أبرزت وكالة أنباء "أسوشيتيد برس" الأمريكية اليوم الأربعاء تزايد المنافسة بين الولايات المتحدة وروسيا فيما يخص بسط النفوذ والسيطرة في القارة السمراء، وأكدت أن مركز هذه المنافسة التي ارتقت إلى ما أشبه بمعركة وكلاء يكمن حاليًا في جمهورية أفريقيا الوسطى.
وذكرت الوكالة في سياق تقرير أن التوترات السياسية الراهنة في جمهورية أفريقيا الوسطى شكلت نافذة على معركة أكبر تدور رحاها في مختلف أنحاء القارة حيث تتنافس موسكو وواشنطن على بسط النفوذ.. وأوضحت أن روسيا تعمل على توسيع نفوذها في مختلف أنحاء أفريقيا وأن ثمة قوات تابعة لها تسعى حاليًا على تطوير قاعدة عسكرية داخل أفريقيا الوسطى في محاولة من جانبها لتقليص نفوذ الولايات المتحدة وأوروبا في القارة.
وكشفت الوكالة أن أكبر عميل تابع لزعيم جماعة المرتزقة الروسي يفجيني بريجوزين في أفريقيا أُصيب، بعد ساعات من تمرد بريجوزين ضد كبار القادة العسكريين في بلاده، بالذعر حتى لجأ إلى عدوه في الغرب طلبًا للمساعدة. وكتب مسئولون من جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث يتمركز حوالي 1500 من مرتزقة مجموعة فاجنر الغامضة التابعة لبريجوزين، رسالة في ذلك اليوم طلبوا فيها ترتيب اجتماع "سريعًا" مع شركة أمنية أمريكية خاصة لمناقشة التعاون .
وأثارت الرسالة المؤرخة في 23 يونيو الماضي وهو اليوم الذي أطلق فيه بريجوزين التمرد المسلح، سلسلة من الاجتماعات الخاصة، والتي بلغت ذروتها في صفقة مع الدولة الواقعة في وسط أفريقيا وشركة "بانكروفت جلوبال ديفيلوبمنت" التي تصف نفسها بأنها منظمة غير حكومية.
وأثار ذلك ردود فعل عنيفة من جانب المرتزقة الروس، وفقًا لعشرات الدبلوماسيين والسكان المحليين والمحللين .
كذلك، نقلت "أسوشيتيد برس" عن سكان محليين وجماعات حقوق الإنسان اتهامهم للمرتزقة الروس، الذين استخدموا النجاح في صد المتمردين في هذه الدولة الفقيرة كنموذج للتوسع منذ فترة طويلة، بنهب الموارد الطبيعية مثل المعادن والأخشاب وأحيانًا تعذيب وقتل مدنيين.
وفي أعقاب تمرد بريجوزين ووفاته المشبوهة في حادث تحطم طائرة، أعاد الروس ضبط عملياتهم في أفريقيا فيما تحاول الولايات المتحدة، التي كانت منفصلة إلى حد كبير عن المنطقة لسنوات، الحفاظ على وجودها وإحباط المكاسب الروسية عبر مساعدة الدول الأفريقية في إبعاد نفسها عن المرتزقة.
وبالفعل، ألقى مسئولون أمريكيون -حسبما أبرزت الوكالة- باللوم على روسيا في تنامي المشاعر المعادية لأمريكا في المنطقة وقالوا إنهم يعملون على تغيير هذه النظرة النمطية..وقال صامويل راماني من المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز أبحاث دفاعي وأمني، في تصريح خاص للوكالة:" إذا لم تتمكن الولايات المتحدة من استعادة موطئ قدم لها، فقد يمنح ذلك روسيا نفوذًا اقتصاديًا وسياسيًا أكبر.. إذا خسرت روسيا جمهورية إفريقيا الوسطى، نموذجها الرائد في القارة، فقد يكون هناك تأثير الدومينو في بلدان أخرى"
وأضافت "أسوشيتيد برس" أن روسيا برزت، في السنوات الأخيرة، كشريك أمني مفضل لعدد متزايد من الحكومات في المنطقة، مما أدى إلى إزاحة الحلفاء التقليديين مثل فرنسا والولايات المتحدة.
وكانت جمهورية إفريقيا الوسطى واحدة من الأماكن الأولى التي دخلها المرتزقة حيث عانت البلاد من صراعات منذ عام 2013، عندما استولى معارضون على السلطة وأجبروا الرئيس على ترك منصبه.
وتقوم روسيا بتجديد قاعدة عسكرية على بعد حوالي 50 ميلاً أي "80 كيلومترًا" من عاصمة أفريقيا الوسطى "بانجي" بينما أكد سفير روسيا لدى إفريقيا الوسطى أن القاعدة ستحسن أمن البلاد.
وقال فيديل جواندجيكا،مستشار رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فوستين أرشانج تواديرا، تعليقًا على ذلك: إن القاعدة تهدف إلى امتلاك 10 آلاف مقاتل بحلول عام 2030 .
وترى بعض الدول أن نفوذ روسيا يشكل تهديدًا لنفوذها، لكن محللي الصراع يقولون إن إضعافه سيكون صعبًا إذا لم تقدم قوة مماثلة لملاحقة الجماعات المسلحة، مع الأخد في الاعتبار حقيقة أن فاجنر تتمتع بخبرة واسعة في نظام الأمن في جمهورية إفريقيا الوسطى بنحو أكد معه الخبراء أن هذا الأمر قد يمنع تواديرا من تنويع شركاء الأمن بسهولة في حين لم يرد مكتب الرئيس على طلبات مكتوبة للتعليق على هذه القصة.