الأحد 15 سبتمبر 2024

الأصوات السلبية والنغمة النشاز

مقالات15-9-2024 | 15:35

إن إدمان إشاعة الإحباط هو ظاهرة اجتماعية خطيرة تتجلى في سلوكيات الأفراد أو الجماعات الذين يصرون على نشر التشاؤم واليأس بين الناس ومهما كانت الحقائق أو الإنجازات المحققة يتعمد هؤلاء تحويل كل إنجاز إلى نقطة ضعف ويغذون النفوس بالسلبية لعرقلة أي تقدم أو أمل وكما أن الإدمان له تأثير مدمر على الفرد والمجتمع فإن إدمان الإحباط يسلب الجماهير إرادتها ويغذي مشاعر العجز ومواجهة هذا النوع من الإدمان تتطلب وعيا جماعيا وفهما عميقا لكيفية التعامل مع المعلومات والتحلي بالموضوعية وعدم الانسياق وراء موجات التشكيك المستمرة.

ويجب أن تتحلى لغة الخطاب مع مروجي الإحباط متزنة وذكية تجمع بين الحزم والهدوء وتستند إلى الأدلة والحقائق بعيجة عن  التلاسن أو الانفعال فالهدف من الخطاب ليس الدخول في صدام بل كشف حقيقة التوجهات الهدامة وتفنيد الشائعات بأسلوب منطقي ومقنع فمن المهم الرد بهدوء دون الانجرار إلى استفزازات فالانفعال قد يعطي مروج الإحباط فرصة لتوجيه اتهامات شخصية أو خلق بلبلة أكبر كذلك استخدام الأدلة الواضحة والموثوقة لتفنيد المزاعم التي تروج للإحباط فالأرقام والحقائق يصعب دحضها ومن المهم أيضا تشجيع الأفراد على التحقق من المعلومات بأنفسهم وعدم الاعتماد على مصادر غير موثوقة أو مشكوك في مصداقيتها.

ولعل أهل الشر من هؤلاء الذين يعيشون بيننا ولا هم لهم إلا رسم صورة سوداء عن الدولة ومسارها وأن القادم أسوأ لا يواجهون إلا بتوضيح الحقائق التي تؤكد سوء طويتهم وخبث نواياهم فأهل الشر وقنواتهم ولجانهم يتبنون الشائعات والتي يحاولون نشرها عن مصر لكنها بعيدة كالعادة عن الواقع وبالطبع لا يدعي أحد أننا بلا مشكلات أو تحديات بل يخرج كل قيادات الدولة وعلى رأسها رئيس الوزراء في كل مؤتمراتهم ليذكروا لنا الصعوبات ويتشاركون معنا سبل مواجهتها ويرجعون الأزمات إلى أسبابها الحقيقة دون تجميل أو مواربة وهو نهج يساعد على رفع الوعي وتحصينه من أي شبهات  وبالطبع ليست الصورة قاتمة كما يسعى أهل الشر إلى ترويجها ودائما ليس هناك أفضل من لغة الأرقام للرد على هذه التساؤلات خاصة إن صدرت من مؤسسات دولية مرموقة ذات سمعة عالمية فقد أصدرت مؤخرا وكالة "فيتش" تقريرا مهما أكدت فيه أن الاقتصاد المصري يظهر استمرارية ويتقدم بخطى ثابتة نحو التعافي رغم التحديات التي واجهها وأنه سيواصل النمو ومن المتوقع أن يصل إلى نسبة 4.2% قبل نهاية العام المالي في يونيو 2025 وبالطبع تلك المؤسسات لا تعرف المجاملة كما أنها حين تصدر تقريرها يكون مستندا إلى عوامل واقعية فقد زادت الاستثمارات الأجنبية المباشرة سواء من خلال صناديق استثمار عربية كما حدث في صفقة "رأس الحكمة" التي جلبت للبلاد 35 مليار دولار وكان لها دور كبير في حل أزمة نقص الدولار كما نما قطاع التصنيع في ظل اهتمام الدولة بتوطين الصناعات المحلية وتسهيل العقبات التي تواجه المستثمرين والصناعيين كما انتعش قطاع السياحة الذي أظهر مرونة كبيرة في مواجهة الأزمات العالمية وحقق أرقاما جيدة بالإضافة إلى ارتفاع عوائد التصدير وتبني الحكومة خطة لرفع حجم الصادرات إلى 100 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة وليس فيتش وحدها بل توقع أيضا صندوق النقد الدولي أن يحقق الاقتصاد نموا بنسبة 5.1% في العام المالي 2025-2026 مقارنة بنسبة 4.1% المتوقعة للعام المالي الحالي ما يشير إلى أننا نسير على طريق تحفه الآمال وليس التشاؤم الذي يروجه أهل الشر لغرض في نفس يعقوب كما يشار  هنا أيضا وفي هذا السياق إلى ما حققه البنك المركزي من نجاحات ملفتة في ملف الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي ارتفعت أرصدته إلى أعلى مستوى لها مسجلة حوالي 46.5 مليار دولار بفضل النمو الكبير في الاستثمارات الأجنبية وتحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال الشهور الماضية.

ومن كل ما سبق يتبين أن الالتفات إلى مروجي الإحباط ليس إلا تضييع للوقت وإهدار للجهد فالمحبطون لا يسعون إلى البناء أو المساهمة في الحلول بل إلى نشر الشكوك وزرع اليأس في النفوس وفي ظل التحديات التي تواجه أي مجتمع من المهم أن نركز على العمل والإنتاجية وأن نوجه طاقاتنا نحو تحقيق الأهداف والتغلب على الصعاب متجاهلين الأصوات السلبية كما أن التركيز على الحقائق والإنجازات هو السبيل الأمثل للتقدم فكل دقيقة تهدر في الرد على التشكيك غير الموضوعي هي دقيقة كان يمكن أن تستثمر في تحسين الواقع وتطوير المستقبل ودائما أبدا سيكون رهان أهل الشر خاسر لأن الله لا يصلح عمل المفسدين هذا قانون رباني لايتبدل ولا يتخلف وإن كره الكارهون.