رأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية اليوم الأربعاء أن الرد الإيراني المزمع على مقتل زعيم حركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنية على أراضيها ، حيث تتهم إسرائيل، قد يكون أكثر تواضعا بعد احتواء الصراع بين جماعة حزب الله اللبنانية وإسرائيل.
وأوضحت الصحيفة في مقال تحليلي، إنه بعد أسابيع من المخاوف الإقليمية بشأن حرب أوسع نطاقا، يشير الهجوم المحدود الذي شنه حزب الله على إسرائيل إلى أن إيران، مثل حليفتها، تريد الحد من خطر التصعيد.
وذكرت الصحيفة أنه مع انطلاق الصواريخ والقذائف عبر سماء لبنان وإسرائيل يوم الأحد الماضي، بدا أن اللحظة التي يخاف منها الناس بكل أنحاء المنطقة قد وصلت، وهناك حرب شاملة، ولكن بسرعة كبيرة، أنهت إسرائيل وحزب الله تبادلهما للاتهامات، حيث ادعى كل منهما النصر وأشار إلى أن القتال، في الوقت الحالي على الأقل، قد انتهى.
الصراع بين حزب الله وإسرائيل
ونوهت الصحيفة إلى أن هذه النتيجة الغامضة كشفت عن أن حزب الله وراعيته الإقليمية إيران، لم يجدا طريقة أفضل للرد على الضربات الإسرائيلية، دون إثارة حرب قد تكون مدمرة لهم.
وأضافت الصحيفة أن رد إيران - إذا جاء - لا يزال مجهولا، ولا يزال بإمكان طهران اختيار مسار عمل لم يتوقعه المراقبون الإقليميون، ولكن اختيار حزب الله للتمسك بهجوم محدود هو خيار يعتقد بعض الخبراء الإقليميين الآن أنه قد يعكس خطط إيران، حيث تفكر في كيفية تسوية حساباتها مع إسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن محمد علي شعباني، وهو محلل إيراني قوله : "يواصل الإيرانيون التلميحات حول ضرب هدف بدقة.. الدقة والتناسب هما الآن المفتاح لكيفية نظرتنا إلى هذا الأمر".
وتابعت أنه قبل بضعة أسابيع فقط، كانت المنطقة - مرة أخرى - في وضع محفوف بالمخاطر بشكل غير عادي، بعد أشهر من شن إسرائيل حربها القاتلة على غزة منتصف أكتوبر الماضي، فيما بدأت الجولة الأخيرة من حافة الهاوية في الشرق الأوسط الشهر الماضي، عندما ألقت إسرائيل باللوم على حزب الله في صاروخ أصاب ملعب كرة قدم في مرتفعات الجولان المحتلة حيث نفى حزب الله المسؤولية.
وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل أطلقت تصعيدا انتقاميا سرعان ما وضع المنطقة بأكملها على حافة الهاوية، حيث أنه في الثلاثين من يوليو الماضي، شنت إسرائيل غارة على العاصمة اللبنانية بيروت، لقتل أحد كبار قادة حزب الله، فؤاد شكر وبعد ساعات، أدى انفجار إلى مقتل الزعيم السياسي الأعلى لحماس، إسماعيل هنية، في طهران، حيث كان يحضر تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، ما يمثل استفزازا شديدا لقادة إيران الذين يلقون باللوم فيه على إسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية قوله: "إذا تمكنت إسرائيل من الإفلات من العقاب على قتل حلفاء إيران في قلب طهران، فلن يكون هناك ملاذ آمن للقيادة الإيرانية في أي مكان.. إن هذه الإشارة الضعيفة إلى المعارضين، في الداخل والخارج، أمر لا يطاق بالنسبة للقادة الإيرانيين".
ومع ذلك، قال إن عدم الاستجابة يشكل تهديدًا وجوديًا بقدر مخاطر الانتقام. ولفتت الصحيفة إلى أنه لأسابيع، كان القلق بين القادة والخبراء الإقليميين أقل من رغبة إيران وحزب الله في الحرب، وأكثر من أن خيارهم الأفضل للانتقام الدرامي هو نشر عرض إقليمي منسق للقوة مع الجماعات المسلحة الأخرى المدعومة من إيران في اليمن والعراق.. وكان من الممكن أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى نتيجة أقل قابلية للتنبؤ بها بكثير مما كان يقصده أولئك الذين نفذوها - مثل ضرب موقع به عدد كبير من المدنيين، وهو ما كان ليحفز إسرائيل على القفز إلى أعلى سلم التصعيد.
وتابعت الصحيفة أن حزب الله، الذي يصنف كأقوى ميليشيا تدعمها إيران، كان يفترض أن يكون حاسما لأي استجابة منسقة من هذا القبيل ، لكن تحرك حزب الله للعمل أولاً وبشكل منفرد يشير إلى أن هذا الخيار كان مستبعداً على الأرجح، فيما قال حسن نصر الله، زعيم حزب الله - في خطاب بعد هجوم الأحد - إن "الناس يمكنهم أن يتنفسوا الصعداء".
وبالنسبة لحزب الله، كانت المجازفة بحرب شاملة لها تكلفة سياسية باهظة مع استمرار لبنان في التعافي من أزمة اقتصادية مدمرة وفراغ سياسي دام سنوات، ولهذا واجه ضغوطاً شديدة من قطاعات أخرى من المجتمع لعدم جر البلاد إلى أزمة أعمق. وبصرف النظر عن كيفية تقييم رد حزب الله في طهران، أشار الدبلوماسيون الإقليميون إلى العديد من التصريحات الأخيرة للقادة الإيرانيين، والتي صدرت قبل وقت قصير من ضربات حزب الله وبعدها، والتي تلمح إلى انتقام وشيك، ولكن ربما يكون مستهدفاً ومحدوداً.
وبعد وقت قصير من ضربات حزب الله، قال المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، للطلاب في تجمع أن "الرد لا يعني دائماً حمل السلاح، بل التفكير بشكل صحيح، والتحدث بشكل صحيح، وفهم الأمور بدقة، وضرب الهدف بدقة." ويقول الخبراء، مع ذلك، إن هذه التعليقات الأخيرة تشير إلى أن رد إيران لن يبدو مثل ما فعلته في أبريل الماضي ــ وإن كان ذلك لا يمكن استبعاده ــ بل سيكون أشبه بهجوم مستهدف، خاصة أن طهران تدرس ردا لا يخاطر بجر الولايات المتحدة، التي نشرت سفنها الحربية في جميع أنحاء المنطقة.