لأكثر من 40 عاما مارس حزب الله اللبناني دوره في الحياة السياسية والمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي في لبنان، مر الحزب طوالها بمراحل متعددة منذ النشأة وحتى مقاومته للاحتلال الإسرائيلي للجنوب واستمر لما يقرب من 15 عاما، حتى إتمام الانسحاب، وقاد أطول تلك السنوات الأمين العام حسن نصر الله، الذي اغتاله الاحتلال في غارة على الضاحية الجنوبية يوم الجمعة الماضي.
تاريخ حزب الله
سبق وجود حزب الله ككيان سياسي، عمله عدة سنوات في مقاومة الاحتلال، حين انطلقت المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال الإسرائيلي للبنان، في عام 1982، حيث برزت فكرة حزب الله بين رجال الدين اللبنانيين الذين درسوا في النجف بالعراق، والذين تبنوا النموذج الذي وضعه روح الله الخميني بعد الثورة الإيرانية عام 1979، والذين قادوا مقاومة سرية ضد الاحتلال، ليخرج الحزب من رحم "حركة أمل" الشيعية اللبنانية قبل أن يتأسس الحزب رسميا في أوائل الثمانينيات.
تأسس حزب الله كتنظيم سياسي عام 1985، أي بعد ثلاث سنوات على انطلاق، حينما أعلن في 16 فبراير 1985، إبراهيم أمين السيد، الناطق الرسمي باسم حزب الله، خلال مؤتمر صحفي في حسينية الشياح ضواحي بيروت الجنوبية عن وثيقة الحزب السياسية الأولى باسم "الرسالة المفتوحة".
وتصدر الحزب عمليات المقاومة للاحتلال الإسرائيلي في 1982 والذي كان قد وصل إلى قلب العاصمة بيروت، وقاد عمليات المقاومة طوال سنوات الاحتلال، حتى أجبره على الانسحاب من الجنوب اللبناني في مايو 2000.
ودفعت التطورات المتلاحقة في لبنان، لزيادة دور الحزب في الحياة السياسية، وخاصة بعد توقيع "اتفاق الطائف" عام 1989 الذي انتهت بموجبه الحرب الأهلية، وبدأ لبنان يستعيد مؤسساته السياسية والدستورية، ليمارس الحزب نشاطه السياسي بجانب كونه ذراع عسكري للمقاومة الإسلامية، حيث شارك في أول انتخابات نيابية بعد الحرب الأهلية عام 1992، وخلالها حصل على أكبر كتلة حزبية 12 مقعدًا، ثم المشاركة في الدورة النيابية التالية التي أجريت عام 1996، كذلك شارك في انتخابات النقابات والاتحادات العمالية والطلابية والمهنية.
وبات حزب الله جزءا من تحالف 8 آذار داخل لبنان، الذي نشأ بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان في 2005، في مواجهة تحالف 14 آذار.
وتظل إدارته للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي في حرب لبنان عام 2006، علامة فارقة في تاريخه، حيث تصد للاحتلال وقاد المقاومة طوال المعركة التي استمرت 34 يوما في مناطق مختلفة من لبنان، خاصة في المناطق الجنوبية والشرقية وفي العاصمة بيروت، وفي شمالي إسرائيل، في مناطق الجليل، الكرمل ومرج ابن عامر، والتي انتهت بانتصار الحزب حيث فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها، حتى توقفت الحرب بصدور القرار 1701 الذي نص على إنهاء العمليات القتالية من كلي الجانبين وإضافة 15000 جندي لقوة «يونيفيل» لحفظ السلام مع انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى الخط الأزرق وانسحاب قوة حزب الله إلى شمالي نهر الليطاني وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب اللبناني.
وشارك حزب الله في حكومة الوحدة الوطنية في عام 2008، حيث حصل وحلفاؤه المعارضون على أحد عشر مقعدًا من ثلاثين مقعدًا، مما منحهم حق النقض، ثم في أغسطس 2008، وافقت الحكومة اللبنانية الجديدة بالإجماع على مشروع بيان سياسي اعترف بوجود حزب الله كمنظمة مسلحة ويضمن حقه في تحرير الأراضي المحتلة أو استردادها.
قاد الحزب عددا من الأمناء، كان أولهم صبحي الطفيلي، الذي شغل منصب أول أمين عام لحزب الله، لكنه ترك المنصب بعد انتهاء مدته كأمين عام في مايو 1991، ليحل محله عباس الموسوي، لكنه لم يستمر طويلا، حيث اغتيل في ضربة جوية عام 1992، شنها الاحتلال الإسرائيلي، لينتُخب بعده حسن نصر الله خلفًا له، ويستمر في المنصب منذ عام 1992، حتى اغتياله يوم الجمعة الماضي، في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية، ليعلن الحزب في بيان رسمي له السبت الماضي اغتيال حسن نصر الله ويتوعد بالرد واستمرار دعم المقاومة ضد العدوان الإسرائيلي على غزة.
وفي أول كلمة مذاعة لقادة الحزب، بعد اغتيال نصر الله، أكد نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب لله، أن حسن نصر الله كان إنسانا عظيما وبقي في الميدان الجهادي والرسالي والتعبوي منذ نعومة أظافره وحتى استشهاده لم يغادر الميدان، معلقا: فقد كان عاشق لمحمد وأل محمد.
وأضاف نائب الأمين العام لحزب لله، أن حسن نصر الله، حمل خط الإمام الخامئني وقائدا لمسيرة المقاومين المجاهدين الأحرار وكانت أولويته المطلقة فلسطين والقدس في إطار الوحدة الإسلامية والوطنية والإنسانية، مضيفا أن نصر الله كان ملهما في بيانه وصادق في علاقاته مع الناس وخطابه لهم ومحب للمجاهدين الذين قدموا ما لديهم في سبيل الله.
وأكد نعيم قاسم، أن الحزب سيواصل عملياته في الميدان بعد اغتيال نصر الله، معلقا: "مسيرة حسن نصر الله مستمرة وحزب الله مستمرة ومستمرون بهيكلة منظمة وخطط بديلة".
وأضاف أن الحزب سيختار أمينا عاما للحزب في أقرب فرصة وبحسب الآلية المعتمدة للاختيار وسنختار القيادات والمراكز بشكل ثابت، مضيفا أن الحزب بعد اغتيال نصر الله، مستمر بأهدافه وقام بقصف معاليه أدوميم وحيفا ومواقع إسرائيلية أخرى والعمليات مستمرة بالوتيرة نفسها.