الأربعاء 18 سبتمبر 2024

حريم نوتردام يتسبب في اكتشافات أثرية جديدة بداخل الكنيسة

كاتدرائية نوتردام

ثقافة18-9-2024 | 19:26

إٍسلام علي

اندلع حريق كاتدرائية نوتردام في باريس في 15 أبريل 2019، محدثًا دمارًا كبيرًا في هذا المعلم العالمي الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر. 
أدى الحريق إلى انهيار سقف الكاتدرائية وبرجها، مما تسبب في صدمة عالمية وخسارة ثقافية ودينية كبيرة،ومع ذلك، بعد مرور خمس سنوات، تعود الكاتدرائية إلى الحياة، وذلك بفضل جهود متضافرة بين علماء الآثار والمختصين في مجال الترميم.

الجهود الأثرية والترميمية بعد الحريق

فور السيطرة على الحريق، بدأت أعمال الإنقاذ والترميم على نطاق واسع، وأوكلت إلى علماء الآثار من المعهد الوطني الفرنسي للبحوث الأثرية الوقائية (INRAP) مهمة استكشاف الهيكل المتبقي والحفاظ على أكبر قدر ممكن من الأجزاء الأصلية والتحف الداخلية.
وتهدف هذه الجهود إلى حماية التراث التاريخي المرتبط بالكاتدرائية وإعادة بنائها بطريقة تعكس عمقها التاريخي والأثري، وفي مؤتمر صحفي عُقد أمس 17 سبتمبر، أعلن مسؤولون أن أكثر من 50 عالم آثار عملوا على 14 مشروعًا أثريًا مختلفًا، تم من خلالها تحقيق اكتشافات جديدة ومهمة.

اكتشافات أثرية مهمة في كاتدرائية نوتردام 


نفذت أعمال الحفر داخل الكاتدرائية وحولها، وقدمت الحفريات رؤى جديدة عن تاريخ هذا الموقع الذي لم يكن مكشوفًا من قبل، ومن بين أهم الاكتشافات كان العثور على أرضية مسكن قديم يعود تاريخه إلى بداية القرن الأول، وذلك على عمق نحو 11.5 قدمًا تحت السطح. 
ويدل هذا الاكتشاف على أن موقع نوتردام كان مأهولًا قبل بناء الكاتدرائية بوقت طويل، ويعكس الطبيعة الطبقية للتاريخ الأثري في المنطقة.
وفي الساحة الأمامية للكاتدرائية، كشفت الحفريات عن أرضيات محترقة وأخشاب من مساكن قديمة تعود إلى أواخر الإمبراطورية الرومانية، وتحديدًا من الفترة بين عامي 250 و450 ميلادي. 
كما تم اكتشاف مبنى كارولينجي كبير، يعود إلى فترة حكم أسرة الكارولينجيين "750-887 ميلادي" التي أسسها الإمبراطور شارلمان، تُعد هذه الاكتشافات ذات قيمة استثنائية، حيث إنها تقدم أدلة على وجود حياة نشطة في الموقع قبل بناء الكاتدرائية في العصور الوسطى.

كشف الأسس الهيكلية للكاتدرائية

من بين الاكتشافات الأكثر أهمية، كان الكشف عن أسس الكاتدرائية للمرة الأولى، أظهرت الحفريات الكتل الهيكلية التي تدعم الأبراج الكبيرة للكاتدرائية، بالإضافة إلى أسس الأعمدة التي وفرت للمهندسين المعماريين رؤى أعمق حول كيفية بناء الكاتدرائية في الأصل، وهذه الاكتشافات ضرورية للمساعدة في إعادة البناء وفهم طرق البناء المعقدة التي استخدمها المعماريون في العصور الوسطى.


الشاشة الصليبية.. تحف نادرة تعود إلى القرن الثالث عشر

إحدى أبرز القطع المكتشفة خلال الترميم كانت أجزاء من الشاشة الصليبية، وهي هيكل معماري يعود تاريخه إلى حوالي عام 1230، وكان يفصل بين المذبح وصحن الكنيسة.
على الرغم من تدمير هذه الشاشة في القرن الثامن عشر، إلا أنه تم العثور على أكثر من ألف قطعة من منحوتاتها خلال أعمال التنقيب بعد الحريق.
ويعتبر هذا الاكتشاف استثنائيًا نظرًا لأن العديد من هذه القطع، التي تعود إلى القرن الثالث عشر، لا تزال تحمل الطلاء الأصلي وورق الذهب الذي زينها.
وتجسد منحوتات الشاشة مشاهد دينية وتصورات نباتية وبشرية بأسلوب فني مميز، مما يجعل هذه القطع من بين القلائل التي احتفظت بزخارفها الأصلية.

 

المقابر والاكتشافات البشرية


إلى جانب الاكتشافات المعمارية والفنية، عثر علماء الآثار على أكثر من 100 قبر داخل الكاتدرائية، يعود معظمها إلى رجال دين وشخصيات بارزة في المجتمع الكاثوليكي.
 وتم حفر 80 قبرًا منها، حيث تبين أن العديد من الأفراد دُفنوا في توابيت خشبية تقليدية، بينما دفن آخرون في صناديق حجرية أو حفر،  وتختلف أوضاع القبور بين توجيهها نحو الغرب، ما يشير إلى أن هؤلاء الأشخاص كانوا علمانيين، وأخرى نحو الشرق، ما يدل على أن المدفونين كانوا من رجال الدين.

ومن بين الاكتشافات اللافتة تابوتان وُجدا عند تقاطع جناح الكاتدرائية في عام 2022، أحدهما حدد على الفور بأنه يعود إلى القس أنطوان دو لا بورت بفضل نقش تذكاري، بينما لم يتم التعرف على هوية الفرد الآخر بعد.
يُعتقد أن هذا التابوت قد يحتوي على بقايا الفارس والشاعر جواكيم دو بيلي، الذي توفي في القرن السادس عشر وكان من المفترض أن يُدفن هناك، لكن لم يتم العثور على جثته في سجل الدفن في عام 1758، وذلك نقلا عن صحيفة Miami Herald.