الأحد 6 اكتوبر 2024

إبراهيم الرفاعي..أسطورة الصاعقة وقاهر العدو

الشهيد البطل إبراهيم الرفاعي

بورتريه الهلال2-10-2024 | 12:52

بيمن خليل

 بطل من أبطال حرب أكتوبر المجيدة ،ظهرت موهبته العسكرية وحنكته القيادية منذ الصغر، كانت خطواته محفورة ببطولات قوامها الإيمان بالوطن والتضحية من أجله، وأُطلق عليه أسطورة الصاعقة المصرية، وقاهر العدو، الذي حول إيمانه بقضيته إلى أفعال جسورة غيرت مسار المعركة،  من نسف قطارات العدو إلى تدمير آبار البترول في عمق سيناء، جسّد روح المقاتل المصري الذي لا يعرف المستحيل، وأظهر معدن القائد الحقيقي، فرغم إصابته القاتلة، كانت كلماته الأخيرة حثا لرجاله على مواصلة القتال، مفضلاً الشهادة على التراجع، إنه الشهيد البطل إبراهيم الرفاعي، أحد أبطال الجيش المصري الذين قدموا ملحمة بطولية، محطمين أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، مثبتين أن العقيدة والإيمان أقوى من  السلاح.

ولد إبراهيم السيد محمد إبراهيم الرفاعي في 26 يونيو عام 1931، في قرية الخلالة التابعة مركز بلقاس بمحافظة الدقهلية، التحق بالكلية الحربية عام 1951، وبعد تخرجه عام 1954، انضم إلى سلاح المشاة ليكون ضمن أول فرقة لقوات الصاعقة المصرية في منطقة أبو عجيلة، خلال فترة تدريبه، لفت الأنظار بشجاعته وجرأته الاستثنائية.

تولّى الرفاعي منصب مدرِّس في مدرسة الصاعقة، وساهم في تأسيس أول قوة للصاعقة المصرية، وعندما وقع العدوان الثلاثي على مصر 1956، شارك بفعالية في الدفاع عن مدينة بورسعيد، شكلت هذه المعارك منعطفًا مهمًا في حياته المهنية، إذ أدرك أهمية العمليات خلف خطوط العدو.

سعيًا وراء تطوير مهاراته، التحق الرفاعي بفرقة المظلات، ثم انتقل لقيادة وحدات الصاعقة كرئيس للعمليات، زادت حرب اليمن من خبراته ومهاراته القتالية، حيث تولى قيادة كتيبة صاعقة، وفي عام 1965، نال ترقية استثنائية تقديرًا لإنجازاته في الميدان اليمني.

عقب نكسة 1967، كُلف الرفاعي بقيادة مجموعة من الفدائيين لتنفيذ عمليات خاصة في سيناء، نجحت المجموعة في تنفيذ عمليتين بارزتين: نسف قطار للعدو قرب الشيخ زويد، وتدمير مخازن الذخيرة المتروكة، نتيجة لهذا النجاح، تلقى الرفاعي خطاب شكر من وزير الحربية تقديرًا لجهوده القيادية المتميزة.

حرب أكتوبر 73

مع ارتفاع تكبيرات النصر عقب نجاح الضربة الجوية الأولى، قاد البطل إبراهيم الرفاعي كتيبة الصاعقة في ثلاث طائرات هليكوبتر، كانت مهمتهم تدمير آبار البترول في منطقة بلاعيم شرق القناة، لحرمان العدو من موارد حيوية، نجح الرفاعي ورجاله في تنفيذ المهمة بدقة، لتتبعها سلسلة من العمليات الناجحة ضد مواقع العدو الإسرائيلي في شرم الشيخ ورأس محمد.

امتد نجاح المجموعة ليشمل الهجوم على مطار الطور، حيث دمروا عددًا من الطائرات الرابضة فيه، أربكت هذه الضربات السريعة والدقيقة القيادة الإسرائيلية، مُظهرةً براعة رجال الصاعقة المصرية، في 18 أكتوبر، كُلفت مجموعة الرفاعي بمهمة جديدة: اختراق مواقع العدو غرب القناة والوصول إلى منطقة الدفرسوار لتدمير معبر أقامه العدو لعبور قواته.

فجر 19 أكتوبر، وصلت القوات إلى هدفها، لكن سرعان ما تغيرت الأوامر، أصبحت المهمة الجديدة هي تدمير قوات العدو ومدرعاته ومنعها من التقدم نحو طريق الإسماعيلية – القاهرة، تحرك الرفاعي بقواته إلى منطقة نفيشة ثم جسر المحسمة، حيث قسم قواته إلى ثلاث مجموعات: احتلت مجموعتان إحدى التلال، بينما كُلفت الثالثة بنصب كمائن على امتداد الطريق من جسر المحسمة إلى قرية نفيشة، لتأمين الجانب الدفاعي لمواقعهم الجديدة.

نجحت القوات في إمطار مدرعات العدو بقذائف آر بي جي، موقفةً تقدمهم، أمر الرفاعي رجاله بمطاردة المدرعات المتراجعة لتكبيد العدو أكبر الخسائر، وسط القتال الضاري، سقطت قذائف العدو قرب موقع الرفاعي، لتصيبه إحدى الشظايا إصابة قاتلة، رغم محاولات رفاقه لإنقاذه، طلب منهم الاستمرار في القتال، ليلفظ أنفاسه الأخيرة صائمًا.

المعارك التي خاضها

خاض الرفاعي العديد من المعارك منها:  الدفاع عن مدينة بورسعيد 1956، عمليات الصاعقة في حرب اليمن، عملية نسف قطار حربي للجنود والضباط الاسرائليين في الشيخ زويد، عملية نسف مخازن الذخيرة في الشيخ زويد 1968، عملية الحصول على أحد صواريخ أرض - أرض الإسرائيلية الحديثة 1968، عملية احتلال موقع المعدية رقم 6 في مارس 1968 الذي أطلقت منه القذائف التي كانت سبباً في استشهاد الفريق رياض، عملية تدمير آبار بترول بلاعيم في 6 أكتوبر 1973، عملية ضرب مواقع العدو الإسرائيلي في شرم الشيخ ورأس محمد في 7 أكتوبر 1973، عملية الإغارة على مطار الطور في 7 أكتوبر 1973.

الأوسمة والشهادات

نال الرفاعي العديد من الأوسمة والشهادات، نوط الشجاعة العسكري من الطبقة الأولي 1960 – 1968، ميدالية الترقية الاستثنائية 1965، وسام النجمة العسكرية 1968- 1969 – 1969، نوط الواجب العسكري 1971، وسام نجمة الشرف 1971، وسام نجمة سيناء 1974، وسام الشجاعة الليبي 1974 (سلم لأسرته)، سيف الشرف يوليو 1979 (سلم لأسرته)

استشهاده

استشهد الرفاعي يوم الجمعة 19 أكتوبر 1973، الموافق 27 رمضان، يروي رفاقه: "كان - رحمه الله - يحثنا على الإفطار بينما يواصل صيامه، عندما استلمنا جثمانه بعد ثلاثة أيام، ذهلنا لبقاء جسده دافئًا، تفوح منه رائحة المسك، رحمه الله رحمة واسعة".