أظهر الفنان فان جوخ فهمًا غير مألوف لقوانين الفيزياء والطبيعة حتى إن لم يكن يعرفها تمام المعرفة وذلك في لوحته الشهيرة "الليلة المرصعة بالنجوم".

لوحة فان جوخ وقوانين الطبيعة

تجاوزت اللوحة الجوانب الجمالية المعتادة لتغوص في تعقيدات علم الفيزياء، اللوحة المعروفة بالألوان القوية، تُعد إحدى الأعمال الفنية الأكثر شهرة في العالم، حيث تمنح السماء الليلية حركة وحيوية غير تقليدية، وكأنها تنبض بالحياة، إلا أن ما يجعلها أكثر إثارة للاهتمام ليس فقط جمالها الفني، بل أيضًا توافقها مع قوانين علمية دقيقة.

قوانين الفيزياء

فقد أظهرت الدراسات أن تلك الحركات الدوامية التي رسمها فان جوخ في سمائه الليلية تتوافق بشكل كبير مع "قانون كولموغوروف"، وهو نظرية رياضية تهتم بالاضطرابات والتدفق المضطرب.

لوحة توثق ما يحدث في الطبيعة

وتعد ظاهرة تحدث بشكل طبيعي في الغلاف الجوي والمحيطات، ورغم أن عين الإنسان قد لا ترى دوامات متحركة كما هي في اللوحة، إلا أن حركة الغيوم في العمل الفني تحاكي هذا القانون الفيزيائي بشكل مثير للدهشة.

يشير قانون كولموغوروف إلى أن الطاقة تتحرك بشكل غير متساوٍ عبر مستويات مختلفة من الاضطرابات، مما ينتج أنماطًا من الحركة مشابهة لتلك التي رسمها فان جوخ، هذا يعكس عبقرية الفنان في ترجمة ظواهر الطبيعة المعقدة إلى عناصر مرئية يمكن للعين أن تراها وتحس بها.

مقياس باتشيلور في لوحة فان جوخ

وتتمثل أحد الظواهر الطبيعية الأخرى والتي تظهر في اللوحة هي قانون "مقياس باتشيلور"، وهو مفهوم آخر يتعلق بالاضطرابات صغيرة النطاق التي تحدث في الغلاف الجوي.

يتضح هذا المفهوم في طريقة تفاعل الألوان في اللوحة، حيث تُظهر جزيئات الصبغة في بعض مناطق العمل عملية انتشار مشابهة لتلك التي تحدث في السوائل، مما يبرز كيف تداخلت الفيزياء مع الفن في عقل هذا الفنان الفذ.

وفقًا للعالم يونج شيانج هوانج، الذي شارك في دراسة نُشرت في مجلة  Physics of Fluid، فإن هذه التفاصيل تشير إلى أن فان جوخ قد تمكن من التعبير عن قوانين الطبيعة من خلال فنه، حتى وإن لم يكن على دراية مباشرة بهذه النظريات.

استخدام القوانين الفيزيائية في الفن

من ناحية أخرى، يشير العلماء إلى أن الضربات القوية والعشوائية التي استخدمها فان جوخ في لوحاته لم تكن مجرد عنصر فني، بل كانت مرتبطة بنظريات فيزيائية حقيقية.

تمكن الباحثون عبر تحليل عالي الدقة أجراه متحف الفن الحديث (MoMA) في نيويورك باستخدام تقنيات حديثة، من فهم أعمق لضربات الفرشاة التي استخدمها فان جوخ.

ووجدوا أن الأنماط المعقدة التي رسمها تتماشى مع الحركة الطبيعية للسوائل والاضطرابات الجوية، مما يبرز مدى تأثير الفيزياء في تشكيل مشهد "الليلة المرصعة بالنجوم".

رغم أن الدراسة تركزت على لوحة واحدة، فإن العلماء أبدوا اهتمامهم بتوسيع نطاق البحث ليشمل أعمالًا أخرى لفنانين مختلفين، إذ يمكن أن تكون هناك علاقات غير مكتشفة بين الفن والعلوم في أعمال فنانين آخرين.

وعبر  هوانج، وهو أحد المشاركين في الدراسة، عن حماسه لإجراء المزيد من التحليلات العلمية للأعمال الفنية، مشيرًا إلى إمكانية تناول الموضوع بشكل أكثر منهجية في المستقبل إذا توفرت له الموارد الكافية من تمويل وطلاب.

وبالنسبة إلى الفضاء الذي خلقه فان جوخ في لوحته "الليلة المرصعة بالنجوم" ليس مجرد تعبير عن حالة نفسية مضطربة، بل هو أيضًا انعكاس للتفاعل بين الفن والعلم، وذلك طبقا لما ذكره موقع space.com