الإثنين 7 اكتوبر 2024

اكتشاف أقدم الميكروبات الحية داخل الصخور.. دليل على حياة قديمة

الميكروبات الحية _ صورة توضيحية

ثقافة7-10-2024 | 19:21

إسلام علي

عثر العلماء على ميكروبات تعيش داخل صخرة عمرها ملياري سنة يُعد واحدًا من الاكتشافات الأكثر إثارة في مجال علم الأحياء الدقيقة وعلم الجيولوجيا.

جاء هذا الاكتشاف من أعماق الأرض في مجمع بوشفيلد الناري في جنوب إفريقيا لا يعطينا فقط لمحة عن الحياة المبكرة على كوكبنا، ولكنه يفتح أيضًا آفاقًا جديدة في البحث عن الحياة على الكواكب الأخرى مثل المريخ.

ما هو مجمع بوشفيلد الناري

يعد مجمع بوشفيلد الناري هو تكوين جيولوجي هائل يمتد عبر شمال شرق جنوب إفريقيا، ويغطي مساحة تقارب 66,000 كيلومتر مربع، ما يعادل تقريبًا مساحة أيرلندا.

تكوّن هذا المجمع منذ مليارات السنين عندما بردت الصهارة ببطء تحت سطح الأرض، مما أدى إلى تكوين صخور غنية بالمعادن الخام، هذه الصخور تعتبر من أغنى مصادر البلاتين في العالم، حيث يُستخرج منها حوالي 70% من إجمالي البلاتين المستخدم عالميًا.

تكمن أهمية هذا المجمع في أنه قد وفر بيئة مستقرة وصالحة لوجود حياة ميكروبية على مدى فترات زمنية طويلة، مما يجعل منه موقعًا مثاليًا لدراسة التطور الميكروبي المبكر.

كيفية الحفاظ على الميكروبات داخل الصخور

وتعتبر الميزة التي تجعل هذه الميكروبات قادرة على البقاء على قيد الحياة داخل الصخور لفترات زمنية تصل إلى ملياري سنة، تعود إلى الطبيعة المغلقة والمحكمة للشقوق التي توجد فيها.

تحتوي الصخور على هذه الميكروبات التي تتكون من شقوق ضيقة مسدودة بالطين، مما يجعلها محمية تمامًا من العوامل الخارجية والتلوث.

يعتبر هذا النوع من العزل مثاليًا للحفاظ على الحياة الميكروبية، حيث يمنع دخول الأكسجين أو الملوثات ويتيح للميكروبات البقاء في حالة ثابتة.

استخدام تقنيات متقدمة لضمان أصالة الميكروبات

في هذه الدراسة، استخدم الباحثون مجموعة من التقنيات المتقدمة لضمان أن الميكروبات التي عُثر عليها لم تكن ناتجة عن التلوث أثناء الحفر أو الفحص، فمن خلال استخدام التحليل الطيفي بالأشعة تحت الحمراء والمجهر الفلوري والمجهر الإلكتروني، تم تحليل البروتينات والحمض النووي الخاص بالميكروبات.

إحدى هذه التقنيات هي صبغ الحمض النووي للميكروبات، حيث يتم استخدام صبغة فلورية لتحديد الخلايا الحية والتأكد من أن هذه الكائنات الدقيقة هي بالفعل أصلية للصخرة ولم تأتِ من تلوث أثناء التحليل.

التحليل الطيفي بالأشعة تحت الحمراء

يعد التحليل الطيفي بالأشعة تحت الحمراء هو تقنية تستخدم لدراسة المركبات الكيميائية من خلال امتصاصها للأشعة تحت الحمراء، وتعمل هذه التقنية على توجيه إشعاع بالأشعة تحت الحمراء إلى عينة معينة، وعندها تمتص جزيئات العينة بعضًا من هذه الأشعة وتهتز بنمط معين يعكس الروابط الكيميائية بين الذرات، ويتم تسجيل الأطياف الناتجة عن هذا الامتصاص، وتظهر على هيئة منحنى يمثل الإشعاع الممتص مقابل الطول الموجي.

المجهر الفلوري

ويعتبر المجهر الفلوري هو نوع من المجاهر الضوئية التي تستخدم ظاهرة الفلورة لدراسة العينات. يعتمد هذا النوع من المجاهر على استخدام صبغات فلورية، وهي مواد تصدر ضوءًا عند تعرضها لأشعة معينة (غالبًا ضوء فوق البنفسجي أو الأزرق).

عند تسليط الضوء على العينة المدمجة بالصبغة الفلورية، تمتص الصبغة الضوء وتعيد إصداره بأطوال موجية أطول، مما يسمح بتكوين صورة واضحة للأجزاء المحددة من العينة.

المجهر الإلكتروني

تتميز تقنية المجهر الإلكتروني بتصوير متقدمة تستخدم حزمة من الإلكترونات بدلًا من الضوء لرؤية التفاصيل الدقيقة للعينة، ويعتمد على حقيقة أن الإلكترونات لها طول موجي قصير جدًا مقارنة بالضوء المرئي، مما يسمح بتكبير الصور بدرجة عالية جدًا تصل إلى مئات الآلاف من المرات.

الحياة بطيئة الوتيرة.. سر البقاء على قيد الحياة

يبدو أن الميكروبات التي وُجدت في الصخور القديمة تعيش حياة بطيئة جدًا، فبينما تتكاثر الكائنات الحية على سطح الأرض بوتيرة سريعة، فإن هذه الميكروبات تعيش ببطء وتستهلك الطاقة بكميات ضئيلة جدًا، فهذا النمط من الحياة قد يساعد الميكروبات على البقاء لفترات زمنية تمتد إلى ملايين السنين، ويمنحنا نافذة فريدة لننظر من خلالها إلى الماضي البعيد لكوكبنا.

ماذا يخبرنا هذا الاكتشاف عن الحياة على المريخ

إن وجود ميكروبات تعيش داخل الصخور القديمة على الأرض قد يكون دليلاً على إمكانية وجود حياة ميكروبية مشابهة على كواكب أخرى، مثل المريخ.

في الوقت الحالي، تعمل وكالة ناسا من خلال مركبتها المستكشفة "بيرسيفيرانس" على جمع عينات صخرية من المريخ قد تكون مشابهة لتلك التي وُجدت على الأرض، ويغتقد الباحثون أن المريخ قد يحتوي على بيئات مماثلة لمجمع بوشفيلد، خاصة في الأماكن التي توجد فيها رواسب صخرية قديمة.

وقال يوهي سوزوكي، المؤلف الرئيسي للدراسة وأستاذ مساعد في جامعة طوكيو: إن العثور على ميكروبات حية في صخور تعود إلى ملياري سنة يجعلنا نؤمن بإمكانية العثور على حياة مماثلة في أماكن أخرى في النظام الشمسي، مثل المريخ"، إن القدرة على تأكيد أصالة هذه الميكروبات تُعطي الباحثين الثقة في أن عينات الصخور التي سيتم جمعها من المريخ قد تحمل علامات على وجود حياة قديمة.

ما الذي يجعل هذا الاكتشاف مميزًا؟

يعد هذا الاكتشاف هو أقدم دليل على وجود ميكروبات حية داخل الصخور القديمة، وهو أمر لم يكن العلماء يتوقعونه في البداية، ومعظم الأبحاث السابقة ركزت على عينات أصغر عمرًا بكثير.

فهم أعمق للتطور البيولوجي

بدراسة الحمض النووي لهذه الميكروبات، يمكن للعلماء فهم كيفية تطور الحياة على الأرض في مراحلها الأولى، فهذه الكائنات الحية توفر نافذة للتعمق في تاريخ الحياة على الأرض وكيف كانت البيئة قبل مليارات السنين.

إمكانية البحث عن الحياة خارج الأرض

إذا كانت الميكروبات قادرة على البقاء في أعماق الصخور القديمة على الأرض، فهناك احتمال أن نجد حياة مشابهة على كواكب أخرى تحتوي على ظروف جيولوجية مماثلة، يشير هذا الاكتشاف إلى أن الحياة قد تكون أكثر شيوعًا في الكون مما نعتقد، وذلك طبقا لما نشرته sciencedaily.