الخميس 29 اغسطس 2024

الجارديان: لدى إسرائيل وحزب الله أسباب وجيهة لتجنب الحرب.. لكن وقوعها لا يزال ممكنًا

حزب الله

عرب وعالم25-8-2024 | 19:42

علقت صحيفة الجارديان البريطانية، على التصعيد الأخير في المواجهة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، إذ رأت أن لكل من الطرفين أسبابًا وجيهة تمنعه من الدخول في حرب شاملة الآن، لكن إمكانية وقوعها لا تزال قائمة.

وقالت الصحيفة في تحليل لها اليوم الأحد، إن إسرائيل وحزب الله لو أنهما أرادا حربًا شاملة لكان ذلك قد حدث منذ زمن بعيد. فكل طرف سيكون مرحبًا بتدمير الآخر، لكن من الواضح أن الوقت ليس مناسبًا لأي منهما للدخول في نزاع واسع النطاق، معتبرة أن تبادل الأعمال العدائية عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية صباح اليوم قدم دليلًا آخر على هذه الحقيقة.

وأوضحت أنه من حيث الذخائر المستخدمة، كان هذا أكبر اشتباك بين الجانبين منذ عدة أشهر، فقد أرسلت إسرائيل 100 مقاتلة في الجو وضربت أكثر من 40 موقعًا بالصواريخ، لكنها قتلت شخصًا واحدًا وأصابت أربعة آخرين، وفقاً للإحصاءات الصادرة حتى ظهر اليوم.

ورأت الصحيفة أن من الواضح أن القوات الإسرائيلية اهتمت بالخسائر بين المدنيين في لبنان أكثر من اهتمامها بها في غزة. كما أنه في الوقت الذي تصر فيه إسرائيل على أنها ستقاتل حتى القضاء على حماس تماماً، أكد وزير خارجيتها، يسرائيل كاتس، أن حكومته ليس لها مصلحة في خوض معركة وجودية كهذه مع حزب الله.

وأشارت إلى أن حزب الله أطلق بحسب روايته 320 صاروخاً وعدداً كبيراً من الطائرات بدون طيار صباح الأحد، لكنها لم تتسبب إلا في عدد قليل من الإصابات. ورغم ذلك، زعمت الميليشيا الشيعية اللبنانية أنها حققت أهدافها، انتقامًا لقائدها الذي اغتالته إسرائيل الشهر الماضي.

وبحسب الصحيفة، بالغ المتحدث باسم حزب الله في مصداقيته عندما قال إن خطط الميليشيا لم تتأثر بأي شكل من الأشكال بالغارات الجوية الإسرائيلية السابقة. لكن الهدف من هذه الرسالة كان واضحاً، ألا وهو وضع حد للأعمال العدائية التي شهدها ذلك اليوم والتقليل من الضغط الذي يتعرض له حزب الله لمواصلة المعركة.

واعتبرت أن لدى الجانبين أسبابًا مقنعة لعدم خوض غمار الحرب الآن. فإسرائيل ليس لديها القدرة على تحمل فتح جبهة أخرى في حين أنها لم تتمكن بعد من القضاء على حماس تماماً في غزة، وبينما تندفع الضفة الغربية نحو هاوية انفجار أوسع نطاقاً لعنف المستوطنين المتشددين ومن يناصرهم داخل إسرائيل.

ويدرك قادة الجيش الإسرائيلي أيضاً أن الحرب مع حزب الله لا يمكن كسبها دون غزو بري، وهو ما من شأنه أن يكلف أرواح العديد من الجنود الإسرائيليين، كما أن الدبابات الإسرائيلية لا تزال ضعيفة أمام الكمائن إلى حد كبير، رغم ما خضعت له من تطوير، بحسب الصحيفة.

أما قيادة حزب الله، فتمتلك أصولاً سياسية واقتصادية في لبنان تحتاج إلى حمايتها، وهي أصول قد تُدمَر في حالة اندلاع حرب مع إسرائيل. ومن الواضح أن إيران، الراعي الإقليمي للحزب، ليست مستعدة للصراع أيضاً، فقد أرجأت في الوقت الحالي الرد الذي هددت به على اغتيال إسرائيل للزعيم السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران الشهر الماضي، على حد قول الصحيفة.

ومع ذلك استدركت الصحيفة قائلة إن عدم رغبة إسرائيل وحزب الله في الحرب الآن لا تعني أنها لن تحدث. فالجانبان يستخدمان أدوات بدائية للغاية لإرسال رسائل إلى بعضهما، لكن المجال لسوء التقدير يظل كبيرًا دائمًا.

واستدلت على ذلك بأن الجيش الإسرائيلي كان على وشك الدخول في حرب في لبنان بعد السابع من أكتوبر مباشرة، استنادًا إلى معلومات استخباراتية خاطئة تشير إلى تورط حزب الله في الهجوم وأن مقاتليه كانوا على وشك التدفق عبر الحدود الشمالية، بحسب ما أفادت به تقارير.

وأضافت أن احتمالات العواقب غير المقصودة كانت مرتفعة أيضاً اليوم الأحد، فطائرات الجيش الإسرائيلي، إن كانت روايته دقيقة، قصفت العشرات من مواقع الإطلاق وأحبطت ضربات صاروخية خطط لها حزب الله ضد أهداف استراتيجية في وسط إسرائيل. ولو أن أحد صواريخ حزب الله أصابت مدينة كبرى وتسبب في سقوط عدد كبير من الضحايا، لواجهت حكومة نتنياهو ضغطًا كبيرًا ليس من السهل مقاومته لإخراج حزب الله من جنوب لبنان.

ومن المرجح أن يكون مجال الخطأ أعظم عندما يحاول كل من الطرفين تخمين القوى المحركة السياسية الداخلية للطرف الآخر. فعلى سبيل المثال، عندما قتلت إسرائيل قائد حزب الله فؤاد شكر في غارة جوية على جنوب بيروت الشهر الماضي، لم يكن هناك أي سبيل لمعرفة عدد الصواريخ التي قد يعتبرها حزب الله كافية للانتقام له، أو إلى أين سيوجهها.

وعلى المنوال نفسه، عندما طرد حزب الله أكثر من 80 ألف إسرائيلي من منازلهم بقصفه العابر الحدود، لم يكن بوسعه أن يقيس حجم الضغوط السياسية التي قد يفرضها ذلك على ائتلاف نتنياهو كي يسيطر على جنوب لبنان حتى يتمكن السكان النازحون من العودة. والواقع أن الدعم الشعبي في إسرائيل للغزو كبير بالفعل، وعلاوة على ذلك، فإن لنتنياهو أسبابه الخاصة لإبقاء بلاده في حالة حرب، وإبعاد الانتخابات الجديدة.

وتقول الصحيفة إنه في خضم هذا "التهور المتبادل" تحاول الولايات المتحدة محاولات يائسة للتخفيف من حدة المخاطر؛ فقد كان الهدف الرئيسي لإدارة بايدن منذ السابع من أكتوبر ــ وإنجازها الرئيسي، كما يزعم المسؤولون الأمريكيون - هو منع تحول حرب غزة إلى اندلاع لحرب إقليمية.

وقد حثت واشنطن أصدقاءها على ضبط النفس، في حين نقلت قواتها إلى المنطقة لردع أعدائها. وتتمثل الاستراتيجية المركزية ــ أو الأمل الرئيسي على الأقل ــ في أن ينزع اتفاق "المحتجزين مقابل السلام في غزة" فتيل المواجهة المتفاقمة على الحدود الشمالية لإسرائيل أيضًا.

وتستمر المحادثات هذا الأسبوع، ولا يزال المفاوضون الأمريكيون يصرون، على الرغم من الأدلة التي تشير إلى خلاف ذلك من التجربة الأخيرة، على أن التوصل إلى اتفاق في متناول اليد. ولكن هناك شكوك جدية حول ما إذا كان نتنياهو أو السنوار يريدان حقا إنهاء القتال.

واختتمت الصحيفة تقريرها قائلة "يمكن أن تندلع الحرب دون أن يرغب أي من الجانبين في ذلك، ولكن لا يمكن قول الشيء نفسه عن السلام".