الأحد 20 اكتوبر 2024

مذكرات جرجي زيدان| الفصل الخامس «كتاب سر النجاح» (6-3)

جرجي زيدان

ثقافة20-10-2024 | 14:14

بيمن خليل

بمناسبة الذكرى الـ110 لرحيل عملاق الأدب والفكر العربي، جرجي زيدان، تقوم "بوابة دار الهلال" بإعادة نشر مذكراته الشخصية، هذه المذكرات القيّمة، التي خطها زيدان بقلمه، سبق أن نشرتها مجلة الهلال على سبعة أجزاء متتالية في أعدادها الشهرية، بدأ نشرها في الأول من فبراير 1954، واستمر حتى الأول من سبتمبر من العام نفسه، مما يتيح الآن فرصة جديدة للقراء للاطلاع على هذه الوثيقة التاريخية الهامة في سيرة أحد أبرز رواد النهضة العربية.

هذا هو الفصل الخامس من هذه المذكرات القيمة، وهي كما يرى القارئ درس لشباب الجيل في العصامية، وقد وقف مؤسس الهلال في الفصل الرابع عند أمنيته وهو صغير في أن يصبح من أهل العلم، وفي هذا الفصل يروي كيف تحققت له هذه الأمنية.

الفصل الخامس: كتاب سر النجاح

وكان لشريك والدي ابن اسمه (جرجي) مثلي وقد تعارفنا وتعاشرنا منذ الصغر، فاقترح والده أن يشركه معي في إدارة مطعم جديد تحت الفندق الذي افتتحه هو ووالدي، وذلك لاعتقاده أني أكثر من ابنه رزانة واجتهادا في العمل وحرصا على الاستقامة والسيرة الحسنة، ففي اشراكه معي في هذا العمل ما يجعله يقتدي بي ويكتسب هذه الصفات

ولم يسعني أن أرفض ذلك العرض، فافتتحنا ذلك المطعم، في قبو كبير تحت الفندق، على أن فكرة دراسة الطب لم تفارق ذهني بعد ذلك: إذ كثر أصدقائي من طلبة الطب، وكثر ترددهم على المطعم الجديد الذي أعمل فيه مستقلا عن والدي، فكان هذا يزيدني رغبة في أن أنفذ فكرتي وانتظم في سلكهم. فأخذت أفكر في وسيلة لتنفيذ مشروعي، ولم يقعدني عن ذلك ما لقيه المطعم الجديد من رواج كبير أنتج ربحا عظيما جدا. وكنت قد اطلعت على كتاب «سر النجاح » الذي نقله الى العربية الدكتور يعقوب صروف، فهاج في نفسي النشاط والحماسة بما سجل من تراجم بعض العظماء، ممن بلغوا ذروة المجد والنجاح بجدهم واجتهادهم واعتمادهم على أنفسهم، وفيهم ابن الحلاق والإسكافي والصانع والخادم..

وكنت كلما قرأت شيئا من ذلك، اهتاجت مشاعري، واستولى على الأرق فلم أجد سبيلا إلى النوم.. كما يتملكني الشعور بالأسى والأسف والانقباض، إذ أجد نفسي مقيدًا بالاستمرار في عملي البعيد عن العلم الذي أرغب في تحصيله، والمستقبل الذي أتوق إليه.