أصدر ت مجلة «الهلال» في شهر مارس عددًا خاصًا بالمرأة، تزامنًا مع اعتبار 2017 عامًا للمرأة المصرية، ولكنه تجاوز «الحالة المصرية» إلى رصد جوانب مختلفة من المشهد العام للنساء في العالم العربي، واكتفى غلاف العدد الخاص بعنوان واحد هو «المرأة العربية.. قبل الربيع.. بعد العاصفة»، إذ شاركت فيه كاتبات وكتاب من عموم العالم العربي، في أربعة محاور يشمل كل منها مجموعة من الدراسات.
في افتتاحية العدد يقول رئيس التحرير سعد القرش: «لولا التمييز ضد المرأة ما خصص هذا العام.. عاما للمرأة المصرية، ولا كان هذا العدد الخاص من «الهلال» لرصد الكثير من مظاهر خيبات الأمل بعد ارتفاع سقف الطموح. وقد تمنينا بعد اندلاع الثورات العربية في نهاية 2010 وبدايات 2011 أن نتجاوز عقبات الاستبداد المركب، بصوره السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأن نحتفل بــ«الإنسان» الذي أسهم في هذا الإنجاز الثوري، مستلهمين لحظة نادرة كان ميدان التحرير أصدق تمثيل لها، حين كان وطنا للأمن والحرية وعدم التمييز على أساس الدين أو الجنس.
ويبدو أن الانفجارات العظيمة التي كانت الثورات ذروتها لم تنجح إلا في كشف قشرة النفاق الاجتماعي والسياسي والديني، إذ سارع أعداء المرأة، الخائفون من الحرية بامتداد دول الثورات والانتفاضات، إلى التراجع ليس عن دعم مكتسباتها القليلة قبل «الربيع»، وإنما إلى حصارها وإعادتها إلى «عصور الحريم»، فانتعشت مصطلحات «جهاد النكاح»، والسبي والولاية على المرأة التي انتفضت مرة أخرى، لتثبت أن لعجلة التاريخ اتجاهًا واحدًا، إلى الحرية».
تستعرض الكاتبة اللبنانية منى فياض أحوال المرأة العربية بعد الربيع، وكيف أن الثورات تجمل الأجساد، ولكن الكاتبة والتشكيلية السورية هوازن خداج كانت أكثر صراحة في رصد جوانب مما تسميه «مسيرة الخيبات»، وإن كانت خلود العيد ترى مواقف بارزة للمرأة السورية في «سنوات المحنة»، وتتناول الكاتبة المغربية سعيدة تاقي المفارقة بين «شرارة التغيير وقوقعة الماضي».
وعن المرأة المصرية.. أين تقف؟ وماذا يعوق تحركها إلى المستقبل؟ وكيف تسهم في تصحيح المسار؟ يكتب كل من: فريدة النقاش وبسمة عبد العزيز وأشرف راضي وبشير عبد الفتاح. وعودة إلى أحوال المرأة في أكثر من بلد عربي، في مواجهتها للتطرف والإرهاب والفقر والعدوان الجسدي، يضم هذا المحور دراسات لكل من: عبير عطية ورضوى فرغلي ورشا رمزي، وشهادة للشاعرة السورية هيفين تمو بعنوان «عيد واحد لا يكفيني».
وتنشر المجلة للإمام محمد عبده دراسة مهمة عنوانها «حجاب النساء من الجهة الدينية»، ومقالا لحسام الحداد عن نظرة التراث الفقهي. وتتقصى شذى يحيى قضية القومية المصرية وعلاقتها بتحرير المرأة قبل ثورة 1919. وتقدم بيسان عدوان «فلسطينيات شاركن في صنع التاريخ»، وتترجم الشاعرة السورية صَـبا قاسم فصلا من دراسة للدكتورة مضاوي الرشيد بعنوان «انصهار واندماج المرأة والدين والسياسة في السعودية».
ويبتعد المحور الرابع عن السياسة إذ يعنى بالحفاوة بالمبدعات في الآداب والفنون، فيكتب الشاعر أحمد عنتر مصطفى عن أم كلثوم. ود. رانيا يحيى عن ثلاث رائدات في الموسيقى. وتتناول الكاتبة السورية بهيجة مصري إدلبي صورة المرأة في الأدب. ويكتب اليمني علي أحمد عبده قاسم عن المرأة في رواية «مسامرة الموتى». وتحت عنوان «الأنثى على مذبح الشرف» تقارن الناقدة السورية لمى طيارة بين الفيلم السوري «اللجاة» ورواية «معراج الموت» المقتبس منها. ويرى الكاتب المغربي د. الحبيب ناصري في قراءته لفيلم «رجاء بنت الملاح» أن المجتمع مانح الصكوك. ولا يخلو هذا المحور من الشجون العربية الحالية، وهو ما شغل الكاتبة اللبنانية سمية عزام في قراءتها للفيلم الوثائقي العراقي «غني لي» الذي يقدم مرثية للمندائيين في العراق وهم يواجهون مصيرا مجهولا.