الإثنين 16 سبتمبر 2024

إلياس خوري.. صوت المهاجرين وسارد الذاكرة الفلسطينية

إلياس خوري

ثقافة15-9-2024 | 14:32

بيمن خليل

رحل عن عالمنا الروائي والكاتب اللبناني الكبير إلياس خوري، عن عمر يناهز 76 عامًا في بيروت، كان خوري قاصًا وروائيًا وناقدًا وكاتبًا مسرحيًا ومفكرًا شعبيًا بارزًا، إذ قدم للأدب العديد من الروايات والمسرحيات والكتب النقدية، ويُعتبر صوت المهاجرين وسارد الذاكرة الفلسطينية، حيث استطاع من خلال أعماله أن يعيد سرد ملحمة الفلسطينيين في كتاباته لاسيما روايته "باب الشمس".

وفي 12 يوليو 1948، ولد إلياس خوري في حي الأشرفية ذي الغالبية المسيحية في بيروت، لبنان، نشأ في كنف عائلة أرثوذكسية من الطبقة المتوسطة، وكان أعسرًا، منذ نعومة أظفاره، أظهر خوري شغفًا بالقراءة، حيث بدأ في سن الثامنة بالاستمتاع بأعمال "جرجي زيدان"، مستقيًا منها معرفة عميقة عن الإسلام وتراثه العربي.

وأتم خوري دراسته الثانوية في مدرسة الرأي الصالح ببيروت عام 1966، خلال سنوات تكوينه، انصب اهتمامه على ثلاثة أنواع من الأدب: الأدب العربي الكلاسيكي، والنصوص الأدبية الحداثية، والروايات الروسية لكتّاب بارزين أمثال بوشكين وتشيخوف.

وواصل خوري مسيرته الأكاديمية بدراسة التاريخ في الجامعة اللبنانية، حيث تخرج عام 1971، وفي العام التالي، نال درجة الدكتوراه في التاريخ الاجتماعي من جامعة باريس، مما أثرى خلفيته المعرفية وعمق فهمه للسياقات الاجتماعية والتاريخية.

وبدأت مسيرة خوري المهنية في عالم الصحافة والأدب عام 1972 عندما انضم إلى مجلة "مواقف" كعضو في هيئة التحرير، تولى بعدها مناصب تحريرية مرموقة في عدة مطبوعات، منها رئاسة تحرير مجلة "شؤون فلسطينية" (1975-1979) بالتعاون مع الشاعر محمود درويش، كما عمل محررًا لسلسلة "ذكريات الشعب" الصادرة عن مؤسسة البحوث العربية في بيروت (1980-1985)، ومديرًا لتحرير مجلة "الكرمل" (1981-1982)، ورئيسًا للقسم الثقافي في صحيفة "السفير" (1983-1990).

وامتد نشاط خوري إلى المجال الفني، حيث شغل منصب المدير الفني لمسرح بيروت (1992-1998)، وكان مديرًا مشاركًا في مهرجان سبتمبر للفنون المعاصرة.

ودخل خوري عالم الرواية عام 1975 بنشر روايته الأولى "لقاء الدائرة"، وفي عام 1977، كتب سيناريو فيلم "الجبل الصغير" الذي يصور أحداث الحرب الأهلية اللبنانية، ومن أعماله البارزة الأخرى رواية "رحلة غاندي الصغير"، التي تروي قصة مهاجر ريفي يعيش في بيروت إبان الحرب الأهلية.

واشتهر إلياس خوري بغزارة إنتاجه الأدبي وعمق معالجته للقضايا السياسية والأسئلة الوجودية، تميزت رواياته، التي تراوحت معظمها بين 110 و220 صفحة، بنهجها المعقد وأسلوبها السردي الفريد.

باب الشمس

وقد ظهرت روايته "باب الشمس" كأشهر أعماله وأطولها، حيث قدمت إعادة سرد ملحمية لحياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان منذ نكبة 1948، متناولة مفاهيم الذاكرة والحقيقة وفن رواية القصص، حظيت هذه الرواية باهتمام كبير وتم تحويلها إلى فيلم سينمائي بنفس الاسم أخرجه المصري يسري نصر الله عام 2002.

وتميز أسلوب خوري السردي باستخدامه للحوار الداخلي وميله في أعماله الأخيرة إلى دمج اللغة العربية العامية مع الفصحى الحديثة، وفي خطوة غير مألوفة في الأدب العربي المعاصر، استخدم اللهجات في السرد الرئيسي لرواياته، متجاوزًا الاستخدام التقليدي للهجات في الحوار فقط، وقد علّل خوري هذا النهج بقوله: "طالما أن اللغة الرسمية المكتوبة غير مفتوحة للغة المنطوقة فهي قمع كامل، لأنها تعني أن التجربة الاجتماعية المنطوقة مهمشة".

ومن أبرز أعماله: "الجبل الصغير"، و"الوجوه البيضاء"، و"رائحة الصابون"، و"باب الشمس"، و"رحلة غاندي الصغير"، و"الوجوه البيضاء" وغيرها.