الأحد 6 اكتوبر 2024

لأغراض روحية ودينية .. نقوش جدارية في أحد كهوف اليابان ترجع إلى ما قبل الميلاد

النقوش التي اكتشفت في كهف فوجوبي

ثقافة2-10-2024 | 08:42

إٍسلام علي

يقع كهف فوجوبي في بلدة الصيد الصغيرة يويتشي على جزيرة هوكايدو اليابانية ويعد موقعًا أثريًا فريدًا يحتضن أكثر من 800 نقش صخري محفور على جدرانه، مما يجعله استثنائيًا في جميع أنحاء اليابان.

تاريخ اكتشاف الكهف يعود إلى عام 1950، حين قرر شقيقان صغيران، استلهمهما من قصص النصوص القديمة المنقوشة على جدران أحد الكهوف، البحث عن هذا المكان، وبعد فترة قصيرة من الاستكشاف، عثرا على كهف فوجوبي، الذي سمي تيمناً بالقرية القريبة منه تاريخيًا، الواقعة على منحدر تلة تُعرف باسم ماروياما.

عند دخول الكهف، اكتشفا فخاريات وأدوات قديمة، لكن ما جذب انتباههما حقًا كان المئات من الرسومات المنحوتة التي تغطي الجدران الحجرية.

وبعد الإعلان عن الاكتشاف، أجرت فرق من علماء الآثار حفريات رسمية في عامي 1951 و1953، حيث اكتشفوا قطعًا أثرية تعود لفترة جومون المتأخرة "1000-500 قبل الميلاد"، مثل الفخار ورؤوس الأسهم والعظام المنحوتة، ومن أبرز الاكتشافات كانت النقوش الصخرية التي تصوّر شخصيات بشرية وحيوانات وقوارب ورموز مجردة، ولا يزال تفسيرها محل جدل.

يعتقد الخبراء أن الرسوم الكهفية تحمل أهمية شامانية أو دينية، ويرجّح أنها تعود للقرون الأخيرة قبل الميلاد بالتزامن مع ثقافة جومون، وعلى الرغم من عدم معرفة الغرض الدقيق منها، يُرجح أنها كانت جزءًا من طقوس روحية تتعلق بالخصوبة أو الصيد أو عبادة الأسلاف.

ما يجعل هذا الموقع مميزًا هو أنه يُعد واحدًا من مكانين فقط في اليابان حيث تُحفظ النقوش الصخرية في الكهوف، بينما الآخر هو كهف تيميا في مدينة أوتارو.

ويُعتبر هذا الأمر مثيرًا للاهتمام، خاصةً في ظل وفرة الرسوم والنقوش الموجودة في كهوف أوروبا وأجزاء أخرى من العالم، قد يعود الندرة الاستثنائية لهذا النوع من الفن في اليابان إلى اختفاء اللوحات القليلة التي وُجدت سابقًا، بفعل الرطوبة والتآكل، بينما تم الحفاظ على النقوش الموجودة في فوجوبي بفضل حمايتها داخل الكهف الجاف.

توجد أيضًا نظرية تشير إلى أن شعب جومون لم يكن يمارس فن الكهوف بشكل شائع، على عكس سكان ما قبل التاريخ في مناطق أخرى، مما يجعل لوحات فوجوبي استثناءً محتملاً، ربما نتيجة لتأثيرات خارجية وصلت عن طريق البحر من القارة الآسيوية.

في الواقع، يلاحظ علماء الآثار أوجه تشابه بين النقوش الصخرية وفنون ثقافة آمور، التي كانت موجودة في الأراضي الروسية الحالية، مما يشير إلى وجود تبادلات أو هجرات بين هذه المناطق في العصور القديمة.

يُعتبر الكهف صغيرًا، حيث لا يتجاوز عرضه 5 أمتار وعمقه 6 أمتار وارتفاعه الأقصى 7 أمتار، ومع ذلك، يحتوي على طبقة أثرية سميكة تصل إلى عمق 7 أمتار، حيث وُجدت أدوات حجرية وعظمية وقرون، بالإضافة إلى أصداف وعظام عرافة، مما يدل على استخدامه المستمر على مر الزمن.

يعتقد بعض الباحثين أن النقوش في كهف فوجوبي، مثل تلك الموجودة في تيميا بمدينة أوتارو في اليابان ، تُعتبر جزءًا من نظام كتابة قديم يُسمى أحرف هوكايدو، التي تم اكتشافها في الجزيرة عام 1886.

 وادعت جمعية الاستكشاف اليابانية أن النقوش الموجودة على الجدار الشمالي للكهف يمكن قراءتها على أنها "iishishirai" هنا تعيش حيوانات صالحة للأكل وkawasakanahakitsuهنا تأتي أسماك المياه العذبة.

ويذكر أنه تم إعلان كهف فوجوبي كنزًا وطنيًا في عام 1953، لكن شهرته تجاوزت حدود اليابان، حيث تثير النقوش أسئلة مثيرة حول الروابط بين الثقافات المبكرة في اليابان وبقية آسيا.

يحتفظ هذا الكهف الصغير بكنز أثري لا يُقدّر بثمن، وقد لا يزال يحمل مفاجآت جديدة للباحثين، منذ عام 1972، تُعرض النقوش في موقعها، محفوظة خلف زجاج داخل هيكل صغير يسمح بتقديرها دون خطر التلف، مع منع التصوير، وذلك طبقا لما ذكره موقع labrujulaverde.