشرق والغرب

إيران تسعى لثأر ردًا على اغتيال هنية

تحقيقات13-8-2024 | 00:38

محمود غانم

"أعدوا ملاجئكم".. رسالة غير مباشرة بعثتها طهران الساعية للثأر لاغتيال الرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على أرضها لـ "تل أبيب"، وفيما تحظى الأولى بدعم روسي صيني على المستويين السياسي والعسكري، تحظى الأخيرة بدعم أمريكي مطلق، بما يضمن قدرتها للدفاع عن نفسها في وجه أي تهديدات.

"أعدوا ملاجئكم"

قدمت إيران طائرتها المسيرة "مهاجر 10" طويلة المدى خلال معرض دفاعي في روسيا، التي تقول عنها أنها الأكثر تطورًا، حيث يبلغ مداها 2000 كيلومتر ويمكنها التحليق لما يصل إلى 24 ساعة.

لكن بعيدًا عن ذلك، فقد تخلل العرض المقام في باتريوت بارك خارج العاصمة الروسية، توجيه رسالة غير مباشرة لـ الدولة العبرية، حيث أظهر مقطع مصور الطائرة المسيرة إلى جانب عتاد عسكري آخر، مع نص يقول "أعدوا ملاجئكم" باللغتين العبرية والفارسية.

ولاتخفي طهران نيتها في السعي إلى ثأر من "تل أبيب"، جراء اغتيال "هنية" على أرضها، إذ تؤكد أن ذلك واجب عليها لردع إسرائيل عن مثل هذه السلوكيات، بما يحقق الاستقرار والتوازن في المنطقة.

في المقابل، أبلغت تل أبيب واشنطن بأن الاستعدادات العسكرية الإيرانية تشير إلى أن طهران تستعد لهجوم واسع النطاق، وفقًا لـ موقع "أكسيوس" الأمريكي، الذي أشار إلى أن من المرجح أن يحدث ذلك في غضون أيام.

 دعم شرقي

وتحظى إيران بدعم روسيا صيني ملموس سياسيًا وعسكريًا، إذ طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من المرشد الإيراني علي خامنئي أن يكون رد بلاده على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران ردًا محدودًا، وفقًا لما أوردته وكالة رويترز، وذلك على عكس ما تنشده الدولة الغربية من أن تمتنع طهران عن شن هجمات على إسرائيل.

واعتبرت روسيا اغتيال هنية جريمة قتل سياسية غير مقبولة على الإطلاق، ومن شأنها أن تؤدي إلى مزيد من التوترات في المنطقة.

عسكريًا، طلبت طهران من موسكو أنظمة دفاع جوي متطورة، في ظل استعدادها لتوجيه ضربة الثأر، وبالفعل بدأت الأخيرة تسليم الأولى أجهزة رادار متقدمة ومعدات دفاع جوي، طبقًا لما أفادت به صحيفة "نيويورك تايمز".

سياسيًا، أجرى الأمين العام لمجلس الأمن الروسي، سيرجي شويجو، الإثنين الموافق 5 أغسطس الجاري، زيارة إلى طهران، لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين الإيرانيين، في أعقاب اغتيال هنية، وذلك لتعزيز التعاون الثنائي في عديد من المجالات، ومن بينها الأمن.

أما الصين، فقد أكدت لـ إيران أن اغتيال هنية على أرضها، انتهاك خطير للقواعد الأساسية للعلاقات الدولية، بل وزادت:" أنه انتهاك لسيادتها وأمنها وكرامتها الوطنية"، وشددت على دعمها طهران في الدفاع عن سيادتها وأمنها وكرامتها في إطار القوانين الدولية.

من جهتها، أبلغت إيران الصين أن لها الحق في رد مناسب ورادع على إسرائيل لـ ضمان الاستقرار الإقليمي، حسبما نقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية.

وترتبط طهران وبكين منذ عام 2021، بإتفاقية للتعاون الاستراتيجي تمتد لـ 25 عامًا، في المجالات الأمنية والعسكرية والصناعية، وكذلك مجالات النفط والطاقة والبنى الأساسية.

 

 دعم أمريكي لـ إسرائيل

وعلى خلفية اغتيال هنية، وما تلاها من تهديدات إيرانية لـ إسرائيل، عززت الولايات المتحدة الأمريكية وجودها العسكري في المنطقة خلال الأيام القليلة الماضية، لدعم الدفاع عن إسرائيل، وذلك بإرسال سفن تابعة للبحرية ومدمرات إلى منطقة الشرق الأوسط.

وكان آخر ذلك، أمر وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، مجموعة حاملة الطائرات "يو. إس. إس. أبراهام لينكولن"، المجهزة بمقاتلات من طراز "إف-35 سي"، بتسريع انتقالها إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم"، ما يضيف إلى القدرات التي توفرها بالفعل مجموعة حاملة الطائرات "يو. إس. إس. ثيودور روزفلت"، كما أمر بإرسال الغواصة الموجهة بالصواريخ "يو. إس. إس. جورجيا" بالتوجه إلى المنطقة ذاتها.

وسبق وأن حذرت طهران من أنها قد تتعرض لضربة مدمرة إذا شنت هجومًا كبيرًا على إسرائيل، بحسب ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤول أميركي، الذي أوضح، أن الرسالة لم تتضمن تهديدًا بتنفيذ ضربة أميركية ضد أهداف في إيران، بل هي تحذير من العواقب على اقتصادها واستقرار حكومتها.

والأربعاء قبل الماضي، استشهد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، إثر غارة إسرائيلية على مقر إقامته في العاصمة الإيرانية طهران، حيث كان في زيارة للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.

وبالرغم من النفي الإسرائيلي المتكرر لأي مسؤولية تتعلق باغتيال هنية، إلا أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أشار لمسؤوليته عن ذلك، يوم الحادثة، قائلًا:"في الأيام القليلة الماضية وجهنا ضربة ساحقة لكل منهم".

وتسعى دولة الاحتلال من خلال استهداف قادة المقاومة الفلسطينية في الخارج إلى تقديم نصرًا زائفًا إلى شعبها، في ظل فشلها على حسم معركتها في قطاع غزة، المتواصلة منذ نحو 10 أشهر، وفرض نظريتها للردع رغم الدعم العسكري والاستخباري والسياسي والمالي الأميركي الواسع.