في إطار احتفالنا بذكرى نصر أكتوبر العظيم، تلك الملحمة التاريخية التي أعادت للمصريين كرامتهم وعزتهم، وأثبتت قدرتهم على النضال والشجاعة والتضحية، لا يمكن أن نغفل دور المرأة المصرية في الانضمام لصناعة النصر وتاريخها الحافل بالنضال، فقد قامت بأدوار بطولية بداية من كونها أم البطل وزوجة الشهيد، وكانت مثال للمثابرة، والصبر والتحمل.
وفي السطور التالية نلقي الضوء على بعض النماذج النسائية التي كانت لها دور في نصر أكتوبر العظيم، وإليك التفاصيل:
هي السيدة النوبية فردوس فرحات، تركها زوجها بمفردها هي وابنها الوحيد "صبحي الشيخ"، لتتحمل هي مسئولية تربيته ورعايته، حتى أصبح طيارًا مقاتلًا متطوعا في الجيش المصري، وشارك في حرب أكتوبر ونجح في اسقاط طائرتين من طراز ميراج، وشعر بالفخر وازداد حماس المقاتلين المنتصرين فاقتحم دشمة رباعية لطائرات العدو، بعد أن شاهد طائرات العدو تستعد للصعود، ثم استشهد ودفع حياته ثمن للدفاع عن الوطن، وسميت تلك الضربة بـ" ضربة السيطرة 6 أكتوبر 73"، وكان رد فعل أم البطل عن استشهاد ابنها الوحيد مدهش واستغربه الجميع، حيث قالت إن الله أكرم ابنها بالشهادة، وكرمت فردوس فرحات، حيث وقف القائد الأعلى للقوات المسلحة حين إذ، يرفع أمامها يده بالتحية العسكرية، وأطلق على ولدها "صبحى الشيخ" واحدا من أصحاب القدرات المدهشة أثناء الحرب وحماة مصر.
امرأة مصرية من محافظة السويس، حاولت خلال فترة حرب الاستنزاف أن تقدم أي شيء لخدمة ومساندة جنودنا الأبطال، ولكنها لم تكن تملك سوى 10 دجاجات، فقامت بذبحها لرجال المقاومة، وكانت تعمل قدر استطاعتها رغم القصف الشديد في مدن القناة، على نقل الذخيرة وتضميد جراح الجنود والمصابين.
- شيخة المجاهدين البدوية "السيدة فرحانة"
لقبت بشيخة المجاهدين، حيث كانت من أشهر المجاهدات في قبيلة الريشات بشمال سيناء، وقضت معظم سنوات عمرها في النضال والمقاومة ضد العدو الاسرائيلي، فعندما قامت حرب 1976 غادرت فرحانة بيتها بأبنائها الثلاثة التي قررت تربيتهم بمفردها بعد انفصالها عن زوجها، وسافرت الي القاهرة واستقرت في حي امبابة، وقررت أن تشارك رجال القوات المسلحة في المعركة، فتطوعت بمنظمة “سيناء العربية” التي أسسها جهاز المخابرات.
وهناك تدربت علي حمل القنابل، وطرق تفجيرها وإشعال الفتيل وتفجير الديناميت ونقل الرسائل والأوامر من القيادة إلى رجال المنظمة في سيناء، وبالرغم من الإجراءات الأمنية المشددة التي كان يقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي من تفتيش في سيناء في ذلك الوقت، إلا أن هذا لم يجعلها تتراجع عن استكمال دورها البطولي، واستغلت عملها كبائعة أقمشة لتسهيل حركة انتقالها من القاهرة لسيناء.
ونجحت في تنفيذ عملية تفجير قطار في العريش، فقد قامت بزرع قنبلة قبل لحظات من قدوم القطار الذي كان محملاً ببضائع لخدمة جيش الاحتلال وبعض الأسلحة وعدد من الجنود الإسرائيليين، وفي دقائق معدودة كان القطار متفجراً بالكامل، ليعد ذلك اول عمل بطولي لها، ثم توالت العمليات بعد ذلك، وكانت تترقب سيارات الجنود الإسرائيليين التي كانت منتشرة في صحراء سيناء وقبل قدوم السيارة تشعل فتيل القنبلة لتتحول في لحظات إلي قطع متناثرة ومحترقة متفرقة.
ومن أكبر العمليات الاستخبارية التي قدمتها شيخة المجاهدين في سيناء هي الحصول على خريطة المطار الذى خطط العدو الإسرائيلي لبنائه وصورت وثائق لمعسكراتهم بمنطقة ياميت، وتم تكريمها من الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ومنحها نوط الامتياز من الطبقة الأولى لدورها الكبير فى مساندة القوات المسلحة أثناء حرب أكتوبر 1973.
وهي من المجاهدات في سيناء، حيث شاركت مع زوجها الكثير من العمليات الفدائية ضد العدو الاسرائيلي، فكان يحمل معها الرسائل والمفرقعات ويعبرون بها قناة السويس بقوارب بسيطة، حتى يصلوا إلى سيناء لتسليمها للمجاهدين هناك،واستخدامها في العمليات الفدائية، وعملت على توصيل الرسائل من رجال المخابرات في القاهرة إلى القيادات في سيناء، ونجحت مع زوجها وشقيقها في زرع عدد من الألغام في طريق الجورة، ما أدى لتفجير سيارة الدورية الإسرائيلية، وتحولها في قائق لحطام، وتم القبض على شقيقها وزوجها من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي، واحتجزوهما في إحدى الوحدات العسكرية لمدة شهرين وأذاقوهما أبشع أنواع العذاب لكنهم لم يعترفا بشيء.
تعد السيدة فهيمة أول امرأة في سيناء، يتم تجنيدها من قبل المخابرات الحربية، لرصد المواقع الإسرائيلية على الضفة الغربية وخط “بارليف”، ومعرفة نوع السلاح وعدد القوات هناك، ونجحت فيما بعد بتقديم الكثير من المساعدات للجنود في ساحة المعركة.
كانت تقيم بمدينة فايد التابعة لمحافظة الإسماعيلية، وعملت لصالح المخابرات، وكانت تقوم بالتجسس على أخبار قوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث كلفها أحد الضباط بأن تذهب إلى مكان تمركز آليات العدو الإسرائيلي لتختبئ بين الأشجار الكثيفة في منطقتي فايد وسرابيوم ومراقبتهم عن قرب، قبل أن يضع خطته للهجوم عليه، لتعد تلك المرأة القوية جزء من خطة الاستطلاع، وتوجهت إلى أداء المهمة ولكن ليس بمفردها بل تحمل طفلها الصغير فوق كتفها لتنفيذ المهمة وتمويه جنود الاحتلال، لكي لا يشك فيها أحد، ولم تكتف بذلك بل طلبت قنابل أو أي سلاح يساعدها في تدمير دبابات العدو.