تستطلع دار الإفتاء المصرية، عقب صلاة المغرب اليوم الثلاثاء، هلال شهر ربيع الأول لعام 1446 هجريًا، وذلك للإعلان عن موعد بداية الشهر الفضيل، الذي يضم ذكرى ميلاد خير البشر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لذا يحظى بمكانة خاصة في قلوب المسلمين.
شهر ربيع الأول
وأظهرت الحسابات الفلكية التي يجريها معمل أبحاث الشمس بالمعهد القومى للبحوث الفلكية،أن غرة شهر ربيع الأول للعام الهجري 1446هـ ستكون يوم 4 سبتمبر الجاري، وعدته 30 يومًا.
وسيولد الهلال في تمام الساعة 3:57 دقيقة من ظهر اليوم -طبقًا للحسابات الفلكية- التي أشارت إلى أن الهلال الجديد سيبقى في سماء مكة المكرمة والقاهرة لمدة 21 دقيقة بعد غروب شمس، وبالنسبة لباقي المحافظات المصرية فسيبقى في سمائها لمدد تتراوح بين 20 - 21 دقيقة، في حين يبقى في العواصم والمدن العربية والإسلامية بعد غروب شمس لمدد تتراوح بين 15 - 27 دقيقة.
ويقوم التقويم الهجري على رؤية القمر كشرط لبداية الشهر، ولا يعتد فيه بالحسابات، فإذا تمت رؤية القمر، يتم إعلان اليوم التالي بداية للشهر الهجري، وإذا لم يحدث ذلك أعلن أن اليوم التالي هو المتمم.
وكانت بداية العمل بالتقويم الهجري في زمن عمر بن الخطاب، حيث أورد الإمام البخاري في "التاريخ الصغير" عن سعيد بن المسيب يقول قال عمر رضي الله عنه: "متى نكتب التاريخ"؟ فجمع المهاجرين فقال له علي: "من يوم هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- نكتب التاريخ".
وروي أيضًا، أن أبا موسى الأشعري كتب إلى عمر أنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الناس، فقال بعضهم: "أرخ بالمبعث"، وبعضهم: "أرخ بالهجرة"، فقال عمر: "الهجرة فرقت بين الحق والباطل"، فأرخوا بها، فلما اتفقوا قال بعضهم: "ابدءوا برمضان"، فقال عمر: "بل بالمحرم فإنه منصرف الناس من حجهم".
ويتكون العام الهجري من اثني عشر شهرًا قمريًا هي بالترتيب: محرم، صفر، ربيع الأول، ربيع الآخر، جمادى الأولى، جمادى الآخرة، رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذو القعدة، ذو الحجة.
ذكرى ميلاد النبي
وفي الـ 12 من شهر ربيع الأول تحل علينا ذكرى ميلاد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ويوافق ذلك التاريخ يوم الأحد الـ 15 سبتمبر الجاري، حيث درج بعض المسلمين على الإحتفال بتلك المناسبة.
وقد أكد -الأزهر في فتوى سابقة- أن الاحتفال بميلاده صلى الله عليه وسلم تعظيم واحتفاء الجناب النبوي الشريف، وهو عنوان محبَّته التي هي ركن من أركان الإيمان.
ومضى مركز الأزهر في توضيحه بالتأكيد على أن المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوي يقصد به تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، والصيام والقيام؛ إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإعلانًا للفرح بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الدنيا، فميلاده كان ميلادًا للحياة.
وانتهى مركز الأزهر بذلك، إلى أن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم جائز، وهو من سبل ظهار المحبة للرسول الكريم محمد.
وارتأت دار الإفتاء المصرية مثل ما ارتأى الأزهر حيث أكدت في فتوى سابقة ترجع لعام 2016، رداً على سؤال خاص بالاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أكدت أنه من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنه تعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو أصل من أصول الإيمان.
وأضافت: «صح عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قوله: (لا يُؤمِنُ أَحَدُكم حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليه مِن والِدِه ووَلَدِه والنَّاسِ أَجمَعِينَ» رواه البخاري، كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد سنَّ لنا جنس الشكرِ لله تعالى على مِيلاده الشريف؛ فكان يَصومُ يوم الإثنينِ ويقول: (ذلكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه) رواه مسلم».
وتابعت في فتواها: «إذا انضمت إلى ذلك المقاصد الصالحة الأخرى؛ كإدخال السرور على أهل البيت وصلة الأرحام فإنه يصبح مستحبًّا مندوبًا إليه، فإذا كان ذلك تعبيرًا عن الفرح بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان أشد مشروعية وندبًا واستحبابًا».
الفتوى نفسها قالت: «الوسائل تأخذ أحكام المقاصد، فكان القول ببدعيته -فضلًا عن القول بتحريمه أو المنع منه- ضربًا من التنطع المذموم؛ لأن البدعة المنهي عنها هي ما أُحدِثَ مما يخالف كتابًا أو سنة أو أثرًا أو إجماعًا؛ فهذه بدعة الضلالة، وادِّعاء أن أحدًا من الصحابة لم يحتفل بمولد النبي الكريم صلى الله عليه وآله ليس بصحيح أيضًا؛ لما ورد في السنة النبوية من احتفال الصحابة الكرام بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مع إقراره لذلك وإِذْنه فيه؛ فعن بُرَيدة الأسلمي رضي الله عنه قال: خرج رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداء فقالت: يا رسول الله، إنِّي كنت نذَرتُ إن رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَن أَضرِبَ بينَ يَدَيكَ بالدُّفِّ وأَتَغَنَّى، فقالَ لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إن كُنتِ نَذَرتِ فاضرِبِي، وإلَّا فلا» رواه أحمد والترمذي».