الخميس 3 اكتوبر 2024

خيارات الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني .. خبراء يوضحون سيناريوهات التصعيد والمواقع المستهدفة

الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل

تحقيقات3-10-2024 | 14:46

أماني محمد

حالة من الترقب والقلق عالميا بشأن احتمالات الرد الإسرائيلي على الهجمات الصاروخية التي شنتها إيران ضد أهداف عسكرية إسرائيلية، مساء الثلاثاء الماضي، وسط تحذيرات دولية من توجيه ضربات إلى المنشآت النووية الإيرانية، واستمرار حالة تصعيد الصراع الإقليمي في المنطقة، في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة ولبنان.

ومساء الثلاثاء الماضي، شنت إيران هجوما صاروخيا ضد أهداف عسكرية للاحتلال، بتوجيه نحو 200 صاروخ أصابت بعضها أهداف عسكرية منها قواعد جوية ومقر للموساد في تل أبيب، فيما تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون الحد من رد إسرائيل على الهجوم، لمنع اتساع الصراع الإقليمي من الخروج عن نطاق السيطرة.

فيما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أنه بحث مع زعماء مجموعة الدول السبع الآخرين فرض لعقوبات على طهران بسبب الهجوم وتقديم المشورة لإسرائيل بشأن ردها، موضحا: "سنناقش مع الإسرائيليين ما سيفعلونه، نتفق جميعا على أن لهم الحق في الرد، لكن يجب أن يردوا بشكل متناسب"، حسب قوله.

فيما نقل وسائل إعلام إسرائيلية، أن إسرائيل تدرس عدة خيارات للرد على إيران، بما في ذلك شن هجمات على منصات إطلاق الصواريخ أو البنية التحتية للنفط، فيما دعا بعض المسؤولين الإسرائيليين إلى توجيه ضربات ضد منشآتها النووية، رغم أن شخصًا مطلعًا على الأمر قال إن هذا الأمر غير مطروح، وفقا لما نقلته واشنطن بوست، والتي نقلت أن أشخاص مطلعون على الأمر إن الولايات المتحدة وحلفاء غربيين آخرين يحثون إسرائيل بدلاً من ذلك على التركيز على الأهداف العسكرية.

وحذر مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان من أن إيران ستواجه عواقب وخيمة بسبب الضربات التي وصفها بأنها "مهزومة وغير فعالة"، مضيفًا أن الولايات المتحدة ستعمل مع إسرائيل لإثبات ذلك.

فيما نقلت تقارير إعلامية أمريكية عن المحللين قوله إن الضوء الأخضر للمضي قدمًا في الرد لا يعني شيكًا مفتوحًا، والهدف بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها هو ألا يؤدي رد إسرائيل بدوره إلى مزيد من التصعيد من جانب إيران، وخاصة أن الإدارة الأمريكية تتمسك بخفض التصعيد ومنع نوع الحرب الإقليمية الشاملة التي يمكن أن تؤدي إلى أضرار جانبية هائلة وخسائر في صفوف المدنيين في أنحاء أكبر بكثير من المنطقة.

وتثار مخاوف أمريكية من أن القرار الإسرائيلي باستهداف حقول النفط قد يؤدي إلى رد إيراني باستهداف حقول النفط التابعة للشركات الأمريكية وحلفائها في الخليج، وهو ما قد يؤثر على أسعار النفط قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية الشهر المقبل.

قال بايدن إنه لن يؤيد هجوما إسرائيليا على المواقع النووية الإيرانية، وأن رد إسرائيل على إيران يجب أن يكون "متناسبا"

احتمالات الرد الإسرائيلي على إيران

وقال اللواء محمد قشقوش، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، إن الرد الإيراني على إسرائيل يندرج تحت بند رد الفعل، فطهران لم تكن لتقل برد الفعل ذلك إلا بعد تمادي الاحتلال، باغتيال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، ومن قبله إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، فإيران تعتبر حزب الله القوى غير التقليدية والجيش غير التقليدي الأقوى في العالم وله ثقل كبير عند طهران أكبر من حركة حماس، وبالتالي كان لا بد لها من الرد.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن قوة حزب الله كبيرة، فيمتلك ما يقرب من 100 ألف مقاتل طبقا للتقديرات، وكذلك قوته من الصواريخ كبيرة، فهي تضم 25 لـ30 ألف صاروخ مصنف، تصل إلى مدى كبير ولديها قدرة على اختراق الصوت مثل الصواريخ الباليستية والكاتيوشا وغيرها، ومع ضم أنواع الصواريخ الأخرى قد تصل قدراته لـ150 ألف صاروخ من جمي الأنواع، سواء صواريخ الدبابات أو الآر بي جي وغيرها من القطع التي يطلق عليها مجازا صواريخ.

وأشار إلى أنه بالنسبة للرد الإسرائيلي على الهجوم الإيران، فمن المتوقع في رأيه ألا ترد إسرائيل على هذا الهجوم إلا إذا تبعه موقف آخر يؤدي لتصاعد الأمر، موضحا أنه وفقا لتقييم الاحتلال والذي قد يحتمل عدم الصدق، فإن نحو 180 لـ200 صاروخ أطلق من إيران لتل أبيب وهو رقم ليس بالكبير في حالة وضع قدرات الاعتراض للقبة الحديدية التي تمثل إمكانيات إسرائيل والولايات المتحدة في آن واحد.

وأكد أن هذه الصواريخ لم تصل تل أبيب كلها وتم اعتراض بعضها، وما وصل منها ضرب مناطق بها بعض القواعد وأخرى سقطت على الأراضي الفضاء، مضيفا أن التأثير القتالي الناتج عن الضربة الإيرانية على إسرائيل قد يتراوح بين قليل ومتوسط، مضيفا أن هذا يعني أن الاحتلال قد يؤجل احتمال الرد للمستقبل إذا حدث شيء أكبر من قبل طهران، وكذلك تنوي إسرائيل التنسيق مع الولايات المتحدة سواء أعلنت أو لم تعلن بشأن هذا الرد.

ولفت إلى أن الرد قد يكون كبيرا ويستهدف بعض القدرات النووية وبعض القواعد العسكرية الكبيرة حينها، لكن ما يرجح احتمال عدم حدوثه الآن هو انشغال إسرائيل بما تقوم به في لبنان، حيث يريد الاحتلال القضاء على حزب الله واقتطاع جزء من جنوب لبنان قد يتمشى مع خط نهر الليطاني، لتعتبر هذه المسافة عند احتلالها حتى إذا كان ذلك بشكل مؤقت، منطقة تقطع وصول الأسلحة الصغيرة لحزب الله إلى مناطق التجمعات والسكان الإسرائيليين في الجنوب اللبناني في الجليل.

وأشار إلى أن الأمور الدولية إذا تطورت ودخلت في حدود واتفاقات أكبر، قد تنسحب القوات الإسرائيلية إلى الخط الحدودي والخط الأزرق، لكن الاحتلال يحاول الآن إخلاء الخط الأزرق داخل الجنوب اللبناني لتأمين المستعمرات الإسرائيلية من الصواريخ والأسلحة الإيرانية لحزب الله، وكل ذلك في أعقاب اغتيال حسن نصر الله وعدد كبير من القيادات المتوسطة للحزب، والهجوم بجرائم تفجير أجهزة اللاسلكي وأجهزة البيجرز، واستخدام العنف المفرط ضد الضاحية الجنوبية وضد نحو 7 مبانٍ كان يتواجد أسفل واحد منهم مركز القيادة لحزب الله.

وشدد على أن هذه الإمكانيات ليست إمكانيات إسرائيل بل الولايات المتحدة، وهذه الأنواع من القنابل التي استخدمت في تلك العمليات واغتيال حسن نصر الله، المفرطة التدمير والخارقة للتحصينات، ويصل وزن الواحدة منها لـ950 كيلوجرام، أقل من نصفه مواد متفجرة، وهو كم ضخم من المتفجرات يمكن من اختراق الصلب والخراسانات، مشيرا إلى أن هذه القنابل موجودة منذ أيام حرب فيتنام والحرب على العراق 2003، ضد مراكز القيادة الرئيس العراقي للراحل صدام حسين.

وشدد على أن الشرق الأوسط كلما زادت دائرة العنف زاد التوتر وصعوبة وتعقيد المشكلة، فبدلا من الصراع الذي بدأ في غزة وشمالها بات الآن يطال كل غزة، وانتقل لاحتلال جنوب لبنان، وتصاعدات تطال الحوثيين في اليمن، والمقاتلين العراقيين، وكل ما يمكن وصفهم بوكلاء إيران في المنطقة، مشددا على أن كل ذلك يتزامن أيضا مع اقتراب الانتخابات الأمريكية يوم 5 نوفمبر المقبل.

وأكد أن العالم ولا إسرائيل والمنطقة قادرة في الوقت الراهن للوصول إلى حل جوهري لهذه الأزمات، قد يكون هناك بعض الحلول البسيطة الفردية، وخاصة أن جوهر الأزمة وهو الحرب على غزة والإفراج عن الرهائن لم يعد ذات أولوية الآن، مشددا على أنه يجب ألا يضيع أساس المشكلة هو حل القضية الفلسطينية بناءا على مقررات الشرعية الدولية وفقا لحل الدولتين.

سيناريوهات الرد الإسرائيلي

ويرى اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجي، أن هناك سيناريوهين للرد الإسرائيلي المحتمل على إيران، إما أن يكون ردا كلاسيكيا عاديا لا يهدف لإثارة الموقف، وهو ما طلبه الرئيس الأمريكي جو بايدن من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، حيث أخبر الأخير بضرورة عدم التصعيد في الرد لدرجة تتحول معها المنطقة إلى حرب إقليمية تضر جميع الأطراف.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن السيناريو الثاني، هو الأكثر خطورة، هو توجيه نتنياهو ضربات للمفاعلات النووية في إيران، وهو ما سيؤدي لتحول أعمال القتال في المنطقة إلى حرب إقليمية، ومنها ستبدأ طهران بالتدخل بكل قوتها النيرانية والعسكرية، ضد أهداف إسرائيلية وكذلك الأهداف الأمريكية في المنطقة.

ولفت فرج إلى أنه يصعب التكهن بأي من تلك الاحتمالات الأكثر ترجيحا، لكن بايدن نطلب من نتنياهو عدم التهور، أو استهداف الأهداف النووية الإيرانية، ومن المفترض أن يمتثل نتنياهو لمطالب جو بايدن، مشيرا إلى أن إسرائيل وواشنطن لا تتحملان عواقب اندلاع مثل تلك الحرب الإقليمية وكذلك المنطقة، لا تتحمل تبعات هذا الأمر.

وأضاف أن بؤر الصراع في المنطقة باتت متعددة تشمل غزة ولبنان وسوريا واليمن، لكن الفيصل الآن هو احتمالات الرد الإسرائيلي على إيران، وهو ما سيرسم سيناريوهات الأوضاع في المنطقة الفترة المقبلة.