الأربعاء 11 سبتمبر 2024

أرشيف الهلال.. «فنان سبق عصره سيد درويش» للكاتب محمد علي سليمان

سيد درويش

ثقافة10-9-2024 | 16:36

فاطمة الزهراء حمدي

نشرت مجلة الهلال في عددها الصادر في 1 فبراير 1975، موضوعًا بعنوان "فنان سبق عصره سيد درويش"، للكاتب محمد علي سليمان، وجاء في الموضوع "إن تسجيل حياة الفنان يجب ألا تخلو من التحليل .. والنقد والدراسة والتقويم، ولابد أن يفيد المجتمع من حياة الإعلام فائدة اجتماعية أو دراسية او علمية أننا نكتب التاريخ للعبرة، لقد طغت شهرة سيد درويش على غيره ممن عاشوا قبله أو جاؤوا من بعده وارتفعت منزلته بعد الموت".

نص الموضوع

 "ووضعه الكثيرون في مصاف أعلام العرب والعجم وبالغ المبالغون وأسبغوا على الرجل من سمات العبقرية التيجان ووصفوه بالعظمة والتفرد باحتلال عرش النغم والالحان ووضعت له التماثيل وتسابق الكتاب ينشرون للناس سيرته ويمجدون إنتاجه وقالوا عنه أنه: موسيقار الثورة .. موسيقار الوطنية .. موسيقار الشعب موسيقار المسرح .. موسيقار الاغنية بل قالوا : موسيقار أوجد من العدم شيئا اسمه الموسيقى المصرية".

"وتعصب له البعض فقالوا :أنه عبقرية تذكر الى جانب عبقرية بتهوفن وموتسارت.. وكان لكل رأى تعليل ومنطق یؤید به مايراه فيه أما الحقيقة فلا بد أن تستقر على أضواء صافية تنبعث من أساس قوامه العلم والدرس والمنطق والاستنتاج، اذا وضعنا حياة سيد درويش تحت دراسة نفسية علمية ، وتابعنا جهوده وتدراسنا نتاجه وقومناه في ظل المجتمع الذي عاصره والدوافع التي أثارته و الظروف التي سايرت ابداعه الفني، الأمكننا ان ننصف الرجل في غير سرف او انفعال يبتعد بنا عن حقيقة التقويم.

 "ومن هنا نبدأ فنقول عاش سيد درويش طفولة قلقة حائرة في مسكن متواضع يقوم عليه والده النجار الفقير المعلم درويش البحر في حى كوم الدكة بمدينة الإسكندرية بين أسرة كثيرة، وفي ظروف اجتماعية وسياسية لا تعرف الاستقرار.. فالاحتلال البريطاني كان في عنفوانه وسوء الحال ينذر بالفقر والقحط".

"ويتزايد بوس الطفل سيد درويش بوفاة والده من قبل أن يتجاوز العدد السابعة من عمر، ومع ظروف اليتم والفقر بلغ الثالثة عشرة من عمره والتحق بالمعهد الديني وتزيا بالعمامة والجبة والقفطان ، ولكن مواهبه في الغناء جعلت شيوخ المعهد ينكرون عليه اتجاهاته التي رأوا فيها . ما يتعارض مع وقار الدراسة بالمعاهد الدينية في مسجد أبي العباس، وانتهى الأمر بفصله نهائيا من المعهد ، ولما يتم الدراسة بالصف الثاني".

ابن نجار فقير عرف الحرمان ولكنه احب الحياة، فأعطاها كل شيء حتى نفسه فلما مات،  بقيت الحانه واغانيه تروى قصة فنان أصيل

شيخ فنان ينشد أغانيه في جدية ووقار وإذا انحدرت بيئة المستمعين فكانوا من أهل العبث والاستهتار فهو بينهم مثال واضح لما يتطلبه العبث من غناء ماجن وفن يساير أمزجة المغمورين والمخدرين في أغان هابطة تتفق ومجالات هؤلاء العابثين ولا عجب في أن تشده دنيا الإسفاف بما فيها من حياة كفلها الارتزاق من هبات السكارى و المغمورين والغارقين في مواخير الفساد انحدر الفنان الشاب واصبح يحس في أعماقه أن الفن بهذه الصورة يعرضه للضياع المادي والأدبي ... واستيقظ فيه نداء الروح الى ان يبدل نهجه في الحياة بصناعة يدوية يكسب منها رزقه بعيدا عن أجواء الفساد والشر والانحلال  وفعلا استجاب لهذا النداء.