سنوات طويلة من محاولات الاحتلال الإسرائيلي غزو لبنان، على مر العقود الماضية، تحت مسميات وذرائع مختلفة هدفها الأساسي احتلال لبنان، باءت بالفشل وانتهت بالانسحاب حتى وإن استمر الاحتلال لفترة من الزمن، فيما يحاول الاحتلال الآن غزو لبنان بريا من جديد في محاولة لما أسماه "القضاء على حزب الله والمقاومة"، بعد أيام من الهجوم السيبراني والغارات الجوية التي استهدفت حزب الله وبنيته التحتية وقياداته وأسفرت عن اغتيال حسن نصر الله الأمين العام للحزب وعدد كبير من قياداته وآلاف الشهداء والمصابين من المواطنين اللبنانيين.
تاريخ الغزو الإسرائيلي للبنان
كان الغزو الإسرائيلي الأول لجنوب لبنان في عام 1978، في العملية التي عرفت حينها باسم "عملية الليطاني"، وذلك تحت زعم الرد على هجوم شنته منظمة التحرير الفلسطينية بالتسلل إلى الأراضي المحتلة وتنفيذ عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي، من بينها عملية الطريق الساحلي والتي أسفرت نعن مقتل نحو 38 إسرائيليا.
وزاد لجوء الفلسطينيين إلى لبنان بعد النكبة 1948، وأسست منظمة التحرير الفلسطينية وعدة فصائل فلسطينية نشاطها في جنوب لبنان، وهاجمت الفصائل الفلسطينية إسرائيل من لبنان، وهو ما استخدمه الاحتلال ذريعة لغزو لبنان لأول مرة في عام 1978، واستمرت الحرب حتى أصدر مجلس الأمن القرار رقم 425 والقرار رقم 426 داعياً إلى انسحاب القوّات الإسرائيلية مِن لبنان.
وبعد ذلك تشكلت قوة فصل للأُمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) لفَرض هذا القرار وإعادة السلام والسيادة إلى لبنان، حيث وَصلتْ تلك القوات إلى لبنان في 23 مارس، واتخذت مقرها في الناقورة، لكن الأمور لم تهدأ وظلت هناك أعمال متبادلة، وأنشأت إسرائيل منطقة عازلة في جنوب لبنان بقيت بها حتى عام 2000.
وأسفرت عملية الليطاني الغزو الأول عن مقتل قرابة ألفي لبناني، بينما قُتل 18 جندياً من الجانب الإسرائيلي.
1982.. الغزو الأكبر في حرب لبنان
كان عام 1982 هو الأقوى في الغزو الإسرائيلي للبنان، حيث بدأت الحرب على لبنان في عملية سلام الجليل أو عملية الصنوبر، والتي كانت أكبر عملية إسرائيلية في لبنان خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وخلالها عبر آلاف الجنود الإسرائيليين الحدود برفقة مئات الدبابات والمدرعات، بهدف القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية، بعد محاولة اغتيال سفير الاحتلال إلى المملكة المتحدة، حيث استمرت قوات الفصائل في مهاجمة إسرائيل من لبنان.
وتوغلت القوات الإسرائيلية في جبهات عدة، وتمكنت من الوصول إلى مشارف العاصمة بيروت خلال أسبوع، وارتكبت مجزرة للاجئين الفلسطينيين، ثم تراجعت بعد ذلك لتنشئ منطقة عازلة داخل لبنان، وأسفرت تلك العملية عن مقتل نحو 20 ألف شخص لبناني، معظمهم من المدنيين، أما على الجانب الإسرائيلي، قُتِل 654 جندياً، انتهت الحرب صوريا في عام 1985 إلا أن آثارها ومخلفاتها لم تنته حتى مايو من عام 2000 بإتمام الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان.
غزو جديد في 1996
في عام 1982 نجحت إسرائيل في إبعاد منظمة التحرير الفلسطينية عن لبنان لتنقل مقرها إلى تونس، لكن الحرب تزامن معها بدء ظهور حزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان، والذي استمرت مقاومته للاحتلال طوال فترة احتلاله للجنوب اللبناني، لتعيد إسرائيل الغزو مرة أخرى في أبريل 1996، عندما دخلت القوات الإسرائيلية في صدام مع حزب الله للمرة الأولى، ردًا على هجمات بالصواريخ شنها الحزب.
استمرت تلك التوغلات البرية خلال عملية لأكثر من أسبوعين، أسفرت عن مقتل نحو 250 مدنياً لبنانياً و13 مقاتلاً من حزب الله، بينما لم تتكبد إسرائيل أي خسائر.
حرب لبنان 2006
في 2006 ولنحو 34 يوما من الحرب حاول الاحتلال غزو لبنان، ردا على عمليات المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال، حيث تمكن أفراد من حزب الله من عبور الحدود ومهاجمة مركبتين عسكريتين في يوليو 2006، مما أسفر عن مقتل ثمانية جنود ورهن جنديين اثنين، فيما ردت إسرائيل بغارات جوية ونيران المدفعية على أهداف في مختلف أنحاء لبنان، وفرضت حصارا جويا وبحريا، وبدأت غزوا بريا للجنوب اللبناني.
أسفرت تلك الحرب عن مقُتل 1191 مواطنا لبنانيا كان أغلبهم من المدنيين، فيما قُتل 121 جندياً إسرائيليا، حيث استمرت الحرب نحو 34 يوما وانتهت بوقف إطلاق نار.
العدوان الإسرائيلي على لبنان
ومساء الإثنين الماضي أعلن الاحتلال الإسرائيلي بدء عملية برية باجتياح لبنان، بعد أيام قليلة من اغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله وعدد من القيادات الكبرى في الحزب، والغارات الجوية ضد أهداف تابعة لحزب الله، وبدأ التوغل البري الإسرائيلي بإسناد جوي ومدفعي استهدف عدة قرى جنوب لبنان قرب الحدود مع إسرائيل.
وتستمر الغارات الإسرائيلية على أنحاء متفرقة من لبنان والضحية الجنوبية، حيث قصفت إسرائيل بمدفعيتها بلدات شبعا والخيام وبرج الملوك وكفركلا في جنوب لبنان، اليوم الخميس، فيما تنفذ المقاومة اللبنانية عمليات استهداف ضد إسرائيل بقصف أنحاء متفرقة داخل الأراضي المحتلة.