سجلت حرب أكتوبر مشاهد لا تنسى من الوجدان المصري، ومن أبرزها صورة رفع العلم على أرض سيناء بعد عبور قناة السويس، في السادس من أكتوبر 1973، تلك الصورة الخالدة والعلامة المميزة للانتصار المجيد للجيش المصري في حرب أكتوبر 1973، والتي كان بطلها محمد العباسي، أول من رفع العلم على سيناء على أول نقطة حصينة بخط بارليف بعد العبور.

 

صورة رافع العلم

كان محمد عبد السلام العباسي، الشهير بـ"محمد أفندي العباسي"، أحد أبطال حرب أكتوبر 1973، وهو رافع العلم المصري على خط بارليف بعد عبوره، وهو ابن محافظة الشرقية،  ولد في فبراير من عام 1947، ويعتز بدوره في ملحمة أكتوبر المجيدة، حيث كان يقضي فترة جيشه قبل الحرب بنحو 10 سنوات بعد أن بدأ فترة تجنيده، بدءًا من الأول من يونيو من عام 1967، حيث كان جنديًا في سلاح المشاة، بكتيبة في الإسماعيلية في الضفة الغربية لقناة السويس، وبعدها انتقل إلى قناة السويس.

​​وعن ذكرياته عن اللحظات قبل العبور، يوضح أنه في صباح يوم السادس من أكتوبر تم توزيع الطعام على الجنود، وأنه كان لديه شعورًا بالخوف ممزوجًا بالرغبة في القتال، وكتب العباسي وصيته ووضعها في جيبه، وأوصى أحد رفاقه بأن يسلمها لأهله في حال وفاته.

فكانت ملحمة العبور ولحظته، لحظة فارقة في حياة العباسي،  كان في طليعة جنود المشاة الذين عبروا القناة نحو دشمة حصينة بخط بارليف ولم يهتم بالألغام والأسلاك، عندما حانت ساعة الصفر (الثانية ظهر يوم السادس من أكتوبر1973)، ويقول عن هذه اللحظة في حوار تلفزيوني سابق له "كنا نحمل أرواحنا على أكتافنا"، وعندما حانت ساعة الصفر، عبر الجنود حتى وصلوا إلى دشمة حصينة في خط بارليف، وصعد العباسي فوقها وسط الأسلاك الشائكة، ولم يكن قد تم تأمين المكان بعد، وهو ما كان يمكن معه أن يتعرض لإطلاق نار.

وبعد عبور الجنود المصريون عبر القناة، كان العباسي منهم، وتبادل تعبيرات الفرحة مع قائد كتيبته، حيث قال له "مبروك يا ناجى"، فرد عليه قائلًا: "مبروك يا عباسى وارفع علم مصر يابطل"، وبالفعل أنزل العباسي العم الإسرائيلي ورفع العلم المصري فوق أول نقطة مصرية تم تحريرها، مرددًا نداء الله أكبر.

بعد حرب أكتوبر كرمه الرئيس الراحل أنور السادات، حيث شارك في طابور العرض العسكري مع السادات

توفي العباسي في يوليو 2019، عن عمر ناهز 72 عاما، وشيعه أهالي الشرقية، في جنازة مهيبة، في قريته القرين.