تُعد الثقوب السوداء الهائلة من أكثر الأجسام إثارة للإعجاب في الكون، حيث يمكن أن تصل كتلتها إلى مليار مرة أكبر من كتلة الشمس.

تم اكتشاف هذه الثقوب السوداء في مراكز المجرات، والمعروفة بالكوازارات، منذ أن كان عمر الكون أقل من مليار عام، وتعد الكوازارات أجسام سماوية شديدة الإضاءة تُعتبر من بين أكثر الأجرام طاقة في الكون، الكلمة "كوازار" هي اختصار لـ "مصدر راديوي شبه نجمي، وقد تم اكتشافها في منتصف القرن العشرين، وتُعد الكوازارات نوعًا من الثقوب السوداء الهائلة التي توجد في مراكز المجرات.

تنبعث الطاقة الهائلة من الكوازارات نتيجة لعملية التراكم، حيث تسحب الثقوب السوداء المادة المحيطة بها، مثل الغاز والغبار والنجوم، وتقوم بابتلاعها.

أثناء هذه العملية، تنبعث كميات كبيرة من الإشعاع على شكل موجات كهرومغناطيسية، تشمل الأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية والضوء المرئي.

 

تُعتبر الكوازارات مصادر إشعاعية قوية، وتُظهر سطوعًا شديدًا لدرجة أنها يمكن رؤيتها على مسافات بعيدة جدًا من الأرض، مما يجعلها أداة هامة لدراسة الكون المبكر.

وتشير دراسة جديدة نُشرت في مجلة Astrophysical Journal Letters إلى أن هناك عددًا أكبر بكثير من الثقوب السوداء في الكون المبكر مقارنة بالتقديرات السابقة، مما يساعد في فهم كيفية تشكلها ولماذا بعضها أضخم مما كان متوقعًا.

 

نمو الثقوب السوداء عبر التراكم

تنمو الثقوب السوداء عن طريق تراكم المادة المحيطة بها كما سبق وأشرنا، حيث ينتج عن هذه العملية كميات هائلة من الإشعاع، ويشكل هذا الإشعاع ضغطًا يفرض حدًا على سرعة نمو الثقوب السوداء، ومع ذلك، تمكنت بعض الثقوب السوداء الهائلة من النمو بوتيرة أسرع مما هو ممكن جسديًا، مما يشير إلى أنها ربما تشكلت بأحجام كبيرة أو أنها نمت بشكل غير عادي.

 

تكوّن الثقوب السوداء.. البذور الخفيفة والبذور الثقيلة

هناك عدة نظريات حول كيفية تشكل الثقوب السوداء، قد تكون الثقوب السوداء البدائية قد تكونت بعد فترة قصيرة من الانفجار العظيم، ولكن من الصعب تفسير كيفية تشكل الثقوب السوداء الهائلة بهذه السرعة، من المحتمل أن بعضها تشكل من "بذور نجمية" ذات كتلة صغيرة، ثم نمت بسرعة داخل تجمعات نجمية كثيفة، أو أنها قد تشكلت من "بذور ثقيلة" نتيجة لانهيار مباشر لسحب الغاز التي تكونت تحت تأثير المادة المظلمة.

 

عدد الثقوب السوداء في الكون المبكر

كان العثور على الثقوب السوداء في المجرات المبكرة تحديًا كبيرًا، وعلى الرغم من أننا كنا نعلم بوجود الكوازارات المضيئة، إلا أن العدد الحقيقي للثقوب السوداء كان غير معروف، فمن خلال مراقبة بعض المجرات الأولى، اكتشف العلماء أن عدد الثقوب السوداء في الكون المبكر أكبر بكثير مما كان يعتقد في البداية.

 

الطرق المستقبلية لدراسة الثقوب السوداء

تشير الأبحاث الحديثة إلى أن عملية تشكل الثقوب السوداء في الكون المبكر قد تكون أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد، وتعمل المراصد الفضائية الجديدة، مثل تلسكوب جيمس ويب وتلسكوب نانسي جريس رومان الفضائي، على تقديم رؤى جديدة حول أعداد وتوزيع هذه الثقوب السوداء. بفضل التقنيات الحديثة، قد نتمكن قريبًا من رصد تشكل الثقوب السوداء مباشرة في الكون المبكر، مما سيفتح أفقًا جديدًا لفهم هذا الظاهرة الكونية المثيرة، وذلك طبقا لما ذكره موقع theconversation.