الخميس 5 سبتمبر 2024

المهندس عبدالصادق الشوربجي يكتب: منذ أسسها جرجى زيدان قبل 132 عاما “الهلال”.. درة الثقافة العربية

المهندس عبدالصادق الشوربجي رئيس الهيئة الوطنية للصحافة

أخرى5-9-2024 | 17:12

تمضي السنون وتبقى الهلال - الدار والمجلة - راسخة رسوخ الجبال الشامخة أصلها ثابت وفرعها في السماء.. ونحن نحتفل هذا الشهر بمرور 132 عاما على صدور أول عدد من المجلة الأعرق فى الشرق الأوسط، لابد أن نؤكد أن «الهلال» كانت ولا تزال درة المجلات الثقافية في العالم العربي قاطبة.

إنها الهلال التي ولدت بدرا مكتملا أضاء بنوره من العدد الأول دنيا الثقافة والأدب والفنون ليس فى مصر فقط ولكن في الشرق بأكلمه.

أكتب عن الهلال العريقة وصدورها المنتظم مطلع كل شهر لأؤكد أن الصحافة القومية ومؤسساتها العريقة تسير باقتدار في طريقها تواكب العصر وأدواته متسلحة بماض عريق وتاريخ راسخ وحاضر مجيد مضيء بالإنجازات في كل فروع وألوان الصحافة، وبين صفحاتها سجل حافل شاهد على مسيرة الوطن العظيم عبر عقود من الزمان.

صدر العدد الأول من الهلال الغراء في سبتمبر 1892 لتواكب المجلة أحداثا جساما وتحمل مشاعل النور الثقافي في طليعة حقبة تاريخية مهمة في عمر الوطن الأبى ولتكون لسان حال النهضة الثقافية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

صدرت الهلال ومؤسسها الراحل العظيم جرجي زيدان يحمل حلما عرضه السماء أن تصبح المجلة دارا عريقة منارة للثقافة العربية، ورحل المؤسس وتحقق حلمه عبر السنين لتصبح دار الهلال الرقم الأهم في الصحافة والثقافة العربية عبر تاريخها.

سجلت الهلال ورصدت ووثقت على صفحاتها صولات وجولات ومعارك كبار الكتاب والمفكرين والمثقفين، كانت بابا كبيرا لطرح مختلف القضايا الثقافية والفكرية والحداثة والتجديد، لتصبح بحق سجل الوطن الثقافي وزادا لكل باحث عن تاريخ مصر وحضارتها ونهضتها الثقافية، بل أيضا لكل باحث عن تاريخ الثقافة العربية ليصبح تاريخ الهلال هو أيضا تاريخ الثقافة في الشرق.

لدار الهلال ومجلتها الثقافية العريقة معزة خاصة في نفسى، حيث كان لها دور بارز وحضور طاغ في جميع مراحل التاريخ الحديث، ومثلت منارة للأدب والفكر والثقافة والهوية المصرية الأصيلة.

تستمر الهلال متربعة على عرش الثقافة في الشرق الأوسط لتضرب الرقم القياسي كأطول المجلات الثقافية العربية من المحيط إلى الخليج عمرا، فهى الوحيدة التي تصدر بانتظام ودون انقطاع منذ 132 عاما، وكانت عبر عمرها المديد خير زاد وصاحب للمثقفين.

فتحت الهلال صفحاتها وأبوابها لكل ألوان الثقافة والفنون، لم تعرف يوما الجمود أو التعصب لرأى أو فكرة أو فئة، استوعبت جميع الآراء وكل الأفكار في ساحة نقاش وإبداع وحوار عميق لكل القضايا الفكرية والثقافية، وسبقت في مواجهة الأفكار المتطرفة والمتشددة وفتحت آفاق التنوير وأبواب الإبداع أمام كل مفكر وكاتب وصاحب رأى.

على صفحاتها مر العمالقة في مختلف صنوف وألوان الأدب والفكر والثقافة والفنون، ولم لا والكتابة فيها كانت حلما وبمثابة جواز المرور وشهادة الميلاد للكاتب نحو عالم الإبداع.

على صفحات الهلال تجد أسماء كبار الكتاب والأدباء والمفكرين والشعراء الذين تركوا أثرا كبيرا وإنتاجا إبداعيا لا مثيل له، يطالعك على صفحاتها أمير الشعراء أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، والعقاد والمازني، والرافعي، ومحمد حسين هيكل، وطه حسين، ومصطفى عبدالرازق، وغيرهم عشرات الأسماء المعتبرة فى الأدب والثقافة العربية.

كانت الهلال - وستظل - واحة الإبداع الثقافي العربي يستظل بظلها كل باحث عن الثقافة الأصيلة والفكرة المعتبرة، وستبقى شابة عفية قوية قادرة على العطاء الثقافي والاستمرار في حمل مشاعل التنوير والفكر في ظل الجمهورية الجديدة وتحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وفى هذه الذكرى الخالدة ينبغي لنا أن نتوقف أمام الدور العظيم لمؤسساتنا الصحفية القومية في دعم الوطن والحفاظ على هويته، والحق أن مؤسساتنا قاطبة تحظى بدعم الدولة المصرية التي تدرك دورها في بناء الوعى ومواجهة الشائعات والأكاذيب والتحديات وتوضيح الحقائق والتعريف بالأخطار التي تحيط بالوطن والحفاظ على هويته وثقافته.

وتبقى المؤسسات الصحفية القومية إحدى أدوات القوة الناعمة للدولة المصرية، وستواصل الهيئة الوطنية للصحافة دورها فى العمل على تطويرها وفق أدوات العصر ومقتضياته لتستمر كما كانت دائما عبر الزمان على قمة الصحافة والإبداع والثقافة تؤدى دورها في خدمة الوطن العظيم.