بطل روى بدمائه الطاهرة تراب الوطن، وسطّر بشجاعته ملحمة من ملاحم الفداء والبطولة، ، قائدٌ خالدٌ لا يُنسى، تألق بجسارته الفائقة، وأصبح رمزًا للشجاعة والتضحية في ملحمة كبريت، اتسمت قيادته بالقوة والحكمة في سبيل الدفاع عن أرض الوطن، صنع تاريخًا مشرفًا في ذاكرة الوطن والأجيال، ووقف بصلابة في وجه التحديات، مُبدعًا في تكتيكاته العسكرية وملهمًا لجنوده، كانت بطولته تجسيدًا حيًا لمعنى الفداء والوطنية،فهو أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة أو كما أُطلق عليه "بطل ملحمة الكبريت" ، إنه الشهيد العقيد إبراهيم عبدالتواب، ذلك الفارس الذي ترجّل عن صهوة جواده ليعانق الخلود.
ولد الشهيد العقيد إبراهيم عبدالتواب في 10 مايو عام 1937 في أسيوط وتخرج في الكلية الحربية عام 1956، شارك في حرب اليمن، وفي عام 1967 عُيِّن مدرسًا في الكلية الحربية.
بدأ رحلته العسكرية مع بدايات 1955، وفى نهاية 1956 تخرج ابراهيم عبدالتوّاب في الكلية الحربية برتبة ملازم ثان وتدرج فى سلك القيادة إلى أن وصل إلى رتبة النقيب وكانت وحدته ضمن القوات المصرية التى ذهبت إلى اليمن لمساندة الثورة.
وخلال 3 سنوات وصل إلى منصب رئيس إحدى مجموعات الصاعقة، وفى هذه الفترة صدرت الأوامر بتشكيل لواء ميكانيكى مستقل خاص، يتبع القوات الخاصة، فكان إبراهيم أول من تقدم للانضمام إلى هذا اللواء إحساسًا منه بأن هذا اللواء هو أول وحدة ستحظى بشرف قتال العدو وتم تعيينه قائدًا لإحدى كتائب هذا اللواء اعتمادا على كفاءته وثقة قيادات الجيش فى شجاعته.
وفي حرب أكتوبر، كانت مهمة الكتيبة التى يقودها إبراهيم عبدالتواب هى القيام بالعمل كمفرزة برمائية تقتحم البحيرات المرة الصغرى وتتحرك شرقا على طريق الطاسة، ثم طريق الممرات لتهاجم وتستولي على المدخل الغربي لمصر وتؤمنه بقوة كتيبة عدا سرية ودفع سرية مدعمة لتأمين درب الحاج.
اهتم عبد التواب شخصيًا بتشكيل كتيبته وتجهيزها بالأفراد والمعدات اللازمة، وحرص على تأهيل ضباطه من خلال الدورات التدريبية المناسبة لمناصبهم، كما أشرف بنفسه على التدريبات التكتيكية لوحدته، ليضمن قدرة كل فرد على أداء مهامه بكفاءة عالية.
وفور انطلاق الشرارة الأولى لحرب أكتوبر 1973، اقتحم إبراهيم عبد التواب ورجاله كتيبة البحيرات المرة الصغرى حتى وصل إلى الضفة الشرقية من البحيرات دون اكتشاف العدو له وواصلت الكتيبة تقدمها وهى تقاتل العدو قتالاً ضاريًا، وتمكن من تدمير دبابتين، ثم صدرت الأوامر للمقدم إبراهيم باحتلال رأس الشاطئ وتحقيق الاتصال مع الفرقة السابعة مشاة.
وفيما بعد، صدرت الأوامر للمقدم إبراهيم، لمهاجمة نقطة شرق كبريت، والاستيلاء عليها، واتخذه قراره، باستغلال نيران المدفعية ونيران الدبابات، حيثُ يتم اقتحام نقطة كبريت لتقوم الكتيبة بعزلها وحصارها، لمنع تدخل الاحتياطي للعدو، وبالفعل تم تدمير كل الدبابات عن آخرها وقتل معظم أفرادها وأسر الباقي.
ورغم الهجمات المضادة، أحاط عبد التوّاب جنوده، ورفض تركهم، حتى جاءت إحدى الغارات، وسقطت دانة بالقرب منه، فاستشهد بين رجاله، وهو يُردد: «إياكم والتفريط في الموقع فيه شرف مصر وكرامة جيشها مُعلق بنصركم».
ونجحت كتيبته في السيطرة على نقطة كبريت الاستراتيجية بعد اختراق دفاعاتها، ونظرًا لأهمية هذا الموقع الذي يتحكم في الحركة بين السويس والإسماعيلية، كثف العدو هجماته المضادة على الكتيبة 603، وفرض عليها حصارًا استمر 134 يومًا.
غير أن جنود الكتيبة ظلوا متمسكين بتعليمات ووصية العقيد عبد التواب، وأكدوا عزمهم على عدم التراجع ولو خطوة واحدة عن المواقع التي تقدموا إليها، وصمدوا في وجه انقطاع الإمدادات، وتقاسموا ما تبقى من طعام شحيح، ولمواجهة العطش، كما لجأوا إلى تقطير مياه القناة المالحة لتصبح صالحة للشرب.
وفي 14 يناير 1974، خلال إحدى الهجمات العنيفة التي شنها العدو، استشهد العقيد إبراهيم عبد التواب، كان استشهاده قبل أربعة أيام فقط من توقيع اتفاقية فصل القوات، التي أنهت الحصار المفروض على السويس ومنطقة كبريت.
كان ختام مسيرة هذا البطل مشرفًا في قيادته للكتيبة 603 مشاة أسطول خلال حرب أكتوبر 1973، حيث أظهر شجاعة فائقة في الدفاع عن الأرض المستردة رغم الظروف الصعبة.